في عالم تتسارع فيه الابتكارات ويتحول السلوك الاقتصادي بشكل يومي، تجد بعض البنوك نفسها أمام مفترق طرق؛ إما أن تبقى وفية لهويتها القديمة أو أن تُعيد ابتكار نفسها تحت راية جديدة.
تغيير العلامة التجارية للبنك ليس مجرد تبديل لشعار أو تعديل في الألوان، بل هو إعلان بأن البنك يرى المستقبل بمنظور جديد، وأنه يسعى لمواكبة التغيرات وقد يكون له أسباب أخرى تتعلق بصفقات أو تغير فى هيكل المساهمين.
وخلال الأسبوع الماضي، غيّر بنك الاستثمار العربي (aiBANK) علامته التجارية إلى بنك نكست (Bank NXT)، لتعزيز التحول الرقمي وتوفير المزيد من الحلول لتلبية الاحتياجات المتغيرة للعملاء من الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات، عن طريق بدء فصل جديد من تقديم الحلول المالية والخدمات المصرفية يسهل الوصول إليها، وفقاً لبيان نشرته المجموعة المالكة بحصة 51% “إي إف جي القابضة”.
قال وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصرى، إن تغيير البنوك لعلامتها التجارية رسالة تبعثها للجمهور والعملاء بأن هناك تغييراً جذرياً، محاولة منها لتغيير الصورة الذهنية عن المؤسسة عند العملاء.
فهمى: تغيير العلامة يعكس تغير سياسات البنك وهيكل المساهمين
وقال ماجد فهمي، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، إن تغيير العلامة التجارية للبنوك يأتي عادة مصحوبًا بتغيير في السياسة أو الاستراتيجية أو القاعدة الرأسمالية أو هيكل المساهمين.
وأضاف أنه يُراد بها غالباً مزيداً من التوسع، أو أنشطة مصرفية أخرى، ومنها التوجه نحو الفروع الرقمية، بالإضافة الى الجوانب التسويقية، ومنها تغيير الصورة الخاصة بالبنك في السوق.
وجيه: البنوك الحكومية ليست بحاجة لتغيير علاماتها التجارية
وقالت شيماء وجيه، مصرفية بأحد البنوك الخاصة، إن التغيير لا يكون للاسم والشعار فقط، بل يعنى أن البنك بصدد إحداث هيكلة شاملة في كافة قطاعاته من خلال تبني استراتيجيات تطلعية واستبقاية جديدة، ومحاولة تنويع الخدمات التي يستهدف البنك إطلاقها خلال الفترات المقبلة.
وأشار “ناجي” إلى أن بعض البنوك قد تسعى لإنشاء علامة تجارية لاجتذاب جيل جديد من العملاء، لكنها في الوقت ذاته لا تتخلى عن علامتها التجارية إذا كانت ذات قيمة كبيرة مثل بنك مصر والبنك الأهلي والبنك التجاري الدولي.
ومنح البنك المركزي في مايو الماضي الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمي مصري وهو (وان بنك)، لصالح شركة مصر للإبتكار الرقمي وهي شركة أنشأها بنك مصر في 2020.
وأوضحت “وجيه” أنه ليست كل البنوك بحاجة لتغيير علامتها التجارية، وخصوصاً إذا كانت بنوك وطنية تعبر بأسمائها وعلامتها التجارية عن كيان الدولة، وربما يطرأ التغيير في العلامة التجارية على البعض الآخر من البنوك الخاصة، وفي حالة حدوثه سيكون بشكل تدريجي على مدار السنوات القادمة.
وكانت عدد من البنوك قد غيرت علامتها التجارية خلال السنوات الماضية، أو شكل العلامة، منها بنك الشركة المصرفية العربية الدولية SAIB، وبنك مصر إيران للتنمية ليصبح “ميد بنك”، وتحول بنك التنمية الصناعية والعمال المصري إلى بنك التنمية الصناعية، وكذلك بنك التنمية والائتمان الزراعي المصري ليصبح “البنك الزراعي المصري”.
اقرأ أيضا: البنوك تتوسع فى الضمانات الخارجية لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة
وأيضاً، كان البنك المصري الخليجي له تواجد في هذا الاتجاه حيث أصبح اسمه التجاري الذي يحرص على الترويج له EG BANK.
وأوضح “فهمي” أن التغيير عادة ما يأتي مصحوباً بتغيير الاستراتيجية، كما حدث معهم في بنك التنمية الصناعية في سبتمبر 2018، مما دفع البنك للانطلاق بصورة كبيرة في السوق، لكن يظل الأداء الإيجابي للبنك مرتبطاً بتغيير الاستراتيجية.
وألمحت “وجيه” إلى أن التجارب السابقة تشير إلى التأثير الإيجابي لتغيير العلامة التجارية على المصارف أو الشركات، وكذلك التجارب الحالية توضح التأثير الإيجابي لها على مؤشرات الأداء المصرفي داخل البنوك المتبنية هذه السياسة على المدى القصير، وخصوصاً مع تبنيها لسياسات مصرفية جديدة و استراتيجيات واعدة لتطوير الأداء المصرفي.
وأضاف “ناجي” أن تغيير العلامة التجارية قد يدفع البعض للفضول تجاه المؤسسة بحيث يكون متطلعاً لرؤيتها بعد التغيير، لكن يظل الأساس في تغيير البنك لأدائه وخدماته وسرعته وليس مجرد تغيير العلامة التجارية فقط.
وأوضح أن العلامة التجارية تعد قيمة في ذاتها تساوي في بعض الأحيان مليارات الدولارات في بعض الدول، حيث تعد جزءاً تسويقياً مهماً، لكن يجب أن تكون مدعومة بأساس قوي من المنتجات ومستويات الخدمة القوية، حيث يتمثل التحدي الأبرز في بناء الصورة الذهنية الايجابية عند العملاء.
4 بنوك بين أعلى العلامات التجارية قيمة سوقية فى مصر.. و”الأهلى” يتصدر
وبحسب تصنيف “براند فاينانس” فإن قائمة أكبر 10 علامات تجارية من ناحية القيمة السوقية تضم بينها 4 بنوك ويتصدرها البنك الأهلى المصرى مع وصول قيمة العلامة التجارية إلى 655 مليون دولار فى 2024 ارتفاعًا من 478 مليون دولار فى 2023.
وفى المركز الرابع جاء بنك مصر بقيمة سوقية لعلامته تصل إلى 377 مليون دولار مقابل 417 مليون دولار فى 2023.
وفى المركز الخامس جاء البنك التجارى الدولى بقيمة سوقية 340 مليون دولار فى 2024 مقابل 328 مليون دولار فى 2023، وجاء العربى الأفريقى فى المركز العاشر بقيمة سوقية 124 مليون دولار
وعلى الصعيد العالمى يحتل البنك الأهلى المرتبة 262 بين 500 بنك فى قائمة “براند فاينانس” يليه بنك مصر فى المركز 356، والبنك التجارى الدولى فى المركز 378.
