“نيكاى آسيان رفيو”: المنطقة تفتقر إلى منصة مشتركة لتبادل البيانات الجمركية وتحتاج لخفض الضرائب
يعتمد مستقبل النمو العابر للحدود في رابطة دول جنوب شرق آسيا (منطقة الآسيان) على قدرة أكثر من 71 مليون شركة صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر على الاستفادة الفعالة من التجارة الرقمية.
وفي ظل توقع تضاعف حجم الاقتصاد الرقمي في هذه المنطقة إلى تريليون دولار بحلول نهاية العقد، فإن طريق النجاح يعتمد على كيفية تعاون القطاعين العام والخاص على المدى الطويل.
تعمل العديد من هيئات القطاع العام بجد لتعزيز التعاون عبر الحدود، إذ تعد مبادرات مثل اتفاقية إطار الاقتصاد الرقمي للآسيان ومبادرة المعايير الرقمية التابعة لغرفة التجارة الدولية أمثلة على الأطر الشاملة الهادفة لجعل المنطقة أكثر تكاملاً من الناحية الرقمية، حسب ما نقلته مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
ورغم أهمية هذه المبادرات العامة لدفع المنطقة قدماً، يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا نمتلك العقلية الصحيحة لتنفيذ تغيير حقيقي ومستدام.
وهل هناك طريقة مختلفة يمكن من خلالها للقطاعين العام والخاص التعاون لخلق نظام بيئي أكثر تماسكاً وبساطة؟ وهل يمكن إنشاء نظام يكون شاملاً ومتاحاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة المحلية ويعزز في الوقت نفسه تدفق التجارة داخل المنطقة دون المساس بالسيادة الوطنية لكل دولة؟
في الوقت نفسه، ثمة إدراك تام أن عملية التخليص الجمركي في التجارة العابرة للحدود هي دائماً المرحلة الأكثر إرباكاً.
ومن خلال تجربة أداة “تلي بورت” في نقل الشحنات عبر المنطقة، فقد أدركت المنطقة كيف يمكن أن تكون هذه العملية مرهقة، إذ تشمل مئات الوثائق لكل معاملة، ويمكن أن تستغرق العملية برمتها ما يصل إلى ثلاثة إلى أربعة أيام.
كيف يمكن دمج القدرات الفردية للدول على منصة مشتركة؟
حان الوقت لجعل رحلة التخليص الجمركي أكثر كفاءة وخالية تماماً من الورق عبر المنطقة، حيث تحتاج المنطقة إلى منصة مشتركة لتبادل البيانات من أجل تسهيل تبادل المعلومات بين مكاتب الجمارك.
وهذا الأمر سيسمح بقدرات الفوترة الرقمية والوثائق للشركات العاملة في التجارة الإلكترونية.
ولجعل التجارة عبر الحدود داخل المنطقة أكثر سهولة أيضًا، تزداد الحاجة إلى خفض الضرائب، علمًا بأن الشحن من الصين إلى الآسيان أرخص من الشحن بين دول الآسيان نفسها.
الواقع أن آسيان لديها بالفعل بعض قصص النجاح لترويها، فعلى سبيل المثال سنغافورة وتايلاند، حيث نجحتا في رقمنة عمليات الجمارك، مما أدى إلى معاملات محلية أكثر فعالية من حيث التكلفة والشفافية.
إذاً كيف يمكن لبقية المنطقة تبني نفس الأنظمة التكنولوجية بسرعة؟ وكيف يمكن بعد ذلك دمج القدرات الرقمية الفردية للدول على منصة مشتركة لضمان تجربة سلسة عبر الحدود؟
أكثر من 80% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة تتفق على أنها تستطيع الوصول إلى قاعدة عملاء أوسع من خلال المنصات الرقمية، ونعلم أن أسرع طريقة لنقل البضائع في جنوب شرق آسيا هي عن طريق الجو.
وندرك أيضًا أهمية قدرة المنطقة على التجارة عبر الجو وربطها الاقتصادي، ودورها في تعزيز الفرص الاقتصادية للشركات الصغيرة في هذه المنطقة.
لا شك أن المنطقة بحاجة إلى نظام تجاري عابر الحدود يكون فعالاً وسريعاً بما يكفي لفتح فرص السوق الحقيقية لهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
أظهر استطلاع أجرته شركة “ديلويت” أن 75% من العملاء يتوقعون تسليم طلباتهم في غضون يومين أو أقل.
ومن الواضح أن مزيج السرعة والتكلفة لم يعد رفاهية، بل تطور اليوم ليصبح متطلبًا تجاريًا أساسيًا للنمو.
ثمة ما يكفي من الحوافز للقول بأن الشركات العاملة في التجارة الإلكترونية في منطقة الآسيان بحاجة إلى بيئة تشغيلية عابرة للحدود أفضل لكي تتمكن من التجارة بسرعة أكبر وبأقل تكلفة، ولتحظى بفرص متساوية للتنافس فيما بينها.
يتطلب التزام آسيان الطويل الأمد بتبني التحول الرقمي الجهد الجماعي من الجميع في النظام البيئي، وسيستغرق الأمر تعاونًا إقليميًا لتعزيز القدرات الرقمية عبر الحدود لتحقيق تغيير شامل وملموس.
ومن المتوقع أن يستفيد النمو الاقتصادي لآسيان بشكل أكبر عندما تكون التجارة عبر الحدود متكاملة جيدًا، وهذا يعني أن الشركات ستكون أكثر اتصالاً وأفضل قدرة على تلبية الطلب المتزايد والحجم المتنامي في المنطقة.
كما يعني أن المنطقة ستكون قادرة على تحقيق مزيد من الكفاءة وستكون في وضع أفضل لخدمة الاقتصادات العملاقة مثل الصين.
ومن هنا، ستكون هناك حقبة من النمو الاقتصادي بلا حدود تنتظر آسيان.








