المساواة بين الجنسين تأتى فى الترتيب الخامس من أهداف التنمية المستدامة التى تسعى الأمم المتحدة لتطبيقها، وتسعى الدولة لتحقيق هذا الهدف وتضعه فى عين الاعتبار فى استراتيجيتها، وأصدرت عددًا كبيرًا من التشريعات والقوانين لتمكين المرأة على مستوى الوزارات والهيئات وغيرها من الجهات المختلفة للدولة، إلى جانب إطلاق استراتيجية تمكين المرأة 2030.
ولعل أبرز التشريعات التى صدرت فى تمكين المرأة على مستوى الهيئات قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية بإلزام الشركات بوجود سيدتين على الأقل فى مجالس إدارتها أو تمثيل المرأة بنسبة 25% فى مجالس الإدارات، هو التزام تخييرى، بمعنى أن يتم إختيار أحد هذين البديلين.
ويسرى القرار سواء على مجالس إدارة الشركات المقيد لها أوراق مالية بالبورصة المصرية، أو شركات الأنشطة المالية غير المصرفية الخاضعة لرقابة الهيئة، وكذلك الاتحادات التابعة للرقابة المالية.
وبعد كل التطورات بات السؤال هل تكفى التشريعات لإفساح المحال أمام المرأة وتمكينها اقتصاديًا لتعزيز دورها فى الاقتصاد القومى.
طاحون: ضعف نسب تمثيل النساء يظهر جليًا فى الشئون القانونية بالشركات
أكدت الدكتورة نرمين طاحون، مؤسس مكتب طاحون للاستشارات القانونية، أن جانب التشريع والقضاء لابد أن يتمتع بنسب تمثيل عالية من السيدات لإدخال وجهة نظرهم على التشريعات ونقل مشكلاتهم الحقيقة، موضحة أن نسبة المرأة فى مجلس النواب ما زالت ضعيفة وتحتاج إلى النظر فى زياداتها خلال الفترة القنبلة.
وتابعت أن ضعف نسب تمثيل النساء يظهر جليًا فى الشئون القانونية بالشركات والتى يستحوذ عليها الرجال، ولابد من إفساح المجال من الكوادر من السيدات معتبرة أن “تجربة الرجل فى القيادة بمحيط العمل لم تكن مبهرة”.
وأوضحت ضرورة مد التمكين وصولاً للمناصب العليا فى الإدارات التنفيذية خاصة وأن المرأة بطبيعتها متعددة المهام وتستطيع أن تساهم فى تحسين الوضع الاقتصادى للدولة من خلال التمكين.
وأشارت إلى أن تمكين المرأة يحتاج تعديلات جديدة على التشريعات والقوانين الإجرائية وكذلك الإجراءات التنفيذية حتى تستطيع أن تكون نصف المجتمع بحق، ونصف الاقتصاد فى ظل تحميلها بدور المعيلة للأسر، ومشاركة الرجل فى أعباء الحياة.
وقالت إن جرائم العنف ضد المرأة أمر يحتاج إلى تغيير الثقافة وتدشين لجان مخصصة فى كل وحدة شرطة تكون مختصة بجرائم العنف ضد المرأة وعدم التهاون بالأمر.
أضافت أن المرأة المصرية تحتاج بعض المحفزات خلال الفترة الحالية لتشجعيها على خوض تجارب جديدة فى مجال الأعمال المختلفة.
الشرقاوى: “المالية” مُنفتحة على إصدار سندات لتمكين المرأة العام المالى المقبل
وأوضحت طاحون، أن المرأة يجب أن تتمتع بالإرادة القوية ونبذ الخوف مما يمكنها من النجاح فى إدارة المشروعات بشتى المجالات.
وأكدت أن السيدة المصرية تحتاج إلى توعية من الدولة فى ظل توجة الحكومة بإطلاق قوانين تشجع عمل المرأة، موضحة أن هناك تشريعات ولكن هناك تحديات كبرى فى عملية التنفيذ.
وقالت إن هناك هيمنة من قبل الرجال على خدمات الاستشارات القانونية، والمنافسة مع الرجال فى هذا القطاع ليست سهلة، مع وجود فجوة بين أتعاب المحاميات السيدات والرجال فى القطاع.
وأشارت إلى أن إقناع الموكلين بأن سيدة ستستطيع أن تجلب له حقه أمر معقد، فى حين لايبذل الرجال أية معاناة فى هذا الجانب.
وكشفت أن النساء يمثلن 65% من العاملين فى مكتب طاحون للاستشارات القانونية مقابل 35% للرجال، مما يعكس دور المكتب فى تعزيز تمكين المرأة وإتاحة المجال لمشاركتها فى الأعمال.
قلدس: المرأة تواجه تحديات في عمليات التحكيم نتيجة للتمييز الاجتماعي
وقالت ماريان قلدس المدير التنفيذى للمركز المصرى للتحكيم الاختيارى وتسوية المنازعات المالية غير المصرفية، إن المرأة تواجه تحديات فى عمليات التحكيم نتيجة للتمييز الاجتماعى فنسبة النساء لا تقارن بنسبة الرجال فى مجال التحكيم سواء كمحكمات أو كمحاميات فليس هناك محاميات تحكيم بقدر محامين التحكيم فى مصر.
وأضافت قلدس لـ«البورصة»، أن عدد المحكمات المصريات المقيدات لدى المركز لا يتعدى 5% من المحكمين الرجال، وهى تقريبا ذات النسبة فى مراكز التحكيم المصرية النظيرة.
وأوضحت أن المركز يحاول التغلب على هذا التحدى لإنصاف وتمكين المرأة، فأثناء العملية التحكيمية فى بعض الأحيان، تقوم مراكز التحكيم بتعيين المحكمين فى الدعاوى التى تنظر لديهم، فنحن بالمركز المصرى التحكيم حالياً بصدد توقيع بروتوكول مع مؤسسة دولية بهدف تقديم أولوية تعيين محكمات من الأناث فى تلك الدعاوى.
وأشارت إلى أن تحقيق تمكين المرأة فى المجتمع ككل يتطلب تحسين الفرص التعليمية، تقديم دورات تدريبية وبرامج تنمية للقيادات النسائية وبرامج دعم ريادة الأعمال للنساء، والتركيز على تغيير الثقافة المجتمعية وتعزيز وعى الجمهور حول قضايا المساواة بين الرجل والمرأة.
كما يتطلب الدعم القانونى والاجتماعى عن طريق تعزيز الحماية القانونية لحقوق المرأة، وتقديم دعم اجتماعى لتحقيق توازن بين الحياة المهنية والشخصية.
وأكدت أنه يمكن سد الفجوة بين الجنسين فى العمل والرواتب عن طريق الشفافية فى تحديد الرواتب وفتح النقاش حول التفاوتات كذلك تطبيق الترقيات بناء على الأداء دون تمييز نوعى تطبيق سياسات مضادة للتمييز وضمان الامتثال لها واخيرا إجراء تقييمات دورية للتحقق من المساواة بين الجنسين.
“الأمريكية للتنمية الدولية” استثمرت 30 مليون دولار فى مصر لتمكين المرأة خلال 2023
وترى أنه من الضرورى خلق بيئة عمل مناسبة للمرأة تتناسب مع كونها أم وزوجة مثل اتاحة فرص عمل من المنزل أو العمل بنظام الدوام الجزئى بشكل أكبر، وأظن ان جائحة كورونا أثبتت أن العمل من المنزل لا يؤثر بالسلب على الإنتاجية.
ومن ضمن الحلول لسد هذه الفجوة، نظام المشاركة فى الرواتب والذى تطبقه الكثير من الدول الأوروبية بحيث تقوم الشركة أو المؤسسة بفتح فرصة عمل براتب معين ويتم الإعلان عن إمكانية تولى فردين لهذه الوظيفة ويتم تقسيم أيام العمل والراتب بينهما وذلك لتيسير ظروف العمل للنساء ومساعدة عدد أكبر ماديا ونفسيا ومعنويا مما يساعد المرأة فى القيام بالمهام الأسرية بشكل أكثر فعالية.
وأشارت إلى دراسة أجراها البنك الدولى بعنوان “الفساد والمرأة فى الحكومة” عام 1999، والتى أوضحت أن النساء هم أكثر اكتشافاً للفساد من الرجال مما يؤكد على أن تولى المرأة لمناصب قيادية أو عمل المرأة بشكل عام يعود بالنفع على المجتمعات وعلى الاقتصادات الدولية.
وأكدت على أن التشريعات المصرية الحديثة تهدف إلى تحسين حقوق المرأة، وفى السنوات الأخيرة تم تعديل العديد من القوانين لتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة والعمل على تعزيز مشاركة المرأة فى مختلف المجالات ومن أهمها تعديل الدستور فى عام 2014 والذى أكد بالمادة 9 منه على تحقيق تكافؤ الفرص للمواطنين دون تمييز ونص بالمادة 11 على أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتابعت أن الدولة تعمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية، كما يكفل الدستور للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. والدليل على قيام الدولة بإعمال نصوص الدستور هو فتح باب قبول طلبات تعيين الاناث بالمناصب القضائية والنيابات العامة ومجلس الدولة.
حامد: أبرز التحديات التى تواجه المرأة الخوف من عدم إثبات ذاتها
وقالت راندا حامد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، والعضو المنتدب بشركة عكاظ لإدارة المحافظ المالية، إن أبرز التحديات التى يواجهها تمكين المرأة فى مصر؛ نظرة المجتمع والخوف من عدم قدرتها على إثبات ذاتها.
وأضافت أنه من خلال إدارتها للشركة وملاحظتها للموظفين فإن رؤية المرأة فى إدارة الشركة أشمل حيث تتحمل تعدد المهام، عكس الرجل والذى يحبذ التركيز على مجال واحد وإنجازه بأفضل شكل ممكن.
وأشارت إلى أنه من المفيد المزج بين العنصرين، لكى يصبح هناك شمول من جميع العناصر، حيث تتكون إدارة الشركة من 50% سيدات و50% ذكور، بينما تتكون إدارة “عكاظ للوساطة المالية” من 60% ذكور و40% سيدات، بحسب طبيعة العمل.
وتابعت أنه من الملاحظ أن الشباب خريجى الجامعات حديثًا، تكون لدى الإناث خبرة أكبر تم اكتسابها من ممارسة الأنشطة المختلفة أثناء الدراسة، عكس الذكور والذين يفضلون أنشطة أخرى بعيدة عن مجال العمل.