فريد: تحويل مصر إلى مركز عالمي للتمويل المتوافق مع الشريعة
يتطور القطاع المالي غير المصرفي، في مصر باستمرار ويشهد أدوات جديدة، كان منها الأدوات الإسلامية لتغطية احتياجات شريحة كبيرة من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في أدوات مالية إسلامية، مثل الصكوك، أو التمويل بالمرابحة أو المضاربة وغيرها من صيغ التمويل الإسلامي الأخرى.
شهد السوق المصرى الفترة السابقة حزمة من القرارات والاتفاقيات، لتعزيز نمو قطاع التمويل الإسلامى غير المصرفى، حيث توجه الجهات الحكومية اهتمامًا خاصًا بهذا القطاع، باعتباره رائدا يمكن استغلاله لتنويع مصادر التمويل لتخطى الأزمات الاقتصادية الحالية.
وتكمن أهمية قطاع التمويل الإسلامى غير المصرفى فى قدرته على تقديم خدمات تمويلية لشريحة واسعة من العملاء، ممن لديهم تخوفات من الخدمات التمويلية التقليدية، وبالتالى تحقيق أهم أهداف الشمول المالى، بالإضافة إلى ما يتمتع به القطاع من ضمانات لا تتواجد فى القطاع المالى التقليدى، الذى يعتمد على نسبة عالية من المخاطر.
وجاء الاهتمام فى صورة قرارت الهيئة العامة للرقابة المالية بخصوص الإصدار الأول للصكوك السيادية، وأول رخصة لمزاولة أنشطة التمويل الإسلامى متناهى الصغر، وتوسيع صلاحيات لجنة الرقابة الشرعية المركزية.
البلتاجى: القطاع واعد للغاية ويتمتع بفرص نمو كبيرة
ووفقًا للإحصائيات الدولية فإن حجم القطاع المالي الإسلامي عالميًا يمثل 3 تريليونات دولار موزعًا على مؤسسات مالية إسلامية يمتد نشاطها إلى أكثر من 72 دولة، ويتجاوز عدد المخاطبين بالخدمات المالية الإسلامية 1.8 مليار مسلم، ولكن بالنظر للدول صاحبة أكبر تعداد سكاني من المسلمين مثل باكستان وإندونسيا، فيستحوذ عدد المسلمين فيها علي نسبة تتجاوز 88% من العدد الإجمالي للسكان، ومع ذلك فإن نسبة مساهمة القطاع المالي الإسلامي لا تتجاوز 15% من القطاع المالي الإجمالي.
وقال محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهدف الأساسي للهيئة تحويل مصر إلى مركز عالمي للتمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وأشار فريد إلى أهمية الدور الذي تقوم به اللجنة المركزية في تعزيز وتطوير قدرة الأنشطة المالية غير المصرفية لإتاحة الأدوات والحلول المالية المبتكرة والمتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بما يتناسب مع زيادة الطلب العالمي على تلك المنتجات التمويلية والاستثمارية والتأمينية من قبل الأفراد المؤسسات واستهداف وزن نسبي أكبر مع الأنشطة المالية التقليدية المتطورة، وكذا تنمية وتنشيط قيد وتداول تلك المنتجات بسوق رأس المال.
وقال محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، إن قطاع التمويل الإسلامي غير المصرفى لديه فرص نمو كبيرة، وستشهد المرحلة القادمة توسعات أكثر فى هذا الاتجاه، مؤكدًا على أن الكثير من الشركات تجهز لإصدار صكوك إسلامية، ولكن يلزمها الفهم اللازم لآلياتها وكيفية التجهيز لها.
الشربيني: تحقيق الطفرة الكبرى في القطاع مرتبط بدعم المتجمعات الإسلامية
وأضاف أن الاهتمام بالقطاع بدأ من الناحية التشريعية من خلال قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بخصوص عرض المنتجات والمعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على الهيئة الشرعية المركزية لاعتمادها، بالإضافة إلى منح الهيئة أول رخصة تمويل إسلامى متناهى الصغر لشركة “مكسب” ثم “أمان” وبعدها العديد من الشركات، بالإضافة إلى القانون الخاص بإصدار الصكوك السيادية.
وتابع أن القطاع تتنوع خدماته لتشمل التمويلات متناهية الصغر وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتأمين التكافلى، بالإضافة إلى الصكوك، وغيرها، ليستهدف فئات واسعة من العملاء الحريصين على التعامل وفقًا للشريعة الإسلامية.
وأشار إلى أن أهمية القطاع تكمن فى استهدافه شريحة تنموية من العملاء، وهم أصحاب المشاريع وغيرهم ممن يقومون بأعمال إنتاجية ذات قيمة فعالة للمجتمع، فبالتالى فإن القطاع يعمل على جذب شريحة مهمة ومؤثرة من الشعب.
وقال إن أهم التحديات التى تواجه القطاع تكمن فى حداثته وعدم توافر الفهم اللازم لهذه النوعية من الخدمات، لذلك يجب أن تتوفر التدريبات المهنية للكوادر المختصة لتفهم الفرق بين قطاع التمويل الإسلامى، وقطاع التمويل التقليدي، بجانب تطوير وتنويع منتجات القطاع المختلفة.
التكنولوجيا سيكون لها دور هام في تطوير المنتجات
وقال أحمد الشربينى، الشريك المؤسس لـ«آجل»، المنصة الرقمية الأولى فى مصر لتقديم خدمات المرابحة التجارية المتوافرة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إنه يمكن تحقيق نمو غير مسبوق فى قطاع التمويل الإسلامى فى حال تواجد توعية صحيحة ودعم من المجتمعات الإسلامية، ليس فقط من الجهات الحكومية والإدارية، بل ومن أعضاء المجتمع أيضا.
وأضاف أن المجتمع الإسلامي يمثل أكثر من 50% من التعداد السكاني العالمي لمن هم دون الـ43 سنة وهي الفئة التي تتمتع بقدر عالي من القدرات التكنولوجية والتي تظهر في عدد مستخدمي الانترنت و الهواتف الذكية في إتمام معاملاتهم اليومية، ولذلك فإن التكنولوجيا المالية الإسلامية سيكون لها دور هام في جذب و إيصال الخدمات المالية الإسلامية للراغبين فيها وهذا مع الاحتفاظ بدور توعوي لنشر ثقافة الخدمات المالية الإسلامية و مميزاتها.
وأشار إلى أن مبادئ القطاع المالي الإسلامي تحتوي علي بعد أخلاقي ومجتمعي أكثر منه ديني، والذي يتضح من خلال توافقه مع الأهداف التنموية و المجتمعية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، كما يتضح ذلك باهتمام دولة كالمملكة المتحدة بقطاع التمويل الإسلامى، والتي تمثل مساهمة القطاع فيها مستويات مرتفعة عن الدول الإسلامية.
وتابع أنه يجب علي الجهات التشريعية أن تصدر عددًا من التعديلات التشريعية لضمان تمكين المؤسسات المالية، الراغبة في تقديم خدمات مالية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، من إتاحة خدمات مستحدثة تواكب تطورات السوق، وتتمثل أبرزها فى الهيئة العامة للرقابة المالية بصفتها الجهة الادارية المنوط بها تنظيم القطاع ، وقد أدركت الهيئة أهمية هذا القطاع من خلال بعض التشريعات الخاصة، والتي يعد أهمها التنظيم الخاص بإصدار الصكوك.
وأكد أن القطاع يعانى من مجموعة من التحديات؛ أهمها غياب التوعية الكافية، بالإضافة إلى عدم تطوير التشريعات الاقتصادية في أكثر من سياق، فهناك تعديلات لازمة لتوفير مناخ ملائم للخدمات المالية الاسلامية وأخري خاصة بدمج التكنولوجيا المالية لتحسين مستوى الخدمات المالية المقدمة بشكل عام، بجانب النقص فى الكوادر، ولكنه منطقي بالنسبة لمحدودية السوق.
ومنحت الهيئة العامة للرقابة المالية رخصة مزاولة النشاط رقم 23 لسنة 2023 ، لمصرف «أبوظبي الإسلامي» لإطلاق شركته للتمويل متناهي الصغر، والأولى من نوعها لتقديم مختلف الخدمات التمويلية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية في سوق التمويلات المتناهية الصغر.
وكانت الرقابة قد أصدرت، أغسطس 2022، أول ترخيص لمؤسسة مالية لتمويل المشروعات متناهية الصغر بالقطاع المالي غير المصرفي وفق صيغ التمويل الإسلامي، معتمدة على نظام “الوكالة بالاستثمار” إحدى آليات التمويل الإسلامى، والذى تم منحه لشركة “المصرية للتمويل متناهي الصغر -مكسب”.
وقامت هيئة الرقابة المالية بإعادة تشكيل لجنة الرقابة الشرعية المركزية بالهيئة، وزيادة صلاحيتها، لتوسيع نطاق عملها ليشمل اعتماد إصدارات جميع المنتجات المالية غير المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ووضع الأطر والأحكام العامة لإصدارات الصكوك والأدوات والعقود والمنتجات المالية غير المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لضمان سيرها على معايير الشريعة الإسلامية.
وطرحت وزارة المالية ، في فبرايرالماضي، صكوكا سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار، بسعر فائدة بلغ قدره 11%، بهدف الحصول على مصدر تمويل سداد الديون المستحقة على الدولة، ولتكون الخطوة الأولى فى برنامج الصكوك الدولى الذى سجلته الدولة فى بورصة لندن بقيمة 5 مليارات دولار، ولجأت الحكومة للصكوك الإسلامية بدلا من السندات التقليدية لجذب فئة المستثمرين الذين يفضلون المعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، خاصة فى دول الخليج وآسيا.
كتبت: مرام أشرف