يرى خبراء ومتعاملون بقطاع التمويل العقارى أن منح التمويلات للوحدات التى مازالت تحت الإنشاء، هو الحل لإنقاذ القطاع من التراجع، خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه المصرى وارتفاع سعر الفائدة وزيادة معدلات التضخم.
وتراجع إجمالى التمويلات الممنوحة من شركات التمويل العقارى، خلال الأشهر العشر الأولى من العام الماضى، بنسبة 37.2% لتسجل 7.4 مليار جنيه، مقارنة بنحو 11.8 مليار جنيه خلال أول 10 أشهر من عام 2022، وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية.
وفى أول اجتماعاتها خلال عام 2024، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25%، 22.25% و21.75%، على الترتيب.
سمير: 95% من العقارات فى مصر تحت الإنشاء.. والمطور يلعب دور الممول
وقال محمد سمير الرئيس التنفيذى لشركة إيليت للاستشارات والتمويل العقارى، إن القطاع العقارى يحتاج لإعادة تفعيل تمويل المشروعات تحت الإنشاء للخروج من أزمته.
وأضاف سمير، أنه مع إيقاف تمويل المشروعات تحت الإنشاء تحتاج شركات التطوير العقارى للحصول على قروض من البنوك لصعوبة التمويل الذاتى للمشروع بالكامل، ولكن عدد كبير من البنوك يرفض منح تمويلات للشركات.
وأوضح أن نحو 95% من العقارات الموجودة فى مصر تحت الإنشاء، مما ينتج عنه تنشيط التمويل العقارى فى حالة إعادة تفعيله ويرفع من معدلات الاستثمار فى القطاع، بالإضافة إلى تجنب مخاطر التأخر فى التنفيذ وتعثر تسليم المشروعات العقارية.
وقال سمير، إن قانون الضمان العقارى كافى ولا يحتاج للتعديل، حيث أن ضمان السداد هو الوحدة العقارية، ولكن يجب دراسة العميل من الناحية الائتمانية للاطمئنان على قدرته المالية لسداد الأقساط الشهرية للتمويل الممنوح.
وأضاف أن ارتفاع معدل التضخم أدى لتراجع معدلات التمويل نتيجة ارتفاع التكلفة، بالإضافة إلى زيادة أسعار العقارات بنسبة تصل 60% خلال العام الماضى.
وأشار إلى أن أهم التحديات التى تواجه شركات التمويل العقارى تتمثل فى ارتفاع معدلات الفائدة، وإيقاف تمويل المشروعات التى مازالت تحت الإنشاء.
وأوضح أن شركات التطوير العقارى لجأت للعب دور المطور والممول حتى تستطيع بيع وحداتها وقدمت تسهيلات سداد للعملاء على مدد كبيرة تتخطى 8 سنوات و10 سنوات بمقدم 10% أو بدون مقدم، مما أدى لانخفاض رؤوس أموال هذه الشركات ونتج عنه تأخير فى تسليم الوحدات، ومع تفعيل قانون تمويل المشروعات تحت الإنشاء ستلتزم الشركات بالتطوير والبناء فقط.
الغمراوى: “حساب الضمان” أحد الحلول لإلزام المطور باستكمال مشروعه فى الموعد المحدد
ويرى طارق الغمراوى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة بيت مصر لخدمات التمويل العقارى، أن السوق العقارى يحتاج إلى عدة حوافز من أهمها إعادة تفعيل التمويل العقارى للوحدات التى مازالت تحت الإنشاء.
وقال الغمراوى: “حتى يتم السماح للبنوك وشركات التمويل العقارى بتمويل الوحدات تحت الإنشاء، يجب وجود جهة رقابية تشرف على شركات التطوير العقارى ومنح تراخيص التطوير للشركات للسماح لهم بالتطوير وبيع الوحدات تحت الإنشاء من خلال تقديم أدلة كافية عن الملاءة المالية والفنية للشركة، كما يجب فتح حساب لكل مشروع على حدة لتكون له ذمة مالية مستقلة دون استخدام هذه التمويلات لتنفيذ مشاريع، وهو ما يعرف بحساب الضمان”.
وأضاف أن دور المطور العقارى تطوير الوحدات بما لديه من خبرات فنية وهندسية والمبيعات والتسويق، وليس تمويل المشروعات، عكس البنوك وشركات التمويل العقارى والتى تقدم التمويلات سواء بطريقة مباشرة أو من خلال العملاء.
وأوضح أنه يجب صياغة عقد موحد بين شركات التطوير العقارى والمشترى، حيث أن صيغة العقود حالياً تختلف من شركة لأخرى، وينص غالبيتها على بنود تحمى المطور من التأخير فى تسليم الوحدات، كما أن المشترى ليس له الحق فى اتخاذ أى إجراء قانونى إلا بعد مرور عام من تأخير تسليم الوحدة.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة أثر بشكل كبير على قطاع التمويل العقارى، بسبب ارتفاع تكلفة الوحدات، وبالتالى تزيد مبالغ الأقساط عن حدود القوى الشرائية للمستهلك.
وقال إن أسعار الفائدة ارتفعت أكثر من مرة خلال العام الماضى، ما أدى إلى زيادة أقساط التمويل العقارى للضعف، ومع زيادة أسعار العقارات بنحو 100% بسبب التضخم خلال نفس الفترة، نتج عنها زيادة أقساط التمويل 4 أضعاف.
وتابع الغمراوى: “ارتفاع الفائدة وزيادة التكاليف أدى لعدم قدرة العميل على دفع الأقساط أو شراء عقار بالتمويل العقارى، ما دفع نشاط التمويل العقارى للتراجع خلال العام الماضى”.
البنا: الفائدة وتراجع القوى الشرائية وزيادة الأسعار أدت لتراجع التمويلات العقارية
وقال يوسف البنا، محلل أول قطاع العقارات بشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، إن ارتفاع أسعار الفائدة أثر بشكل مباشر على المطورين العقاريين من حيث صعوبة الحصول على تمويلات فى ظل ارتفاع تكاليف التمويل، وخاصة الشركات ذات الملاءة المالية المحدودة.
وتوقع البنا، أن ترتفع مبيعات العقارات وتحافظ على نفس الوتيرة القوية التى شهدتها خلال العام الماضى، مدفوعة بارتفاع أسعار العقارات بشكل مبدئى 40% خلال العام الجارى.
وأوضح أن انخفاض القوى الشرائية أحد التحديات التى تواجه قطاع التمويل العقارى، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على تمويل للوحدات فى ظل ارتفاع الأسعار والفائدة.
حليم: تمويل الوحدات تحت الإنشاء يعزز من قدرة المطور على التوسع ويرفع حجم التمويلات
وقال أيمن حليم، العضو المنتدب لشركة كونتكت للتمويل العقارى، أن إعادة تفعيل تمويل الوحدات تحت الإنشاء سيؤثر بشكل إيجابى على قطاع تمويل العقارات.
وتابع حليم: “تمويل الوحدات تحت الإنشاء يعزز من قدرة الشركات العاملة فى القطاع على توفير تمويلات للمشاريع العقارية وتوسيع نطاق أعمالها ويحفز الاستثمار فى القطاع”.
وأضاف أن شركته تتابع التطورات فى سوق التمويل العقارى، وتتخذ الخطوات اللازمة لتحقيق التكيف الفعال مع أى تغيرات فى أسعار الفائدة، بهدف الحفاظ على استقرارها المالى وتقديم أفضل خدمة للعملاء.
وتوقع أن يؤدى تحريك سعر الجنيه مقابل الدولار إلى تأثيرات إيجابية على سوق التمويل العقارى فى مصر، وقد يسهم انخفاض قيمة الجنيه فى تعزيز الطلب على العقارات من قبل المستثمرين الأجانب والمصريين بالخارج، حيث أصبحت العقارات فى مصر أكثر جاذبية لانخفاض الأسعار بالنسبة لهم.
ولكن حليم قال إن انخفاض قيمة الجنيه قد يؤدى إلى زيادة فى تكلفة التمويل وبالتالى زيادة فى تكاليف الرهن العقارى، ويمكن أن يشكل هذا التأثير تحديًا للمستهلكين المحليين الذين يتطلعون إلى الحصول على تمويل عقارى.
وأكد حليم أن الحل فى تمويل المعقارات تحت الإنشاء لما له من تأثير إيجابى على قطاع العقارات بشكل كبير، متوقعاً أن يعزز هذا الإجراء من نشاط القطاع ويوفر فرصا جديدة لتمويل المشاريع العقارية، مما يساهم فى تنمية القطاع بشكل شامل.
وأضاف أن السوق العقارى قد يشهد طفرة فى توفير المزيد من الوحدات السكنية والمشاريع العقارية، بسبب تيسير إجراءات التمويل العقارى وتوفير سيولة للشركات تمكنها من استكمال مشروعاتها.
وتابع حليم: “التمويل العقارى للوحدات تحت الإنشاء يحفز أيضا الطلب فى السوق، ما يسهم فى تعزيز حركة البيع والشراء وتنشيط السوق العقارية بشكل عام”.
وأوضح أن تأثير تفعيل هذا الإجراء يعتمد على عدة عوامل، أهمها كيفية التنفيذ وكفاءة الرقابة والتنظيم، بما يضمن تحقيق الأهداف المتوقعة من التوسع فى التمويلات العقارية.
وقال إن قطاع التمويل العقارى يواجه تحديات عدة، منها ارتفاع أسعار الفائدة وتقلبات سعر الصرف، ما أدى إلى تراجع الطلب على التمويلات.
وأضاف أن هيئة الرقابة المالية تنفذ عددا من الإجراءات لتنشيط قطاع التمويل العقارى، منها تيسير شروط التمويل العقارى، والتشجيع على الابتكار واستخدام التكنولوجيا فى القطاع، بالإضافة إلى تطوير آليات الرقابة لضمان استقرار السوق وتعزيز الثقة بين المستهلكين والمؤسسات المالية.
وأوضح حليم، أن قرار تقليل الضمانات على المشترى لزيادة جاذبية التمويلات يتطلب توازنًا حساسًا بين تحفيز الطلب على التمويل العقارى وضمان حقوق المؤسسات المالية، مشيرا إلى أن تقليل الضمانات له تأثير إيجابى فى تعزيز إمكانية الوصول إلى التمويل للعديد من المشترين، خاصةً الذين قد يجدون صعوبة فى توفير ضمانات كبيرة.
وشدد على ضرورة أن يتم هذا التحديد بعناية لتجنب مخاطر التعثر فى السداد، ويجب على المؤسسات المالية تطبيق سياسات تقييم دقيقة لقدرة المشترين على تحمل التزاماتهم المالية، وتقديم حلول مالية ملائمة تضمن استدامة التمويل وتحقيق المصلحة المشتركة للمشترى والجهة الممولة.
وقال إنه فى حالة تم تقليل الضمانات بشكل جيد سيساهم ذلك فى تعزيز الوصول إلى التمويل وجعله أكثر جاذبية لفئات أوسع من المشترين، مما يسهم فى نمو قطاع التمويل العقارى.
وأضاف حليم، أن بيع شركات التطوير العقارى للوحدات بفترات سداد طويلة، يُعتبر تحولًا فى استراتيجيات التسويق، حيث يهدف المطورون إلى جذب المزيد من المشترين من خلال تقديم فترات سداد مرنة ومواكبة توقعات العملاء، إلا أن زيادة فترات السداد يمكن أن تعرض الشركات لتحديات.
وأوضح أن فترات السداد الطويلة قد تجعل الشركات تتهاون فى التحقق من قدرة العملاء على سداد التزاماتهم، مما قد يزيد من مخاطر التأخر فى السداد، ومن الأفضل ترك هذه المهمة لشركات التمويل العقارى المتخصصة التى تمتلك الخبرة فى تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء وإدارة المخاطر.