لا يمكن أن يكون تخفيض قيمة العملة فى حد ذاته حلاً كاملاً لمشاكل كبيرة
سعر الصرف الرسمى القوى بشكل مصطنع لا يحل المشاكل
قالت ورقة بحثية صادرة عن صندوق النقد، إن الحكومات قد لا ترغب فى الانتقال إلى سعر صرف موحد، إذ أنه قد يُنظر إلى أسعار الصرف الرسمية المتعددة على أنها طريقة لتقديم إعانات تفاضلية للقطاعات الحرجة، أو الضعيفة من الاقتصاد، وفرض ضرائب فعالة على المصدرين، والمتلقين الآخرين للعملات الأجنبية من التحويلات، رغم أن تأثير مثل هذه الضريبة يميل إلى تقليل الضريبة من خلال الإضرار بقدرة الاقتصاد على التصدير، ويؤدى إلى تهرب كبير.
أضافت أن المشاكل فى تقييم التكلفة الحقيقية لمثل هذا الدعم، والصعوبات فى استهدافها، والأهم من ذلك، القابلية لإساءة استخدام الفرص، تشير إلى أن هذا ليس نهجًا فعالاً.
وذكرت أن سعر الصرف المتعدد يمكن أن يجلب منافع بالفعل، بما فى ذلك استقرار توقعات التضخم ودعم الاستقرار المالى، ولكن تقديم فوائد حقيقية، سيكون بوجود سعر صرف سعر يكون فيه المشاركين فى الاقتصاد راغبين وقادرين على التعامل، سواءً فى البيع أو الشراء.
أوضح أنه حال عدم توافر سيولة بالعملة الأجنبية بهذا السعر فقد تكون الفوائد وهمية، وقد تؤدى حالات عدم اليقين إلى نتائج عكسية.
أضاف أن البنوك المركزية ووزارات المالية قد تحجم عن إجراء تحرك “ضرورى” لسعر الصرف بسبب المخاوف بشأن عملية التحول وتأثيرها.
تابعت: “رغم أنه قد يعرفون ما يريدون تحقيقه، وهو وجود سوق عملات أجنبية فعال ومستدام يخدم احتياجات الاقتصاد، لكنهم لا يقومون بهذه الخطوة بسبب الافتقار إلى الوضوح بشأن المسار إلى هذا الهدف”.
اقرأ أيضا: كيف يرى صندوق النقد تجربة مصر فى إصلاح سعر الصرف خلال 2016؟
أوضح البحث أن الحكومات قد تكون قلقة من أن الانتقال سيكون متقلبًا لدرجة أن الاعتبارات الاجتماعية أوالسياسية ستعرقل هذه الخطوة قبل أن تتمكن من تحقيق الفوائد المرجوة.
أضاف أن الحكومة لن تكون متيقنة من التأثير على صافى الميزانية، إذ يعتمد ذلك على حاجة الحكومة للعملات الأجنبية (بما فى ذلك خدمة الديون)؛ وما إذا كانت السلع المستوردة -عادةً الوقود وبعض المواد الغذائية- مدعومة من الحكومة.
وقال إن السلطات بحاجة إلى النظر فيما إذا كانت البنوك وغيرها من الوسطاء الماليين منكشفين على مخاطر سعر العملة بشكل كبير، سواء بشكل غير مباشر، لأن بعض العملاء اقترضوا بالعملات الأجنبية، ولم يتحوطوا جيدًا، أو بشكل مباشر حال اقترضوا هم.
أضاف أن الحكومات يجب أن تراعى التأثير على أى دين رسمى مقوم بالعملات الأجنبية، ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار التأثير على الميزانية، وأيضًا على القطاعات الضعيفة من السكان.
وأشار إلى أنه من الناحية العملية، غالبًا ما تحصل الفئات الأكثر ضعفًا فى المجتمع على فائدة قليلة أو لا تحصل على فائدة من سعر الصرف المبالغ فيه والإعانات الحكومية، ولذلك ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار شبكة أمان مناسبة لحماية الأكثر ضعفًا “بافتراض أنهم استفادوا فى الواقع من سعر الصرف الرسمى المبالغ فيه”.
اقرأ أيضا: كيف يشوه سعر الصرف الموازى النشاط الاقتصادى؟
وقال إنه خلال الانتقال إلى سعر صرف متوازن، فإن إدارة عملية التحول أمرًا مهمًا، وسيكون الأمر أكثر سلاسة، مع خفض عدم اليقين الانتقالى إلى الحد الذى تكون فيه السياسات المالية والنقدية داعمة بشكل واضح، ويتم إبلاغ هذه الخطوة بشكل جيد لكل من الأسواق المالية، والجمهور بشكل عام.
أضاف: “لكن سعر الصرف لن يستقر – سواء بالقيمة الاسمية أو الحقيقية – ما لم تتم معالجة الأسباب الكامنة وراء ضعف سعر الصرف”.
وذكر أنه يجب النظر إلى سياسة سعر الصرف ضمن السياق الأوسع، ولا يمكن أن يكون تخفيض قيمة العملة فى حد ذاته حلاً كاملاً لمشاكل أوسع نطاقاً؛ لكن سعر الصرف الرسمى القوى بشكل مصطنع لا يحل المشاكل أيضًا.
وقال إن سياسة تخفيض قيمة العملة فى حد ذاتها لن تقلل من المخاطر على المدى الطويل ما لم يسبقها أو يصاحبها تعديل مالى جاد، فإذا استمر تحقيق عجز مالى كبير، تكون المصداقية منخفضة، وبالتالى فإن سياسات التخفيض الصارمة لقيمة العملة وتحرير التجارة التى تهدف إلى توحيد أسعار الصرف، ستؤدى إلى مخاطر المضاربة على مزيد من التخفيضات فى قيمة العملة.