مع الإعلان عن صندوق بقيمة 300 مليار رنمينبى “41 مليار دولار” لدعم المشتريات الحكومية للمنازل غير المباعة، بدا أن الحكومة الصينية أطلقت أخيراً العنان لقوة تسهم فى معالجة التباطؤ المستمر منذ ثلاثة أعوام فى سوق العقارات فى البلاد.
لكن فى حين أن الإجراءات الجديدة قد تمثل نقطة تحول فى الأزمة التى أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الصينى، قال المحللون والاقتصاديون، إن مئات المليارات من الرنمينبى غير كافية بأى حال.
وقال هارى ميرفى كروز، الاقتصادى فى وكالة “موديز أناليتيكس”: “هذه قطرة فى محيط بالنظر إلى عدد المنازل غير المباعة”.
قدر بنك “جولدمان ساكس” الأسبوع الماضى أن الصين لديها 30 تريليون رنمينبى من مخزون العقارات غير المباعة، التى تشمل الأراضى والشقق المكتملة، وهذا يعادل عشرة أضعاف الكمية المباعة العام الماضى.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أنه بعد عقود من التوسع السريع، توقف قطاع العقارات الضخم فى الصين فى 2021 بعد نفاد أموال كبار المطورين فى القطاع الخاص، مثل “إيفرجراند”.
وقبل عام، فرضت بكين قيودًا على قطاع العقارات وسط شعورها بالقلق المتزايد من السوق المحموم.
منذ ذلك الحين، أصبح المطورون الأكثر أمانًا والمرتبطون بالدولة متورطين فى التباطؤ ولم يتمكنوا من استعادة الثقة.
واستجابت بكين بشكل رئيسى من خلال التشجيع على استكمال المشاريع السكنية غير المكتملة، والتى عادة ما يتم شراؤها مقدما فى الصين.
وتعكس الإجراءات الجديدة الصادرة يوم الجمعة، والتى تضمنت أيضاً إلغاء الحد الأدنى لأسعار الرهن العقارى وخفض الدفعات المقدمة لمشترى المنازل لأول مرة، الحاجة إلى إنعاش السوق التى ظلت لعقود محورًا لنمو الاقتصاد وثروات الأسر فى الصين.
لكن هذه الخطوة أبرزت نفس الحذر الذى دفع صُناع السياسات قبل عدة أعوام إلى كبح جماح المطورين من القطاع الخاص وسط مخاوف من تسارع التنمية.
قال ليونارد لو، كبير محللى الائتمان فى شركة “ليكرور أناليتكس” فى سنغافورة، إن “هذا الأمر لا يشبه الأزمة المالية الكبرى عندما خرج بنك الاحتياطى الفيدرالى لشراء جميع الأصول المتعثرة للمؤسسات المالية.. ما تحاول الصين فعله هو أكثر تحديدًا بكثير، لأنه لايزال يتعين عليها مكافحة المخاطر الأخلاقية والحذر من إعادة تضخيم الفقاعة”.
وأوضح أن مثل هذه المبادئ كانت واضحة فى جميع الإجراءات التى اتخذتها بكين خلال أزمة العقارات، وتعنى فى النهاية أن النهج “يجب أن يكون مربحًا، أو على الأقل يجب ألا يسبب خسارة لأى كيان حكومى يقدم الدعم”.
وفشلت التدابير السياسية فى الماضى، بما فى ذلك الكشف عن خطوط الائتمان للمطورين من البنوك الحكومية، فى استعادة الثقة.
وقال محللو بنك “مورجان ستانلى”، إن الإجراءات الجديدة “تحقق توازناً جيداً بين توفير بعض الحماية مع السماح لدورة العقارات بأن تأخذ مجراها دون توسيع المخاطر التى تواجهها الشركات والبنوك المحلية المملوكة للدولة”.
لكن انخفاض الأسعار فرض مخاطر مالية متزايدة خلال فترة تباطؤ سوق الإسكان التى دامت لثلاثة أعوام، كما تهاوت أسعار المنازل الجديدة فى أبريل بأسرع معدل شهرى منذ تسعة أعوام.
وقدر بنك “يو بى إس” أنه استنادًا إلى أعداد المنازل المتاحة فى 35 مدينة كبيرة، فإن الأمر سيكلف الحكومة ما يصل إلى 2.4 تريليون رنمينبى لتقليل المخزون الزائد من المنازل المكتملة، لكن غير المبيعة إلى المستويات الطبيعية.