تمكنت أسعار الذهب من تحقيق مكاسب قياسية تقترب من 300 دولار للأوقية منذ بداية العام الحالي 2024، إذ قفز سعر أوقية الذهب من 2062.59 دولار بنهاية ديسمبر 2023 إلى نحو 2343 دولار بنهاية تعاملات يوم الجمعة، وفقاً لبيانات ريفنتيف.
وأنهت أسعار الذهب الفورية تعاملات يوم الجمعة عند 2343.42 دولار للأوقية متراجعة بنحو 1.26%، ليلتقط أنفاسه بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 2419.79 دولار، فما هي أسباب الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب؟
يمثل المستثمرون الذين يتوقعون أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة، الدافع الرئيسي لارتفاع أسعار الذهب، لكن الارتفاع تعززه عوامل أخرى، بما في ذلك البنوك المركزية -بقيادة الصين- التي تشتري الذهب لتخفيف الاعتماد على الدولار الأمريكي.
احتياطيات البنوك المركزية من الذهب
وتنظر البنوك المركزية إلى الذهب كمخزن طويل الأجل للقيمة وملاذ آمن خلال أوقات الاضطرابات الاقتصادية والدولية.
واشترى بنك الشعب الصيني الذهب للشهر السابع عشر على التوالي في مارس، مضيفاً 160 ألف أوقية ليصل الاحتياطي إلى 72.74 مليون أوقية تروي من الذهب، وفقاً لرويترز.
وقالت مذكرة بحثية حديثة صادرة عن بنك يو بي إس، إن البنوك المركزية قد ترغب في «التنويع بعيداً» عن الدولار الأمريكي وشراء الذهب وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي ومع قيام الصين ببناء احتياطياتها، فإن الطلب يدفع الأسعار إلى الارتفاع والتي يدعمها بالفعل المستثمرون المعتادون.
ويتطلع المستثمرون الصينيون إلى الذهب كأصل بديل وسط الانكماش في تقييمات العقارات وأسعار الأسهم في السنوات الماضية، وفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن كابيتال إيكونوميكس.
كما تعمل البنوك المركزية الأخرى، بما في ذلك الهند وتركيا، على زيادة احتياطياتها من الذهب، ويقود نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند هذه المشتريات، وفقاً لبنك يو بي إس.
يعد طلب البنوك المركزية على الذهب علامة على تراجع الاعتماد على الدولار، وفقاً لما ذكره أولف ليندال، الرئيس التنفيذي لشركة كورنسي ريسيرش أسوشيتس.
وقال ليندال، إن الدولار أصبح غير جذاب على نحو متزايد بالنسبة للبنوك المركزية التي ترغب في تقليل الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة.
أسعار الفائدة الأمريكية
يعتبر الذهب استثماراً مرناً عندما تنخفض أسعار الفائدة، تميل أسعار الذهب إلى الارتفاع، إذ تصبح السبائك أكثر جاذبية من الأصول المدرة للدخل مثل السندات، ويعتبر المستثمرون الذهب أيضاً وسيلة للتحوط ضد التضخم، ويراهنون على أن السبائك ستحتفظ بقيمتها عندما ترتفع الأسعار.
ويشير ارتفاع أسعار الذهب إلى أن المستثمرين يتوقعون تخفيضات في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام، لكنهم قد يكونون غير متأكدين بشأن احتمالات كبح جماح التضخم دون دفع الاقتصاد الأمريكي إلى الركود.
ويرى بنك يو بي إس، أن توقعات تخفيض أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي «لا تزال المحرك الرئيسي لصعود أسعار الذهب».
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في تصريحاته يوم 3 أبريل، إن التضخم لا يزال على «مسار وعر في بعض الأحيان» نحو هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وإن تخفيضات أسعار الفائدة لإعادة التوازن إلى الاقتصاد من المرجح أن تبدأ في وقت ما في وقت لاحق من هذا العام.
ويتوقع 51% من المستثمرين حالياً خفضاً بمقدار ربع نقطة مئوية في يونيو، وفقاً لبيانات مجموعة سي إم إي.
ومع ذلك، تجاوزت بيانات نمو الوظائف لشهر مارس التوقعات، ما يثير التساؤلات حول الحاجة إلى تخفيضات متعددة في أسعار الفائدة الأمريكية وسط اقتصاد لا يزال قوياً.
وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 2.5% خلال الأشهر الاثني عشر المنتهية في فبراير، وهذا يمثل زيادة طفيفة على الزيادة البالغة 2.4% في شهر يناير، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الصادرة الشهر الماضي.
أسعار الذهب والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط
ودفعت التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط المستثمرين إلى البحث عن ملجأ في أصول الملاذ الآمن.
وقال البيت الأبيض إن الهجوم الوشيك الذي تعتزم إيران شنه على إسرائيل يمثل تهديداً حقيقياً وقابلاً للتطبيق، دون تقديم تفاصيل حول التوقيت المحتمل، مجدداً تصريحاته بأن الولايات المتحدة تأخذ التزاماتها بالدفاع عن إسرائيل على محمل الجد.
وفي الوقت نفسه، رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب في نهاية العام إلى 2700 دولار للأونصة من 2300 دولار؛ كما أن أسعار النفط آخذة في الارتفاع، ما يشكل تهديداً للاقتصاد الأميركي، وفقاً لمارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز.
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى إثارة المخاوف بشأن التضخم، ما يعزز أسعار الذهب، وفقاً لمذكرة بحثية من بنك يو بي إس.
ويمثل الذهب أيضاً أحد الأصول التقليدية التي يجب الاحتفاظ بها أثناء حالة عدم اليقين السياسي، ومن المقرر أن يتوجه الناخبون في أكثر من 60 دولة إلى صناديق الاقتراع هذا العام، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويؤكد هذا الارتفاع في عدم القدرة على التنبؤ الجيوسياسي والاقتصادي، على القيمة المستقرة للمعدن الثمين.