فى الوقت الحالي، تشارك جميع الشركات الكبرى تقريبًا فى المسئولية الاجتماعية للشركات، ولديها سياساتها الخاصة، وتوظف موظفين فى مجال المسئولية الاجتماعية، وتشارك فى الأنشطة التى تهدف إلى إحداث تأثير إيجابى على البيئة والمجتمع، وتكتب تقارير عن أنشطتها، بحسب مقال لمجلة هارفارد بزنس ريفيو، لكنها أشارت إلى أنه مع ذلك، فقد أدى تطور المسئولية المجتمعية للشركات إلى ظهور تحديات جديدة.
ونوهت أنه فى تناقض صارخ مع ما حدث قبل عقدين من الزمن، عندما كان الإهمال التام هو الأزمة فإن المشكلة الحالية تكمن فى التنفيذ غير الفعال لهذه الممارسات.
وتساءلت لماذا تنفذ بعض الشركات المسؤولية الاجتماعية للشركات بطرق تخلق تأثيراً إيجابياً على البيئة والمجتمع، بينما تفشل شركات أخرى فى القيام بذلك؟
وقال إن بحثًا أجروه كشف أن التجريب أمر بالغ الأهمية للمسئولية الاجتماعية للشركات المؤثرة، وله على على الشركات التى تنفذ المسئولية المجتمعية والشركات التى تراقب خارجيًا أنشطة المسئولية الاجتماعية للشركات، مثل المستثمرين المستدامين ووكالات التصنيف البيئى والاجتماعى والمؤسسي.
أضافت :”قمنا بتحليل كيفية قيام أربع شركات متعددة الجنسيات بتنفيذ المسئولية المجتمعية للشركات عبر إجراء مقابلات مع 81 مديرًا من جميع مستويات الشركات الأربع بداية من مديرى الاستدامة إلى المدير التنفيذى،”
وذكرت أنهم أيضًا حللوا تقارير المسئولية الاجتماعية للشركات والوثائق العامة حول كيفية تقييم أصحاب المصلحة الخارجيين لأنشطة المسئولية المجتمعية للشركات.
وفى حين نفذت الشركات الأربع جميعها ممارسات المسئولية المجتمعية للشركات، حققت شركتان (شركة تعدين وشركة مياه) أهدافهما المقصودة.
فى حين أن الشركتين الأخرتين وأحدهما شركة تعدين أخرى والأخرى شركة تبغ لم تفعلا ذلك، وقالت إن بحثهم جعلهم يدركوا أن التجريب ساعد فى تفسير هذه النتائج المتباينة.
حشد التجارب
وأشارت إلى أنه فى سياق المسئولية المجتمعية للشركات، فالتجريب يعنى أن الشركات تنتج معرفة خاصة بها حول تأثير الأنشطة الاجتماعية على المجتمعات المستفيدة، وتستخدم تلك المعرفة للتخطيط للأنشطة المقبلة.
وقالت إنه على سبيل المثال، نفذت إحدى شركات التعدين برنامج فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز بعد ما انخرطت فى حوار مستمر واستباقى مع المستفيدين، بما فى ذلك من خلال تنظيم منتديات تشاور مجتمعية منتظمة واستفادوا من الأفكار التى طرحوها ولذلك حقق الهدف منه.
على النقيض من ذلك، فى الشركات التى فشلت فى تحقيق أهداف المسئولية المجتمعية كان الثبات على نهج واحد وليس التجريب، عنصرًا أساسيًا فى تنفيذ المسئولية الاجتماعية للشركات.
وفى هذه الشركات، كان التركيز على توحيد مبادرات المسئولية المجتمعية للشركات بناءً على أفضل الممارسات المتصورة بين كبار المديرين.
ولم تكن هناك حلقة من ردود الفعل – فالمعرفة التى تم إنتاجها على أرض الواقع من خلال مبادرات المسئولية المجتمعية للشركات لم تصل إلى المديرين الذين قاموا بتمويل المبادرات والإشراف عليها، ولم يكن لدى الموظفين على الأرض مجال كبير لتكييف ممارسات المسئولية المجتمعية للشركات مع الظروف المحلية.
مليون مستفيد من برامج مؤسسة “ماونتن فيو للتنمية”
وضربت مثالًا بإحدى شركات التعدين التى كانت تدير منجمًا فى أحد البلدان النامية بإنشاء شراكة مع السلطات المحلية لصالح المجتمعات المحلية.
قالت إنه مع ذلك، فشلت مبادرة المسئولية المجتمعية للشركات هذه فى دعم المجتمعات المحلية لأن السلطات المحلية كانت فاسدة وتم تحويل معظم عائدات الضرائب من التعدين إلى خارج المنطقة.
ونوهت أنه كان من الواضح للناس على أرض الواقع أن الشراكة مع السلطات المحلية لم تكن مفيدة للمجتمعات المحلية، ولكن الحقيقة لم يتم توصيلها أبدًا إلى صناع القرار فى الشركات.
أضافت: “بل أدى السخط المحلى من السلطات فى النهاية إلى انتفاضة عنيفة أسفرت عن سقوط العديد من القتلى – “حرب أهلية فعليًا، كما أشار مدير من شركة التعدين.
وكانت المشكلة هى أن شركة التعدين كانت تفتقر إلى نهج تجريبي، ولم يكن لديها طريقة للتعرف على الفساد واستخدام هذه الرؤية لإعادة التفكير فى شراكتها مع السلطات المحلية واستكشاف ممارسات بديلة للمسئولية المجتمعية للشركات من شأنها أن تعود بالنفع على المجتمعات المحلية.
كيف يمكن للشركات تعزيز التجريب فى تنفيذ المسئولية المجتمعية للشركات؟
يمكن للهياكل الإدارية والثقافات التنظيمية أن تجعل من الصعب على الشركات اعتماد نهج تجريبى لتنفيذ المسئولية المجتمعية للشركات، بحسب المجلة
وقالت إن بحثهم يشير إلى طريقتين يمكن للشركات من خلالهما تجاوز هذه الحواجز.
أوضحت أن الأولى عبر قيام الشركات بالتعبئة على نطاق واسع من أجل المسئولية الاجتماعية للشركات، وقامت الشركتان اللتان حققتا أهدافهما بإشراك العديد من الموظفين المختلفين فى ممارسات المسئولية الاجتماعية للشركات، بما فى ذلك المديرين من المستوى الأدنى والموظفين العاملين فى مواقع الإنتاج عن بعد.
أضافت: “جلب هؤلاء الموظفون المختلفون المعرفة حول التأثيرات المحلية لممارسات المسئولية الاجتماعية للشركات وكانوا قادرين على تكييف ممارسات المسئولية الاجتماعية للشركات مع الظروف المحلية، وكانت هذه الديناميكيات غائبة فى الشركتين اللتين فشلتا فى تحقيق الأهداف.
أوضحت:”أن الشركات التى لم تحقق أهدافها كانت أنشطة المسئولية الاجتماعية للشركات تدار إلى حد كبير من قبل كبار المديرين وإدارة مخصصة للمسئولية الاجتماعية”.
وقالت إنه يجب أن يكون هناك أبطال للمسئولية الاجتماعية فى كل جزء من الشركة، وهم الموظفون الذين يهتمون بشدة بالمسئولية الاجتماعية، وهذا من شأنه أن يزيد من احتمالات نجاحهم فى مكافحة الحواجز البيروقراطية الحتمية التى تحول دون إصلاح البرامج والتى توجد حتى فى الشركات الكبيرة ذات النوايا الحسنة.
ونوهت أنه ويجب على الشركات أيضًا تعزيز الروابط بين أبطال المسئولية الاجتماعية لأن ذلك سيساعد هؤلاء الموظفين على دعم وتشجيع بعضهم البعض.
بنك الطعام يعتزم التوسع فى الزراعات التعاقدية لتلبية 80% من احتياجاته العام المقبل
وقالت إن الطريقة الثانية هى أن أن تغرس الثقة فى الجدوى التجارية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات بين موظفيها.
أوضحت أنه فى الشركتين اللتين حققتا أهدافهما اعتبر معظم المديرين أن المسئولية الاجتماعية للشركات ستؤتى ثمارها فى نهاية المطاف، ربما بطرق غير متوقعة.
وقال إنه من خلال خلق ثقافة تنظيمية لا يحتاج فيها المديرون إلى إثبات أن المسؤولية الاجتماعية للشركات مربحة على المدى القصير، فقد خلقت هذه الشركات مجالاً للمديرين لاستكشاف ما إذا كانت الممارسات قد حققت الأهداف المقصودة.
فى المقابل، فى الشركتين اللتين فشلتا فى تحقيق أهداف المسؤولية الاجتماعية للشركات، افتقر المديرون إلى الثقة فى جدوى المسئولية الاجتماعية وانخرطوا فى الأنشطة للحد من مخاطر محددة تتعلق بالسمعة أو المخاطر التنظيمية – وهى ثقافة تنظيمية لم تترك مجالًا كبيرًا لاستكشاف ما إذا كانت أنشطتهم فعالة وتحقق الأهداف أم لا.
وذكرت أنه من أجل غرس حجة تجارية واثقة فيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية، يتعين على الشركات ربط المكافآت بتحقيق أهداف المسئولية الاجتماعية للشركات، فعلى سبيل المثال، مكافأة للمديرين الذين كانوا قادرين على الحد من انبعاثات المصنع، وبالتالى توضيح أن المسئولية الاجتماعية للشركات مهمة بغض النظر عن تأثيرها.
كيف يمكن للمستثمرين المستدامين ووكالات التصنيف البيئى والاجتماعى والحوكمة مراقبة التجارب؟
وقالت المجلة، إنه إذا كان التنفيذ الفعال للمسئولية الاجتماعية تتطلب التجريب، فإن هذا مهم ليس فقط للشركات التى تنفذ المسئولية الاجتماعية للشركات، ولكن أيضًا للشركات التى تراقب خارجيًا أنشطة المسئولية الاجتماعية للشركات، والتى يعد المستثمرون المستدامون ووكالات التصنيف البيئية والاجتماعية والحوكمة أبرزها.
وأشارت إلى أن دراستهم أظهرت أن مراقبة الممارسات الحالية للشركة لا توفر صورة موثوقة لتأثير الشركة.
ويحتاج المستثمرون ووكالات التصنيف البيئية والاجتماعية والحوكمة أيضًا إلى مراقبة ما إذا كانت الشركات قد تبنت نهجًا تجريبيًا لتنفيذ المسئولية الاجتماعية للشركات.
وقالت إنه ينبغى لهم مراقبة من يشارك فى إنتاج المعرفة المتعلقة بالمسئولية الاجتماعية للشركات، على سبيل المثال، فى مجال مشاركة المساهمين، يمكن للمستثمرين المستدامين أن يسألوا الشركات عن الموظفين المشاركين فى إنتاج المعرفة المتعلقة بالمسئولية الاجتماعية للشركات.
أضافت:”على وجه التحديد، يمكن أن يطلبوا ما إذا كان المديرون المحليون أو الموظفون فى مواقع الإنتاج النائية يمكنهم إثارة المخاوف المتعلقة بالاستدامة، وكيف يتعامل المقر الرئيسى مع هذه المخاوف”.
وقالت إنه إذا أشركت الشركات مجموعة محدودة فقط من المديرين فى إنتاج المعرفة المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، فإنهم لا يدركون ما إذا كانوا يحققون الأهداف، وقد ينتهى بهم الأمر إلى الفشل فى إحداث تأثير إيجابي.
وقالت إنه يمكن للنهج التجريبى لتنفيذ المسئولية الاجتماعية للشركات أن يثير تحديات جديدة للمديرين، بما فى ذلك إدارة ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات غير المتسقة والحالات التى فشلت فيها التجارب المحلية.
لكنه ذكرت أنه مع ذلك، فإن النتائج واعدة وتفوق بقوة العيوب المحتملة. ففى نهاية المطاف، ما هو على المحك هو ما إذا كانت ممارسات المسئولية الاجتماعية للشركات التى تتبعها الشركات تحقق الأهداف المقصودة أم لا حتى لو تضمن ذلك إخفاق فى بعضها.