دفعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، المستثمرين إلى تكثيف الرهانات على الخفض المبكر لأسعار الفائدة هذا الأسبوع بالقول إن نمو الأجور يظهر علامات على التراجع، مما تسبب في انخفاض عائدات اليورو والسندات.
لكن الاقتصاديين يحذرون من أن صُناع السياسات ما زالوا يريدون بيانات حقيقية لتأكيد التأثير على التضخم قبل اتخاذ إجراءات.
كان تخوف البنوك المركزية الأوروبية الأكبر منذ بدء ارتفاع التضخم، هو مطالبات العمال برفع الأجور للحفاظ على مستويات المعيشة، وهذا ما قد يمثل وقوداً مستمراً لارتفاع الأسعار.
تباطأ ارتفاع الأسعار في الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، نظراً لأن العديد من العمال يقعون تحت مظلة صفقات الأجور القطاعية والتي تستمر لعدة أعوام وتأخذ وقتًا أطول لإعادة التفاوض عليها.
لكن التأثير كان واضحًا بحلول الربع الثالث من العام الماضي، إذ أظهر مؤشر تتبع البنك المركزي الأوروبي للأجور المتفاوض عليها في الوقت الفعلي أن نمو الأجور السنوي بلغ 4.7%، في وتيرة تعد الأسرع في تاريخ منطقة العملة الموحدة، فيما جرى مقارنة هذا المعدل بنمو الأجور السنوي البالغ 4.1% في الولايات المتحدة و6.5% في المملكة المتحدة، وفقًا لأحدث البيانات.
صرحت لاجارد في مؤتمر صحفي للبنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، بأن الأجور التي يتلقاها 40% من الموظفين المشمولين بمتتبع الأجور الخاص به “ما زال غير محدد بعد” لأنه يشمل اتفاقات جماعية تنتهي في ديسمبر والربع الأول من 2024.
وهذا يعني أن البنك المركزي الأوروبي سيتلقى معلومات مهمة في الأشهر القليلة المقبلة حول مدى الضغوط التضخمية غير الظاهرة، حسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
تشير تعليقات لاجارد إلى أن البنك المركزي الأوروبي متفائل لكن بحذر بشأن حدوث سيناريو جيد ترتفع فيه الأجور بمعدل أكثر بطء، وبمعدل يسمح للعمال بإصلاح مستويات معيشتهم، فيما تتأثر أرباح الشركات بدلاً من تمرير التكاليف إلى العملاء.
أوضحت لاجارد أيضاً أن مؤشر تتبع الأجور التابع للبنك المركزي يشير إلى أن نمو الأجور كان مستقراً في الأسابيع الماضية وسط تراجع عدد الوظائف الخالية، قائلة “نحن نشهد انخفاضاً طفيفاً، لذا فالأمور جيدة من وجهة نظرنا”.
يتوقع مسح أجراه البنك المركزي الأوروبي على 70 شركة غير مالية ونشر يوم الجمعة، تباطؤ نمو الأجور من حوالي 5.3% العام الماضي إلى 4.4% العام الحالي، وقد وجد أيضًا أن “عددًا متزايداً من الشركات” يخطط لخفض الوظائف.
وقال البنك إن نمو الأجور بنسبة 3% يتوافق مع مستهدف التضخم البالغ 2%.
في غضون ذلك، قالت لاجارد إن افتراض البنك المركزي الأوروبي بأن زيادات الأجور سيتم استيعابها في هوامش أرباح الشركات هو “بالضبط ما رأيناه”.
وأضافت :” ثمة ظاهرة تحدث وهي محاولة الحفاظ على الموظفين، فهذا أيضًا أحد الأسباب التي تجعلنا نرى أن النمو قادمًا والانتعاش يبدأ في 2024، بسبب ارتفاع الأجور في ظل انخفاض التضخم”.
أعرب صُناع السياسة عن وجهات نظر مختلفة حول مدى أهمية أرقام نمو الأجور الفصلية عند تحديد موعد خفض أسعار الفائدة.
قال ديرك شوماخر، الاقتصادي السابق للبنك المركزي الأوروبي والذي يعمل حاليا في بنك “ناتيكسيس” الفرنسي: “من الواضح أنهم يستعدون لخفض سعر الفائدة.. السوق يتجه نحو خفض التسعير في أبريل، لكن البنك المركزي الأوروبي سيفتقر لبيانات الأجور التي يريدها بحلول ذلك الوقت، لذلك أعتقد أن الاقتصاد بحاجة حقًا إلى خفض الفائدة قبل يونيو”.