التوترات في الشرق الأوسط عادةً ما تؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول.. والأمر لن يختلف هذه المرة
شنت حركة حماس، السبت الماضي، أكبر هجوم عسكري على إسرائيل منذ عقود، مما أثر على أسهم الشركات العالمية، بما فيها شركات صناعة الرقائق ومقدمي البرمجيات، و أعرب المستثمرون عن قلقهم من احتمالية تصاعد الصراع.
أثار هذا الهجوم مخاوف جديدة بشأن المخاطر الجيوسياسية، في حين كانت أسواق المال العالمية تتصارع بالفعل مع تأثير ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ الاقتصاد الصيني.
كما ارتفعت أسعار البترول ، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأمريكية، حسب ما نقلته وكالة أنباء “بلومبرج”.
عن ذلك، قال مدير الصندوق في شركة “ستريتس إنفيستمنت هولدينجز”، مانيش بهارجافا، إن “الهجوم على إسرائيل يمكن أن يزيد من تقلبات الأسواق ويجعل المستثمرين أكثر عزوفًا عن المخاطرة على المدى القريب”.
وأضاف بهارجافا: “إذا اندلعت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتعطل إنتاج البترول أو شهد عمليات نقل، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار البترول بشكل كبير”.
في الوقت نفسه، لم تشهد مؤشرات الأسهم الإقليمية الواسعة في آسيا وأوروبا تغيرًا يذكر.
كما أغلقت الأسواق في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان للعطلة، فيما أوقف الإعصار “كوينو” عملية التداول في هونج كونج.
إليك بعض المؤشرات الهامة التي يمكن مراقبة تأثرها بالصراع بين قوات حماس والجيش الإسرائيلي:
آفاق الاقتصاد العالمي
ربما يكون اندلاع الصراع العسكري في الشرق الأوسط سببًا في معاناة محافظي البنوك المركزية من اتجاهات تضخمية جديدة، بجانب توجيه ضربة للثقة الاقتصادية في وقت كانوا يأملون فيه احتواء ارتفاع الأسعار الناجم عن الوباء والحرب الروسية الأوكرانية.
ربما يستغرق هذا التأثير بعض الوقت حتى يصبح واضحًا، وسيعتمد على مدة استمرار الصراع ومدى حدته، وما إذا كان سينتشر إلى أجزاء أخرى من المنطقة.
قال المدير العام لبنك التسويات الدولية، أجوستين كارستينز، إنه “من السابق لأوانه تحديد” ما هي التداعيات، بالرغم من أن أسواق البترول والأسهم شهدت تداعيات فورية.
لكن الحرب لديها القدرة على الأقل على إضافة مجموعة من القوى لا يمكن التنبؤ بها إلى الاقتصاد العالمي الذي كان يتباطأ بالفعل، وإلى الأسواق الأمريكية التي لا تزال تتكيف مع احتمالية إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول مما توقعه العديد من المستثمرين.
“المركزي الإسرائيلي” يبيع 30 مليار دولار من احتياطي العملات للحفاظ على استقرار “الشيكل”
بالنسبة للبنوك المركزية، هذا الصراع يشكل معضلة حول ما إذا كان من المحتمل أن يؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة، فالمنطقة ليست موطنًا لكبار منتجي البترول مثل إيران والسعودية فحسب، بل أيضًا لممرات الشحن الرئيسية عبر خليج السويس، أو يوجه ضربة للثقة التي تؤدي إلى تعثر الاقتصاد.
وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع أسعار الطاقة باعتباره خطرًا محتملاً على توقعاتهم لتخفيف التضخم تدريجيًا، وقالوا إنهم يشعرون أن الاقتصاد الأمريكي سيتجنب على الأرجح الركود وسط غياب نوع من الصدمات الخارجية غير المتوقعة.
البترول
رغم أن إسرائيل ليست منتجًا كبيرًا للبترول، لكن بقية المنطقة كذلك، بالتالي فإن الصراع يدفع أسعار البترول والأسهم المرتبطة به إلى الارتفاع.
لقد ارتفعت أسعار البترول بأكثر من 2% يوم الاثنين، إذ أثارت الاشتباكات العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس مخاوف من صراع أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط، حسب ما نقلته وكالة أنباء “رويترز”.
وبحلول الساعة 8:59 بتوقيت جرينتش، ارتفع خام برنت بمقدار 2.28 دولار، أي ما يعادل 2.7%، إلى 86.86 دولار للبرميل، في حين بلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 85.23 دولار للبرميل، مرتفعًا بمقدار 2.44 دولار أو ما يقرب من 3%، وارتفع الخامان القياسيان أكثر من 4 دولارات للبرميل في وقت سابق من الجلسة.
جاء الارتفاع في أسعار البترول كانعكاس للاتجاه الهبوطي المسجل خلال الأسبوع الماضي، والذي كان أكبر انخفاض أسبوعي منذ مارس، حيث انخفض خام برنت بنحو 11%، وتراجع خام غرب تكساس الوسيط أكثر من 8% حيث أدت توقعات الاقتصاد الكلي القاتمة إلى تكثيف المخاوف بشأن الطلب العالمي.
عن ذلك، قال تاماس فارجا، المحلل لدى شركة وساطة البترول “بي في إم”، إن التوازن الأساسي بين العرض والطلب لم يتأثر، لكن “أي ارتفاع في مستوى التوترات في الشرق الأوسط يؤدي عادة إلى زيادة أسعار البترول، والأمر لن يختلف هذه المرة”.
كما طرح محللو “سيتي جروب” سؤالاً مفاده “إلى متى سيستمر هذا الارتفاع في أسعار البترول؟”.
إيران
ثمة أيضًا تساؤلات حول ما إذا كانت إيران ستتورط في هذا الصراع، فقد قال محلل الطاقة شاول كافونيك “إذا حاصر الصراع إيران، فإن ما يصل إلى 3% من إمدادات البترول العالمية ستتعرض للخطر.. وإذا أصبح الصراع أوسع نطاقًا وأثر في النهاية على العبور عبر مضيق هرمز، فقد يصبح نحو 20% من إمدادات البترول العالمية رهينة”.
الذهب ملاذ آمن
ارتفع الذهب بما يصل إلى 1.2% ،يوم الاثنين ، وسط زيادة الطلب على الملاذ الآمن، ومعاستعداد أسواق المال لمواجهة رياحًا معاكسة وتقلبات ناجمة عن تصاعد التوترات في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل.
تعليقًا على الأمر، قال المحلل لدى شركة أبحاث السوق “فات بروفيتس”، ديفيد لينوكس، إن الهجوم المفاجئ على إسرائيل عزز أسعار الذهب بنسبة صغيرة، لكن المكاسب الأكبر لن تتحقق إلا إذا كان هناك تصعيد أكبر بكثير في كافة أنحاء المنطقة.
بدأ الذهب في الارتفاع الجمعة الماضية بعد أن اقترب من أدنى مستوى له منذ مارس خلال الأسبوع الماضي، عندما تأثر بأقوال تفيد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبقي السياسة النقدية متشددة.
انقلب مديرو صناديق التحوط الذين يتداولون العقود الآجلة لبورصة كومكس نحو تحقيق عمليات بيع صافية لأول مرة منذ 11 شهرًا، بينما واصل المستثمرون في الصناديق المتداولة في البورصة بيع المعدن النفيس.
كذلك، قالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق لدى شركة “فيليب نوفا بي تي إي”، إن الأزمة الجيوسياسية المتصاعدة في إسرائيل أثارت حالة من الذعر في الطلب على شراء الذهب باعتباره ملاذ آمن.
وأوضحت أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية والدولار الأمريكي لا يزالان يتخذان “مسارًا تصاعديًا على خلفية مرونة الاقتصاد الأمريكي وسيستمران في الحد من الاتجاه الصعودي في السبائك المقومة بالدولار والتي لا تحقق أي عوائد”.
التكنولوجيا
تراجعت أسهم شركات أشباه الموصلات، مثل “إنفيديا” و “أبلايد ماتيريالز”، أثناء عمليات تداول ما قبل السوق وسط مخاوف بشأن التأثير المحتمل على خطط “إنتل”.
وربما تتأثر شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات وشركة “سامسونج إلكترونيكس” أيضًا عند استئناف التداول.
وافقت شركة “إنتل” في يونيو على تشييد مصنع جديد في إسرائيل، كجزء من حملة الشركة ونظيراتها لتنويع مصادر إنتاجها، وقدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قيمة الصفقة آنذاك بنحو 25 مليار دولار.
كذلك، سيتم التركيز على شركة “داتا دوج” وأسهم الأمن السيبراني الأخرى نظرًا للتأثير المحتمل على شركة “شيك بوينت سوفت وير تكنولوجيز”، ومقرها تل أبيب، حيث انخفض سهم الشركة المُدرج في الولايات المتحدة بنسبة 4.4% في تداولات ما قبل السوق.
وتراجعت أسهم مصدري البرمجيات الهنود الذين يملكون عمليات في إسرائيل، بما في ذلك شركة “إنفوسيس” و “تيك ماهيندرا” و “ويبرو”، بأقل من 0.5%.
الشيكل الإسرائيلي
أعلن البنك المركزي الإسرائيلي يوم الاثنين، اعتزامه بيع ما يصل إلى 30 مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية في السوق المفتوحة، وهي أول عملية بيع للنقد الأجنبي على الإطلاق يطلقها البنك المركزي، وذلك للحفاظ على استقرار عملة الشيكل الإسرائيلي خلال فترة الصراع مع القوات الفلسطينية.
تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي انخفض فيه الشيكل بنسبة 2.2% مقابل الدولار إلى 3.924، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2016، بعد إعلان القصف على إسرائيل ثم استقر.
وقال البنك المركزي الإسرائيلي في بيان: “سنعمل في السوق خلال الفترة المقبلة من أجل تخفيف التقلبات في سعر صرف الشيكل وتوفير السيولة اللازمة لاستمرار عمل الأسواق”.
كان الشيكل عند مستويات منخفضة بالفعل، حيث انخفض بنسبة 10% مقابل الدولار الأمريكي حتى الآن في عام 2023، ويرجع ذلك جزئيًا إلى خطة الإصلاح القضائي التي وضعتها الحكومة والتي قلصت بشكل حاد الاستثمار الأجنبي.
إغلاق حقل غاز رئيسي تابع لـ”شيفرون”
أمرت إسرائيل بإغلاق حقل غاز رئيسي تديره شركة “شيفرون” وسط مخاوف تتعلق بالسلامة بعد اندلاع أعمال العنف في نهاية الأسبوع.
قالت “شيفرون” في بيان عبر البريد الإلكتروني: “سلامة موظفينا والمجتمعات التي نعمل فيها والبيئة ومنشآتنا هي أولويتنا القصوى”، موضحة أنها لا تزال تزود العملاء في إسرائيل والمنطقة من مشروع كبير آخر يسمى ليفياثان.






