تتزايد حالات إفلاس الشركات بمعدلات تتجاوز 10% في معظم الاقتصادات المتقدمة، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض وإلغاء الحكومات تدابير “كوفيد” اللازمة لدعم الشركات البالغ قيمتها مليارات الدولارات.
بعد عقد من التراجع، ارتفع عدد حالات إفلاس الشركات الأمريكية بنسبة 30% في الأشهر الـ12 حتى سبتمبر، مقارنة بالفترة نفسها من 2022، وفقًا لبيانات المحاكم.
أعلنت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ارتفاع حالات الإفلاس 25% بين شهري يناير وسبتمبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
في جميع أنحاء الكتلة، ارتفعت حالات تعثر الشركات 13% على أساس سنوي في الأشهر التسعة حتى سبتمبر لتبلغ أعلى مستوياتها منذ 8 أعوام، وفقًا لـ”يوروستات”.
قال كبير الاقتصاديين لدى “كابيتال إيكونوميكس” ، نيل شيرينج، إن أسعار الفائدة المرتفعة، بجانب انهيار شركات الزومبي التي صمدت بسبب دعم الحكومة في كوفيد، عززت هذا الاتجاه.
أشار شيرينج، إلى تكلفة خدمة الديون وتراجع دعم الوباء، فضلاً عن ارتفاع فواتير الطاقة، خصوصا في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وقال محللون إن الصناعات التي عانت أكثر من غيرها من ارتفاع معدلات الإعسار تشمل النقل والضيافة.
نجت الشركات من التراجع الحاد الناجم عن الجائحة بفضل برامج الدعم الحكومي الهائلة المقدمة للشركات والأسر ، والتي بلغت أكثر من 10 تريليونات دولار، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2020 والأربعة أشهر الأولى من 2021، لكن منذ ذلك الحين تم سحب الحزم بشكل كبير.
حذر شيرينج من أن الاتجاه يُتوقع أن يستمر، إذ سيتعين على كثير من الشركات إعادة تمويل الديون بأسعار فائدة أعلى في الأشهر المقبلة، حتى لو كان من المتوقع أن تصل ارتفاعات أسعار الفائدة في البنوك المركزية إلى ذروتها.
يقول المحللون إن ارتفاع حالات الإفلاس سيؤثر على نشاط الاقتصاد العالمي ونمو الوظائف في الأعوام القليلة المقبلة.
قالت سوزانة ستريتر، كبيرة محللي الاستثمار لدى شركة إدارة الأصول “هارجريفز لانسداون”، إنه بينما كان سبب الارتفاع يرجع جزئيًا إلى انهيار شركات الزومبي، فإن القلق يكمن في أن التشديد السريع في السياسة النقدية سيدفع مزيدًا من الشركات الناشئة الواعدة والشركات الصغيرة والمتوسطة من على الحافة .. الأمر الذي قد تكون له عواقب طويلة المدى على النمو .
تتوقع وكالة التصنيف الائتماني “موديز” استمرار معدل التخلف عن سداد سندات درجة المضاربة العالمي في الارتفاع في 2024 بعد أن وصل إلى 4.5% في الـ12 شهرًا حتى أكتوبر، وهو أعلى من المتوسط التاريخي البالغ 4.1%.
قال رئيس البحث والتحليلات في “موديز”،ديفيد هاميلتون، إن “الائتمان سيكون إما أكثر تكلفة مما كان عليه بشكل ملموس وإما ببساطة سيكون الحصول عليه أصعب”.
تتوقع شركة الخدمات المالية الألمانية “أليانز” ارتفاع معدلات نمو الإعسار العالمية إلى 10% العام المقبل، بعد أن ارتفعت 6% في 2023.
قال ماكسيم ليميرل، المحلل الرئيس لأبحاث الإعسار لدى “أليانز”: “نحن نراقب ارتفاع حالات إعسار الشركات في كل دول العالم تقريبًا”.
في فرنسا وهولندا واليابان، ارتفعت حالات الإفلاس أكثر من 30% على أساس سنوي في أكتوبر، وفقًا لمكاتب الإحصاء الوطنية.
ذكرت مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس، أن معدلات إفلاس الشركات في بعض الدول، ومنها دول الشمال الدنمارك والسويد وفنلندا، فاقت المستويات التي بلغتها أثناء الأزمة المالية العالمية في 2008-2009.
وفي إنجلترا وويلز، بلغت حالات الإعسار في الفترة من يناير حتى سبتمبر أعلى مستوياتها منذ 2009، وفقًا لهيئة خدمة الإعسار.
مع ذلك، قال المحللون إن إعانات الطاقة والإجراءات الأخرى ستساعد كثير من الشركات على الصمود، مما يعني أن ذروة حالات الإفلاس من غير المرجح أن تكون مرتفعة كما كانت في فترات ركود الشركات السابقة.
وأضاف المحللون أن أرقام الإفلاس لا تزال بسيطة حسب المعايير التاريخية في الاقتصادات الكبرى، ومنها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.