تترقب السوق المصرية تقنين أوضاع التمويل الجماعي لينضم تحت مظلة قانونية تمكن المستثمرين والأفراد على حد سواء للاستفادة من هذا النوع من التمويل الذي بات يشهد قفزات نمو في الدول التي قننته.
وتسعى الهيئة العامة للرقابة المالية لتشريع قانون التمويل الجماعي منذ فترة طويلة ضمن الاستراتيجية الشاملة للخدمات المالية غير المصرفية، وقد تم الانتهاء من مشروع القانون منذ فترة، وهو الآن في انتظار اللائحة التنفيذية.
والتمويل الجماعى هو أحد أدوات التمويل التي تتم من خلال تمويل الأفراد لأفراد آخرين أو مؤسسات، بالإضافة إلى أنواع أخرى، وتتم هذه العملية في الكثير من الدول عبر منصة رقمية مرخصة.
ويعمل عدد قليل من منصات التمويل الجماعى في مصر عبر الإنترنت. ويعد “كيكستارتر Kickstarter” أحد أكثر منصات التمويل الجماعى شيوعاً في مصر، حيث يتيح للمستخدمين مشاركة مشاريعهم مع مجتمع من الداعمين، الذين يمكنهم تقديم الدعم المالي.
وهناك منصات أخرى مثل “اندجوجو Indiegogo”، وهو موقع إلكتروني يسمح للمستخدمين بتحميل ومشاركة صور منتجاتهم وأفكارهم من أجل التمويل، و”بيتلوم Bitlum”، وهي عبارة عن منصة تتيح للشركات جمع الأموال من المستثمرين عن طريق بيع المنتجات أو الخدمات.
الهادي: تطبيق التمويل الجماعي في مصر يحتاج لتفادي المخاطر
وقال حاتم الهادي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة كارفي للاستشارات المالية، إن التمويل الجماعي يحتاج إلى طبيعة خاصة عند تطبيقه في مصر لتجنب مخاطره وللتعامل مع التلاعبات التي قد تحدث. وأضاف أن هذا النوع من التمويل يتم في الخارج من خلال تطبيق إلكتروني مرتبط بشركة استعلام ائتمانى، لإظهار جميع البيانات والمعلومات التي تضمن التزام العميل وعدم التلاعب، بالإضافة إلى ضمانات أخرى. وتابع أن تطبيق التمويل الجماعى في مصر بالشكل المتاح بالخارج يحتاج إلى تشريعات تنظمه، وإتاحته ستجذب العديد من العملاء ممن لا يستطيعون الحصول على التمويلات من البنوك وجهات التمويل الحالية.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية تسعى إلى تفعيل آلية التمويل الجماعي من خلال الأسهم (Equity Crowdfunding)، والتي تسمح للأفراد بالاستثمار في شركات ناشئة أو في مراحل مبكرة مقابل أسهم تلك الشركات، بحيث يتلقى المستثمرون عوائد على استثماراتهم في التمويل الجماعى لأسهمهم من أرباح الأسهم أو بيع الشركة أو من خلال بيع الأسهم إذا أصبحت الشركة مدرجة في البورصة لجذب المستثمرين.
صديق: وضع التشريعات الخاصة سيضمن التطبيق بشفافية
وأشار محمد صديق، المدير التنفيذي لشركة سينرجي للاستشارات المالية، إلى أن التمويل الجماعي أداة تمويل متاحة منذ فترة طويلة، ولكن معظم المنصات التي تقدمها غير مؤسسة في السوق المصرية ولا تستطيع التوسع بالشكل الكافي.
ولفت إلى الحاجة لتقنين هذا النوع من التمويل من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية. ودعا الهيئة إلى وضع التشريعات الخاصة بالتمويل الجماعى لضمان تطبيقه بشفافية، وتعيين مستشار مالي مستقل لتقييم الشركات التي تريد الحصول على التمويل لتحديد قدرتها على السداد في حال التمويل عن طريق الإقراض، خاصة مع وجود خطورة بهذا النوع من التمويلات، مع تحديد نسب مساهمة ملكية الممولين عبر تقييم الشركة المستهدفة بالتمويل إذا كان التمويل عن طريق المساهمة في رأس مال الشركة المستهدفة.
صفقة “تمويلى” تجذب الانتباه إلى قطاع تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة
وتابع أن تقنين التمويل الجماعي سيخلق فرصًا جديدة في السوق المصرية ويزيد من الشركات التي ترغب في التمويل عن طريق هذه الآلية، موضحًا أنها ستكون آلية مناسبة لعدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وحظرت الهيئة العامة للرقابة المالية على الشركات العاملة في مصر مزاولة نشاط التمويل الجماعى من داخل مصر أو خارجها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الهيئة وفقًا للشروط التي وضحها مشروع القانون، حيث يتيح التشريع الجديد للهيئة سلطة إصدار تراخيص مؤقتة للشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية.
وادي: وجوده بالشكل الملائم سيخلق فرصًا قوية في السوق المصرية
وقال أحمد وادي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “ماني فيللوز”، إن التمويل الجماعي في مصر لم يشهد زخمًا كبيرًا كما هو الحال في البلدان التي قدمته منذ فترة طويلة، مؤكدًا أن وجوده بالشكل الملائم سيخلق فرصًا قوية في السوق المصرية. وأشار إلى أهمية التمويل الجماعى في خدمة الشركات، خاصة الصغيرة منها، لمساعدتها على التوسع ويسمح لها بالحصول على التمويل بسهولة في الإجراءات.
وتابع أنه لضمان سهولة ويسر تطبيق التمويل الجماعي في مصر، من الممكن دراسة الدول الأخرى التي تطبق التمويل الجماعي بشكل متاح للجميع وتطبيق نسخة منها في القواعد والضمانات مع إضافة التعديلات التي تتناسب مع الدولة، وبذلك يجذب التمويل الجماعي المستثمرين بشكل كبير.
وترى دارسة صادرة عن شركة فاستر كابيتال أن إتاحة منصات التمويل الجماعي في مصر ستخلق طريقة للشركات الناشئة للوصول إلى التمويل، والذي يمكن استخدامه لمجموعة متنوعة من الأغراض مثل التطوير والتسويق والتوسع.
وأكد التقرير أن أفضل وقت لبدء التمويل الجماعي في مصر هو عندما تكون الشركة قيد التطوير ولا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن مستقبلها. ومع ذلك، من المهم أيضاً التفكير في الأشهر التي تسبق إطلاق الحملات بحيث يمكن للداعمين أن يكونوا متحمسين بشأن استثماراتهم وليس مجرد انتظار شيء يأملون حدوثه.