قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر تستهدف زيادة عدد العاملين بقطاع الصناعة إلى 7 ملايين عامل في 2030، وهو ضعف العدد الحالي الذي يبلغ 3.5 مليون عامل.
وألقى رئيس الوزراء، اليوم الخميس، كلمة خلال الجلسة رفيعة المستوى الثانية تحت عنوان “التحول الصناعي وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء”، ضمن فعاليات قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي بالعاصمة الصينية بكين.
وأضاف مدبولي، أن منطقة تيدا أصبحت بعد أكثر من 16 عاماً من التطوير والبناء، منصة مهمة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والصين، حيث ساهمت المنطقة حتى نهاية يوليو 2024 في جذب نحو 170 شركة.
وأوضح أن حجم الاستثمار الفعلي للمشروعات بالمنطقة تجاوز 3 مليارات دولار، فيما بلغ حجم المبيعات أكثر من 5 مليارات دولار.
أفريقيا تُوفر فُرصًا واعدةً للتجارة والاستثمار
وقال رئيس الوزراء، إن اجتماع اليوم يأتي في سياقٍ عالمي يَمُوج بالأزمات والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية على كافة الأصعدة، وهو ما يُحتم تَبَنَّي توجه مختلف أكثر عدالةً وأكثر إنصافاً، يراعي التحولات الدولية والاحتياجات التنموية المتزايدة لدول الجنوب، وعلى الأخص القارة الأفريقية.
ولفت إلى أن القارة الأفريقية تتمتع بآفاق رَحْبة للتنمية، لكونها تمتلك أكبر معدلات للنمو السكاني في العالم، حيث تجاوز عدد السكان 1.5 مليار نسمة هذا العام، ولذا تعدُ سوقاً ضخمة تُوفر فُرصًا واعدةً للتجارة والاستثمار، لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة القارية ودخولها حيز التنفيذ، وهو الإنجاز الضخم الذي تحقق خلال الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي عام 2019.
وأكد أن مصر سعت، بحكم رئاستها للجنة التوجيهية لوكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية – النيباد، إلى توظيف فترة رئاستها لتسريع وتيرة تنفيذ الأهداف التنموية للاتحاد الأفريقي المتضمنة في أجندة 2063، والعمل على التغلب على المعوقات الكبيرة التي تُعرقل تنفيذها، وعلى رأسها حشد التمويل للمشروعات الأفريقية الرائدة.
واعتبر رئيس الوزراء أن تحقيق الآمال المشروعة للشعوب الأفريقية في النمو والتنمية والازدهار، والتغلب على المعوقات التي تقف أمام ذلك، هو مسئولية الحكومات والشعوب الأفريقية في المقام الأول بلا جدال، مستدركاً بأن ضخامة كل من الفرص والتحديات التي تواجه القارة وشركائها الاستراتيجيين، مثل الصين، يفرض على الجميع التفكير خارج الصندوق وتبني مقاربات جديدة لتحقيق المصالح المشتركة.
وأكد أن القارة الأفريقية في حاجة إلى شراكة حقيقية مع الصين التي نجحت في تحقيق طفرة صناعية، وهو ما يقع في إطار أهداف المنتدى الصيني الأفريقي، ويتسق كذلك مع مخرجات قمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية للتصنيع التي عقدت في نيامي بالنيجر عام 2022، والتي جددت التزام الاتحاد الأفريقي بتنمية وتعزيز هذا القطاع الهام، كما يتسق مع مبادرات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة، وعلى رأسها مبادرة تسريع التنمية الصناعية في أفريقيا AIDA.

وأشار إلى ضرورة أن يتضمن ذلك، العمل على رفع قدرات ومهارات العمالة ونقل الخبرات، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية المتعددة بين التجمعات الاقتصادية الأفريقية بهدف زيادة معدلات التصدير، فضلاً عن تحفيز القطاع العام والخاص الصيني لتوجيه مزيد من الاستثمارات الصينية إلى الدول الأفريقية لدفع جهود توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، والاستفادة من القدرات الكبيرة التي تمتلكها بلدان القارة، وأيضا من خلال نقل المعرفة وتبادل الخبرات.
وخلال كلمته، أوضح مدبولي أن الحكومة المصرية تتعامل مع تطوير القطاع الصناعي باعتباره قاطرة للنمو الاقتصادي، وتسعى مصر جاهدة لتعزيز البنية التحتية الصناعية وتعميق الصناعة من خلال إعداد الاستراتيجية الوطنية للصناعة؛ للنهوض بالصناعة المصرية وتحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي.
وأوضح أن هذه الخطة ترتكز على عدة محاور، تشمل إنشاء مصانع جديدة لتوفير جزء من احتياجات السوق المحلية ومستلزمات الإنتاج عبر تعميق الصناعة، إلى جانب زيادة القاعدة الصناعية بغرض زيادة الصادرات وخاصة الصناعات التي تعتمد على المواد والخامات الأولية الموجودة بالفعل بالسوق المحلية أو التي يتوافر تكنولوجيا ومدخلات إنتاجها، وبجودة عالية وبأسعار منافسة في أسواق التصدير، فضلاً عن التوظيف من أجل الإنتاج بما يساهم في خفض معدلات البطالة ورفع مستوى المعيشة للأسر المصرية.
وأشاد رئيس الوزراء بأوجه التعاون المختلفة بين مصر والصين في مجال الصناعة، وعلى رأسها إقامة منطقة تيدا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، معتبراً أن منطقة تيدا تعد نموذجاً ومشروعًا بارزًا يوضح العلاقة بين استراتيجية “الحزام والطريق” في الصين واستراتيجية التنمية لمحور قناة السويس في مصر.
تحديث الزراعة لا يقل أهمية عن تحديث الصناعة
وأكد مدبولي، أن تحديث الزراعة لا يقل أهمية عن تحديث الصناعة، لتحقيق الأمن الغذائي لشعوب القارة، معتبراً انها إشكالية مُركبة، حيث يتعلق الشق الأول منها بالتحديات التي تواجهنا في “النفاذ” إلى السلع الغذائية والسماد بسبب تذبذب سلاسل الإمداد العالمية، واضطراب مسارات الشحن، وتأثر إنتاجية القطاع الزراعي في العديد من الدول النامية بتداعيات تغير المناخ.
وأضاف أن الشق الثاني فيتعلق بتحدي “التمويل” الذي تعاني منه الدول النامية؛ المُستورِد الصافي للغذاء على وجه الخصوص، ومنها مصر، إثر ارتفاع فاتورة الاستيراد بالنسبة لها في ظل القفزة القياسية التي شهدتها الأسعار العالمية للسلع الزراعية الاستراتيجية في السنوات الأخيرة.
وأوضح أن الزراعة تُمثل حجر الأساس لاقتصاديات العديد من الدول الإفريقية، بما يُمثل أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة.
“اقتصادية قناة السويس” تبحث التعاون مع “بيفار” الصينية بمجالات الطاقة النظيفة
وأضاف أن قارة أفريقيا، وبرغم أنها تمتلك أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة بين سائر القارات، فإن نسبة السكان الذين يواجهون الجوع بها تستمر في الارتفاع حتى وصلت لـ20.4% من إجمالي سكان القارة، وهو ما يُمثل أكثر من نصف الأشخاص الذين يواجهون الجوع في جميع أنحاء العالم.
ومن هنا، أكد رئيس الوزراء أهمية تحديث الزراعة لمواكبة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه القارة الأفريقية، والتي تعد الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية لتغير المناخ، مؤكداً أن مصر تسعى لتعزيز الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التي يُقدمها الجانب الصيني؛ من خلال الحصول على الدعم الفني والتكنولوجي وتبادل الخبرات.
وشدد مدبولي، خلال كلمته، على أن إشكالية ندرة المياه تؤثر على 2.5 مليار نسمة في العالم، وهو ما يتطلب جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية لتطوير قطاع الزراعة بالدول النامية، وتيسير نقل التكنولوجيا وتوطينها، وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية، واستحداث أساليب الزراعة ونظم الري المستدامة، وتقليل الفاقد من الإنتاج الزراعي لتحقيق المستوى الآمن من الاكتفاء الذاتي.
وفي ختام كلمته، أشار إلى أن البرامج والتعهدات الجديدة التي أعلن عنها الرئيس شي جين بينج، سوف تسهم في تعزيز الشراكة الصينية الأفريقية في مختلف المجالات، وبما يساعد فى دفع جهود تحقيق التنمية الشاملة في أفريقيا.








