الدول الأفريقية كانت الأكثر عرضة لمخاطر سعر الصرف آخر 10 سنوات
قالت ورقة بحثية صادرة عن صندوق النقد الدولى، إن انخفاض سعر الصرف فى السوق الموازى بشكل مستمر، مختلف كل الاختلاف عن سعر الصرف المربوط أو المُدار بإحكام، ولكنه قد يحتاج إلى تعديل قيمة العملة من حين لآخر.
أضافت أن فى الحالة الأولى، كثيراً ما يكون الاقتصاد الحقيقى قد اتخذ هذه الخطوة بالفعل، ويتوقع السوق أن يلحق البنك المركزى بالركب فى مرحلة ما، وذلك سيعكس مستوى الأسعار فى الاقتصاد بفعل سعر السوق الموازى.
وفى الحالة الثانية، قد لا يتوقع السوق أى تحرك على الإطلاق، وبالتالى من غير المرجح أن يكون مستعدًا، لذا يُتوقع معه الانعكاس على مستوى الأسعار.
وأشارت إلى أنه فى دراسات الحالة التى جمعها تتوفر سلسلة زمنية جيدة لسعر السوق الموازية لعدد قليل من البلدان.
وذكر البحث أنه خلال آخر 10 سنوات، كانت الدول الأفريقية الأكثر عرضة لتغيرات سعر الصرف، وأن التركيز الجغرافى لحدوث أسواق موازية للعملات الأجنبية تحول من أمريكا اللاتينية، حيث كانت سائدة فى الثمانينيات والتسعينيات بسبب تحديات ميزان المدفوعات.
وقال إنه مؤخراً، ظهرت السوق الموازية فى العديد من البلدان المصدرة للسلع الأساسية التى تعانى من صدمات معدلات التبادل التجارى.
وأشار إلى أنه بينما يكون تعديل سعر الصرف فى بعض الحالات سريعًا ويمكن تحديده بسهولة، على سبيل المثال، كما حدث فى ميانمار خلال مارس 2012، لكن فى حالات أخرى تكون تواريخ البدء والانتهاء أقل وضوحًا.
ونوه إلى أنه فى كثير من الحالات يتم إجراء التعديل خلال فترة قصيرة ما بين يوم واحد أو بشكل تدريجى على بضعة أشهر، ولكن فى حالات أخرى يكون التعديل طويلًا ويستغرق سنوات.
وقد تنطوى التعديلات المطولة على تغيير فى السياسة، فقد يحاول البنك المركزى السيطرة على سعر الصرف المنخفض لفترة من الوقت مع السماح للسوق الموازية بالتطور، ثم الانتقال بعد ذلك إلى نهج أكثر اعتمادا على السوق.
ويقترح البعض سياسة طويلة الأجل لتحقيق استقرار سعر الصرف الحقيقى الفعًال، ولكن فى المدى القصير، يتخلل فترات استقرار أسعار الصرف الأسمية تعديلات حادة، كما حدث فى غانا، وملاوى، وميانمار بعد عام 2012، وطاجيكستان.
وذكر أن بعض الدول لا تكتفى بتعديل واحد لقيمة العملة، وتتبعه بتغيير أكبر وأكثر استدامة لسعر الصرف بعد عام تقريبًا (أذربيجان، وكازاخستان، وأوزبكستان).
اقرأ أيضا: كيف يرى صندوق النقد تجربة مصر فى إصلاح سعر الصرف خلال 2016؟
وأشار إلى أن درجة التحفيز المالى وتسييل عجز الموازنة أمران وثيقا الصلة بسعر الصرف، ومن الصعب قياسهما كمياً فى سلسلة زمنية لجميع البلدان المعنية.
وذكر أنهم أخذوا فى الاعتبار، حيثما أمكن، المستوى والتغيرات فى صافى تمويلات البنك المركزى للحكومة، وحجم عجز الموازنة، والتغيرات فيه كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى.
وفى معظم الحالات، نعرف ما إذا كان السياق المالى داعمًا و/أو تغير أثناء عملية تعديل سعر الصرف أو بعدها.
سعر الصرف لن يدخل موجة السقوط الحر إذا كانت السياسات مناسبة
وقال إن هناك العديد من البلدان التى يزيد فيها سعر صرف السوق الموازية عن السعر الرسمى بنحو 25%، وتشمل الجزائر، والأرجنتين، وبوروندى، وإثيوبيا، ولبنان، ونيجيريا، والسودان، وجنوب السودان، وفنزويلا.
وذكر أنه عندما يُسمح لسعر الصرف الرسمى بالانتقال إلى مستوى التوازن فى السوق، فإنه لا يدخل فى حالة سقوط حر، إلا إذا كان سعر التوازن نفسه فى حالة سقوط حر بالفعل، ولم يتم تعديل السياسات الكلية بشكل مناسب، وتقدم الأرجنتين وزيمبابوى ولبنان أمثلة حديثة لأسعار السوق الموازية سريعة الحركة.
وقال إنه إذا استمرت العوامل التى تسببت فى الضغط على سعر الصرف، فمن المتوقع أن يستمر سعر الصرف فى التراجع، والحالة القصوى هى تجربة زيمبابوى حتى عام 2019، حيث أدى الفشل فى السماح للسعر الرسمى بالانتقال إلى مستوى توازن العرض والطلب، واستمرار طباعة النقود لتمويل عجز الموازنة فى النصف الأول من العام، إلى استمرار انخفاض سعر صرف التوازن.
ورجح أن يكون سعر السوق الموازى مؤشرا معقولًا لسعر توازن السوق فى وقت معين، لا سيما إذا كان سوق العملات الأجنبية الموازى راسخًا والسعر معروف جيدًا.
وذكر أن السياق أمر بالغ الأهمية، لأن تشديد السياسة النقدية، فى وقت تعديل سعر العملة مهم لمساعدة السوق على الاستقرار؛ كما أن السياسة المالية الداعمة ضرورية لتحقيق الاستقرار.
وقال إنه لا بد من الإعلان عن سياسة جديدة للتدخل فى سعر الصرف، بما فى ذلك عدم وجود أى سياسة، إذا كان السعر ليس مُدارًا.
أضاف أن مخاطر أن يصبح سعر التوازن مُبالغًا فيه، إذا ما أعلن البنك المركزى خطة لتشديد السياسة النقدية، وهو ما تتوقع السوق أن تضغط عليه بمجرد اقتراب سعر الصرف من مستوى التوازن.
البنوك الخاصة هى التى تستفيد من تراجع العملة.. و الحكومية تواجه الضغوط
وقد لا يؤدى رفع أسعار الفائدة إلى تغيير استجابة السوق عندما يتحرك سعر الصرف بسرعة، أو عندما يكون من المتوقع أن يتحرك، وفى مثل هذه المواقف، سيكون السوق قلقًا بشأن تكلفة الفرصة البديلة لبيع العملات الأجنبية والاحتفاظ بالعملة المحلية.
وقال إن معدل التضخم المحلى فى هذه المرحلة يكون تأثيره ثانوى، لكنه يمكن أن يعطى إشارة واضحة للسوق بأن البنك المركزى سيتبع موقفًا متشددًا فى السياسة النقدية، وأن يتجاوز معدل الفائدة مستويات التضخم المتوقعة فى المستقبل، إن يؤثر على سلوك المشاركين فى الاقتصاد.
أضاف أنه إذا تم الإعلان عن سياسات أكثر صرامة قبل أو أثناء وليس بعد مرحلة التعديل، فمن المفترض أن تهدأ التوقعات المستقبلية للعملة بشكل أسرع، ما يسمح لأسعار الفائدة بالعودة لمستوياتها الطبيعية بسرعة أكبر عند مستويات مستدامة.
وقال إنه إذا تفاجأت البنوك وعملائها، فقد يواجهون خسائر، لكن وجود سعر السوق الموازى فى حد ذاته يشير إلى أن السوق تتوقع انخفاضًا.
أضاف أنه من الناحية العملية، تميل البنوك إلى الاستفادة من انخفاض قيمة العملة، وعادة ما يضع المشاركون فى الاقتصاد الذين يتوقعون قدرًا من انخفاض سعر الصرف، خططًا للاستفادة، لكن البنوك الحكومية ربما تتعرض لضغوط، لأسباب “سياسية”، وبالتالى قد تكون أكثر عرضة للخطر.
أضاف أنه فى مواجهة الضغوط المستمرة على أسعار الصرف، تتهم بعض السلطات الوكلاء الاقتصاديين بالعمل كمضاربين، وتحاول إجبارهم على العمل بسعر صرف مبالغ فيه.