فى ظل أزمة انقطاع الكهرباء، تزايد الاهتمام بصناعة الألواح الشمسية فى مصر، مما جعلها تتصدر قائمة القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبى.
وتجرى الحكومة المصرية حاليًا مباحثات مع شركات صينية رائدة لإنشاء مجمع صناعى لتصنيع الخلايا الشمسية والبطاريات، فى خطوة تهدف إلى توطين الصناعة وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة، بحسب ما أفصحت مصادر لـ “البورصة”.
وقالت المصادر، إن الدولة بدأت تغير نظرتها لملف الطاقة الشمسية لتصنيع مدخلات هذه الطاقة بدلاً من التركيز على توليد الكهرباء فقط، ومن المتوقع أن يضم المجمع الصناعى ثلاثة تخصصات: الأول صناعة السيليكون وخلايا الطاقة الشمسية، والثانى البطاريات، والثالث الألواح.
تابع أن دخول الاستثمارات الأجنبية إلى صناعة الألواح الشمسية خلال الفترة الحالية، يرجع إلى تصنيف مصر مؤخرًا ضمن أكبر الدول المستهلكة لألواح الطاقة الشمسية، نتيجة التوسع فى استخدامها بالقطاع الصناعى والمنزلي، ومدن الجيل الرابع، والطرق، والنقل، واستصلاح الأراضى الزراعية.
وتركز الحكومة على التوسع فى قطاع الطاقة الشمسية كأحد الحلول البديلة لمعالجة أزمة انقطاع الكهرباء، وفى محاولة لخفض فاتورة استيراد البترول والغاز الطبيعى الموجه لمحطات التوليد.
يوسف: مقترح بإعفاء واردات مدخلات صناعة الألواح الشمسية من الرسوم الجمركية
قال بسيم يوسف، رئيس لجنة الطاقة الجديدة والمتجددة باتحاد الصناعات المصرية، إن اللجنة تواصلت مع البنوك لتمويل القطاع المنزلى الراغب فى تركيب محطة طاقة شمسية بفائدة مخفضة وبفترة سماح تصل إلى 7 سنوات، الأمر الذى يحقق مستهدفات الدولة فى تقليل استهلاك الغاز الطبيعى اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وأضاف لـ”البورصة” أن القطاع يحتاج إلى إعادة نظر فى الضوابط المنظمة حتى تتمكن الشركات الأجنبية من دخول السوق المصري، وأولها إعفاء مستلزمات صناعة الألواح الشمسية من الرسوم الجمركية، و تقييد استيراد الألواح الجاهزة.
ووضعت الحكومة خططاً لزيادة حصة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة الوطنى إلى 20% بحلول عام 2022، ومضاعفتها إلى 42% بحلول عام 2035، وفقًا لمجلس الوزراء.

ورهن رئيس لجنة الطاقة الجديدة والمتجددة، تحقيق أهداف الدولة بإعادة النظر فى سياسات الطاقة الشمسية بانتظام لتحقيق أقصى نمو للقطاع وفقاً لظروف السوق.
وبدأت الحكومة فى تقديم مساعدات فنية ومالية لـ 150 مشروعًا تجريبيًا للطاقة الكهروضوئية فى مختلف القطاعات، أبرزها الصناعية والتعليمية والتجارية والعامة والسياحية والسكنية. وتم الانتهاء من 123 مشروعًا بقدرات تتراوح بين 5 و500 كيلوواط بنهاية 2023.
الراوي: 100 ألف جنيه تكلفة إنشاء أصغر محطة طاقة منزلية
وقال محمد الراوي، رئيس مجلس إدارة الراوى للخلايا الشمسية، إن الشركة متخصصة فى استيراد ألواح الطاقة الشمسية، وتتطلع إلى تصنيع بعض مدخلات الإنتاج بدلاً من التجميع.
وأوضح أن الطلب المرتفع على الألواح من قبل المشروعات الزراعية فى النطاق الصحراوى يعود إلى ارتفاع أسعار المواد البترولية والكهرباء.
وأشار إلى أن أسعار الألواح الشمسية فى مصر تختلف بحسب نوع اللوح، والمادة المستخدمة فى صنعه، وبلد المنشأ والحجم، لكن متوسط السعر يبدأ من 6 آلاف جنيه من المونوكريستالين أحادى البلورة، وأسعار الألواح الصينية تنخفض بنسبة 30% مقارنة بمثيلاتها المستوردة من ألمانيا أو إيطاليا نظرًا لكفاءتها وجودتها.
قال الراوى إن، قدرة أصغر محطة طاقة شمسية منزلية تصل إلى 5 كيلوواط، وتصل تكاليف إنشائها إلى 100 ألف جنيه، بسعر يقدر بنحو 18 ألف جنيه لكل كيلوواط. هذه المحطات قادرة على توفير حوالى ألف جنيه شهريًا من قيمة فواتير الكهرباء.
“المصرية لنقل الكهرباء” تبحث طرق ربط الطاقة المتجددة لمشروعات الهيدروجين بالشبكة القومية
أوضح أن الرسوم المفروضة على المواد الخام وتكاليف الشحن لهذه المواد، بالإضافة إلى فرض تعريفات جمركية على استيراد المدخلات بنسبة 5%، ساهمت جميعها فى زيادة تكلفة إنشاء المحطات بنسبة لا تقل عن 35%.
أوضح وائل النشار، خبير الطاقة الشمسية ورئيس مجلس إدارة مؤسسة أونيرا سيستمز، إحدى أكبر شركات محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، أن أغلب مستخدمى الطاقة الشمسية، من حيث العدد، هم كبار مستهلكى الطاقة المنزليين ويتجهون إلى الاستعانة بالطاقة الشمسية كاستثمار طويل الأجل وأقل تكلفة على المدى الطويل.
الزغل: توطين صناعة الألواح يعزز تنافسية مصر فى الأسواق العربية
قال موسى الزغل، المدير الإقليمى لشركة سانوفا لتصنيع الألواح الشمسية، إن تعميق تصنيع ألواح الطاقة الشمسية فى مصر يحتاج إلى استثمارات تقدر بمليارات الدولارات، وبالتالى دخول شركات جديدة للقطاع يدعم وفرتها فى السوق المحلي.
وأضاف لـ”البورصة”، أن الصين تهيمن على أكثر من 80% من صناعة ألواح الطاقة الشمسية، والتى باتت مستقبلًا لكبرى الدول التى تعتمد على التكنولوجيا الصناعية والتحول لطاقة مستدامة نظيفة. لذا، على الحكومة تكثيف الترويج لجذب استثمارات صينية جديدة إلى السوق المصرى خلال الفترة المقبلة.
لفت إلى أن توطين صناعة الألواح الشمسية فى مصر يعزز من تنافسيتها فى الأسواق التصديرية بالدول العربية والخليجية التى تخلو من تلك الصناعة، مشيرًا إلى أن تركيا تحالفت مؤخرًا مع شركات صينية وأدخلت تلك الصناعة إلى بلادها، ما أدى إلى تقليل التكلفة الاستثمارية للمصانع والمنازل الراغبة فى التحول للطاقة الشمسية.
وقالت مصادر، إن الحكومة تتفاوض مع شركات صينية لنقل تلك الصناعة وخبراتها للبلاد، ولكن الشركات وضعت محددات استثمارية ومنها التشارك فى القيمة الاستثمارية للمشروع بنسب 50%.
ولكن ردت الجهة الحكومية بتسهيل كافة الإجراءات والتراخيص ومنح الأراضى الصناعية مرفقة دون الدخول باستثمارات فى المشروع الذى تصل قيمته إلى مليار دولار.
جهود حكومية لتقليل الانبعاثات الكربونية فى صناعة الحديد والصلب
قال محمد عطية، المتخصص فى شئون الطاقة الشمسية، إن مشكلة رئيسية تكمن فى أن محطات الطاقة الشمسية حاليًا تخدم المناطق الموجودة بها فقط، ولا تُغذى الشبكة القومية للكهرباء، ويعود ذلك إلى صعوبة نقل الطاقة عبر مسافات بعيدة، مما يؤدى إلى هدر جزء كبير منها.
وتابع عطية أن شبكة محطات الطاقة الشمسية تعمل بشكل منفصل عن شبكة الغاز القومية، مع اختلاف فى معدلات الإنتاج حسب المساحة وكمية أشعة الشمس فى كل منطقة.
وأكد على ضرورة دراسة زيادة عدد المصانع المنتجة للألواح الشمسية، وتسهيل الإجراءات للشركات الخاصة العاملة فى هذا المجال.
وقال خبير فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة لـ”البورصة” إن أسعار ألواح الطاقة الشمسية انخفضت مؤخرًا بعد استقرار سعر الصرف، لتتراوح حاليًا بين 8.25 و9 جنيه للواط مقابل 12 و13.25 جنيهًا فى فبراير الماضى.
وأضاف أن مشكلة تبريد الألواح الشمسية تُعد عقبة أخرى، حيث تؤدى درجات الحرارة المرتفعة إلى انخفاض كفاءة المنظومات الكهروضوئية.
وأوضح أن الدراسات تُشير إلى أن ارتفاع حرارة اللوح الشمسى عن 25 درجة مئوية، وهى الدرجة التى يتم اختباره عندها، يقلل من إنتاجيته بنسبة ملحوظة.








