أدى تثبيت أسعار الكهرباء لتعقيد عملية فض التشابكات المالية بين وزارتى البترول والكهرباء، خاصة مع ارتفاع مسحوبات الأخيرة من المواد البترولية خلال موسم الصيف لتلبية زيادة الاستهلاك.
ذكرت وثيقة حكومية حصلت عليها “البورصة” أن تكلفة دعم الكهرباء التى تتحملها الدولة تبلغ نحو 79.8 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، مدفوعة بتأجيل الأسعار وزيادة سعر صرف الدولار من نحو 16 جنيها إلى 30.8 جنيه.
وبحسب الوثيقة فإن تأجيل رفع الأسعار كلف الخزانة نحو 4.1 مليار جنيه خلال العام المالى الماضى، وتم مد التأجيل لمدة ستة أشهر تنتهى فى نهاية ديسمبر المقبل.
وقالت مصادر لـ”البورصة” إن هناك اتفاقا سابقا قبل قرار تثبيت أسعار الكهرباء حتى شهر يناير المقبل، كان يقضى بزيادة مدفوعات وزارة الكهرباء الشهرية إلى وزارة البترول بنحو 2.5 مليار جنيه، ولكن هذا لم يتحقق بسبب عدم تحريك أسعار الكهرباء.
وقدر مسئول حكومى رفيع المستوى لـ”البورصة” أن مديونيات “الكهرباء” لصالح “البترول” قد ارتفعت إلى 160 مليار جنيه بزيادة تصل إلى 20 مليار جنيه، بفعل ارتفاع الكميات المسحوبة من الغاز والمازوت.
وكشف أشرف عبدالله أحمد، ممثل الهيئة العامة للبترول، ومساعد الوزير للشئون المالية، خلال اجتماع لجنة الطاقة بالبرلمان فى مايو الماضى أن مديونية وزارة الكهرباء بلغت 143 مليار جنيه حينها.
وبحسب مصادر بوزارة الكهرباء تحدثت سابقا لـ”البورصة”، فإن المبالغ التى تدفعها الشركة القابضة للكهرباء شهريا إلى وزارة البترول من مسحوبات الوقود اللازم لمحطات الوقود تتراوح بين 800 مليون جنيه إلى 1.3 مليار جنيه.
أضافت المصادر أن هذه المبالغ ليست القيمة الكاملة للمسحوبات ولكنها جزء منها، وهذا يفاقم من مديونية الكهرباء المتراكمة عليها.
وقالت إنه طوال السنوات الماضية كانت هناك فجوة كبيرة بين سعر إنتاج وبيع الكهرباء خاصة أن الكهرباء تعتمد على قرابة 85% من احتياجاتها على المحطات العاملة بالوقود التقليدى، مما استدعى الدولة للتدخل وإقرار برنامج هيكلة لأسعار الكهرباء ورفع الدعم تدريجياً عن أسعار الكهرباء.
وعقد مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى يونيو 2022 اجتماعا، لاستكمال متابعة خطوات فض التشابكات الحكومية وسداد المستحقات المالية البينية بين الوزارات.
بينما شرح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة خطوات جدولة المستحقات المطلوبة لوزارة البترول، وخطوات السداد، مؤكدا الالتزام بسداد المستحقات وفقا لخطة الجدولة منذ عام 2019، مشيرا إلى أن الوزارة لديها أيضا مستحقات لدى عدد من الجهات، تسعى لتحصيلها، بهدف سداد ما عليها من التزامات.
وخلال الاجتماع، قال وزير المالية، إنه سيتم عقد اجتماعات مع مسئولى وزارة الكهرباء؛ لتدقيق المديونية المستحقة لها على الجهات الحكومية، وسوف تتولى وزارة المالية عمل مقاصة لهذه المستحقات مع وزارة البترول فيما يتعلق بمستحقاتها لدى وزارة الكهرباء.
واستعرض الوزير الجهود المبذولة لفض التشابكات الحكومية، واستيفاء المستحقات، مُشيرا إلى أنه فى 30 يونيو 2018، بلغت مستحقات وزارة البترول لدى وزارة المالية نحو 334 مليار جنيه، بينما انخفضت الآن إلى 51 مليار جنيه بعد جهود مضنية بُذلت فى هذا الشأن.
كانت الحكومة قررت فى نوفمبر 2012، فض الاشتباك بين وزارتى البترول والكهرباء حول المديونيات المستحقة على الأخيرة، بحيث تتحمل وزارة الكهرباء تكلفة الغاز المستخدم فى توليد الكهرباء بسعر 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية، مقارنة بسعر 18 سنتًا سابقا، على أن تُحصل فروق الأسعار من وزارة المالية مباشرة، ثم رفعت الحكومة خلال يوليو الماضى أسعار الغاز الطبيعى المورد لمحطات الكهرباء لتصل إلى 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، كما رفعت أسعار المازوت للمحطات لتصل إلى 2300 جنيه للطن.
ورغم محاولات فض التشابكات بين وزارات المالية والبترول والكهرباء، لا تزال الأخيرة تسدد جزءا ضئيلا من فاتورة إمدادها بالمواد البترولية، تتراوح بين 30% و40%، حيث تحصل على كميات من الوقود بقيمة تصل إلى 7.5 مليار جنيه شهريا، فى حين تسدد نحو 3 مليارات فقط.