كان تطوير الهند نظام مدفوعات رقمي فائق السرعة، وتبني الخدمات المصرفية الإلكترونية في العقد السابق سببا في جعلها في طليعة خدمات الشمول المالي القائم على التكنولوجيا.
لكن التقدم السريع أيضا جعل وكالات إنفاذ القانون تعاني لمواكبة التقدم، والجهات التنظيمية تسارع لتحسين التوعية المالية.
وتشير أحدث البيانات إلى أن أكثر من 60% من الجرائم الإلكترونية المسجلة في 2021 والتي بلغت نحو 53 ألف جريمة ، كانت عبارة عن عمليات احتيال، وفقا للمكتب الوطني لسجلات الجرائم.
لكن المستوى الحقيقي ربما يكون أعلى بكثير، خصوصا أنه لا يتم الإبلاغ عن العديد من عمليات الاحتيال الصغيرة.
صنف بنك الاحتياطي الهندي ما يقرب من نصف عمليات الاحتيال المرتكبة، والتي تضمنت 100 ألف روبية هندية (أي ما يعادل 1200 دولار) أو أكثر في العام المالي الأخير، ضمن عمليات احتيال “البطاقات/الإنترنت”، ارتفاعًا من أعلى بقليل من الثلث في 2020-2021.
أطلقت واجهة المدفوعات الموحدة في الهند في 2016، والتي مكنت التحويلات المالية الفورية للأفراد والشركات.
كما سجلت هذه الأداة ذات الشعبية الكبيرة أكثر من 10 مليارات معاملة خلال أغسطس الماضي فقط واستخدمت على نطاق واسع المدفوعات الصغيرة للباعة في الشوارع أو الأصدقاء مثلاً.
كذلك، اكتسبت الخدمات المصرفية الرقمية زخمًا أيضًا، خصوصا بعد سحب حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بشكل مفاجئ بعض الأوراق النقدية من التداول في 2016، ما أجبر الكثيرين على فتح حسابات ليستطيعوا إيداع ما سيصبح نقدًا بلا قيمة قريبًا.
في ظل نمو واجهة المدفوعات الموحدة والمصرفية الرقمية، نما الاحتيال الإلكتروني كذلك.
عن ذلك، تقول إيمي ألام، المديرة التنفيذية لحملة التوعية المالية والشمول لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن “نمو تكنولوجيا المدفوعات الرقمية حول العالم يعد أداة قوية لتحقيق قدر أكبر من الشمول المالي، لكن يأتي معه زيادة انكشاف على أشكال غير تقليدية من الاحتيال والسرقة”.
وتابعت: “كلما زاد وعي الناس بالمخاطر، أصبح باستطاعتهم حماية أنفسهم بشكل أفضل”.
رغم أن البنك المركزي الهندي قلل من شأن مخاطر الاحتيال لكونها تتضمن مبالغ ضئيلة أو عدد قليل من المعاملات، فإن وعي العملاء غير الكافي هو عامل مساهم أساسي يتيح الاحتيال الرقمي.
يعد الأشخاص الأكبر سنًا أو الذين يعيشون في المناطق الريفية تركيزًا خاصا للجهود التثقيفية.
يشير آخر استطلاع أجراه المركز الوطني للتوعية المالية عن التثقيف المالي في أنحاء البلاد في 2019 إن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18-29 عامًا هم أكثر مجموعة تملك معرفة مالية، علمًا بأن المشاركين من المدن سجلوا نتائج أفضل من نظرائهم في الريف.
إضافة إلى تشديد المتطلبات التنظيمية على أنظمة المدفوعات لدى البنوك، أطلق البنك المركزي عدة حملات توعية عامة متعددة القنوات، وقدم تدريبًا ماليًا رقميًا للجميع، كما يقيم أسبوعًا سنويًا للتثقيف المالي والذي عقد هذا العام تحت شعار “السلوك المالي الجيد هو ما سينقذك!”.
يذكر أيضًا أن بنك “أي سي أي سي أي” يعد واحدًا من المقرضين التجاريين الذين أطلقوا حملات عبر مقاطع فيديو وبعضها تتضمن ممثلين من بوليوود للتوعية بشأن السرقة الرقمية.