شركتان فقط تراجعت تكاليفهما في أول تسعة أشهر من 2024
ارتفعت التكاليف التشغيلية للشركات في مصر مما أثر بدوره على ربحية الشركات على مدار السنوات الثلاثة خلال الفترة ما بين (2022-2024).
وأجرت “البورصة” مسحًا على القوائم المالية لنحو 20 شركة من المدرجة بالبورصة المصرية، وشهدت 18 شركة من أصل 20 ارتفاعًا فى التكاليف التشغيلية نتيجة ارتفاع المصروفات بنسب تراوحت ما بين 7 و86% خلال فترة المسح في أول تسعة أشهر من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
تعتبر تكاليف التشغيل عنصرا حاسما في الصحة المالية لأي شركة، وهي تشمل النفقات اليومية اللازمة للحفاظ على استمرارية الشركة، بدءاً من الإيجار والمرافق وحتى رواتب الموظفين، يمكن لإدارة هذه التكاليف بفعالية أن تؤثر بشكل كبير على ربحية الشركة واستدامتها.
شهد معدل التضخم في مصر ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث بلغ معدل التضخم في شهر سبتمبر من العام الحالي 24.9%، مقارنة بـ 39.7% في نفس الشهر من العام الماضي، و17.9% في العام الذي سبقه، وهو ما أثر بصورة مباشرة على تكاليف الشركات التشغيلية.
“جي بي كورب” صاحبة القفزة الأكبر فى ارتفاع التكاليف بنسبة 86%
ورصدت «البورصة» أراء مراكز البحوث والشركات فى الاستراتيجات المتبعة فى تقليل التكاليف.
وشهدت شركة جى بي كورب القفزة الأكبر فى ارتفاع التكاليف التشغيلية بواقع 86% حيث ارتفعت من 15 مليار جنيه فى التسعة أشهر الأولى من عام 2023 إلى 28 مليار جنيه فى نفس الفترة من العام الجاري.
فيما زادت تكاليف شركة بالم هيلز بنحو 55% خلال فترة المسح لتصل إلى 12 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2024، مقارنة بنحو 7 مليارات جنيه بنهاية سبتمبر من العام الماضي.
وعلى الرغم من ذلك لم تتأثر هوامش ربحية حيث ارتفع هامش مجمل الربح للشركة خلال من 34% فى الستعة أشهر الأولى من عام 2024 إلى 36% خلال نفس الفترة من العام الماضي.
أبوالنجا: الشركة انتهجت سياسات تحوطية حافظت على هوامش الربحية
قالت رضوى أبوالنجا، رئيس قطاع علاقات المستثمرين بشركة بالم هيلز، إن سبب زيادة هامش مجمل الربح على الرغم من ارتفاع التكاليف التشغيلية، يرجع إلى أن الشركة لديها مخزون من الأراضي قبل بداية ارتفاع أسعار الأراضي في السوق.
وأوضحت أبوالنجا لـ”البورصة”، أن الشركة اتبعت سياسات تحوطية قبل ارتفاع معدل التضخم ساعدتها على تخطي الأزمة دون المساس بهامش مجمل الربح، من زيادة أسعار الوحدات المباعة والتسعير الجيد للوحدات، وغيره من السياسات.
ولفتت إلى أن شركتها رفعت الإنفاق على البناء بإبرام عقود مقاولات، وتوفير مستلزمات البناء لتجنب زيادة الأسعار، وأيضا لدى الشركة مخزون من الوحدات الجاهزة للتسليم المبنية مسبقًا ويتم تسعيرها بسعر السوق الحالي لذلك فاقت الإيرادات التشغيلية للشركة ارتفاع التكاليف.
وسجلت شركة الشرقية للدخان – إيسترن كومباني نسبة نمو في التكاليف التشغيلية خلال الفترة من بداية العام وحتى سبتمبر بنسبة 21%، حيث سجلت التكاليف قيمة 11.23 مليار جنيه مقابل 9.28 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي مما دفع هوامش الربحية للتأثر بصورة طفيفة حيث تراجعت إلى 45% بنهاية سبتمبر من العام الجاري، و48% بنهاية سبتبمر من العام الماضي، و46% بنهاية سبتبمر من العام الأسبق.
عبدالرحمن: نعمل على وضع استراتيجية لخفض التكاليف
قال محمد عبد الرحمن، مدير علاقات المستثمرين بشركة الشرقية – إيسترن كومباني، إن التراجع الطفيف فى هامش مجمل الربح، نظرًا لكون الشركة تلجأ لاستيراد المواد الخام من التبغ الداخلة فى عمليات التصنيع بالعملة الأجنبية مما يجعلها تتأثر بحركة سعر صرف الجنيه أمام الدولار التى شهدت تطورًا على مدار العامين الماضيين.
وأكد عبدالرحمن لـ”البورصة”، أن الشركة تعمل على وضع خطة استراتيجية لتقليل التكاليف وتحسين التي هامش مجمل الربح من خلال توفير مخزون من المنتجات التي تقوم باستيرادها من الخارج لمدة عامين مقبلين، للتحوط من حدوث أي تغيير فى الأوضاع الاقتصادية، وتعمل الشركة أيضًا على زيادة المبيعات من خلال فتح أسواق جديدة.
“فاستر كابيتال” تحدد 7 عناصر يجب تضمينها فى استراتيجيات تقليل التكاليف
وحددت فاستر كابيتال، 7 عناصر أساسية يجب أن تتبناها الشركات فى استراتيجيات خفض التكاليف المرتفعة خلال فترات التضخم، وأضافت أن أول تلك العناصر يتمثل فى ضرورة «تبني التكنولوجيا» والتى من شأنها تغيير قواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بخفض التكاليف، ومن خلال تنفيذ الحلول البرمجية والأنظمة الآلية، يمكن للشركات تبسيط العمليات وتقليل الحاجة إلى العمل اليدوي، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي اعتماد نظام تخطيط موارد المؤسسة إلى دمج وظائف مختلفة مثل المحاسبة وإدارة المخزون والموارد البشرية، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وانخفاض التكاليف الإدارية.
وأوضحت أن العنصر الثاني يتمثل فى «التفاوض بشأن عقود واتفاقيات البائعين»، حيث يمكن أن يؤدي الانخراط في مفاوضات استباقية مع البائعين إلى توفير كبير في التكاليف، ومن الضروري الحفاظ على التواصل المفتوح واستكشاف الفرص للحصول على خصومات كبيرة أو شروط دفع ممتدة أو موردين بديلين.
وأكدت على ضرورة تبنى «تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة» ضمن استراتيجات خفض التكاليف، خاصة أن نفقات الطاقة هى الجزء الأكبر من تكاليف التشغيل للعديد من الشركات، إلى جانب العنصر المهم المتمثل في «تحسين إدارة القوى العاملة»، خاصة إن إدارة تكاليف العمالة أمراً بالغ الأهمية للتحكم الفعال في التكاليف. يتضمن ذلك ضمان توافق مستويات الموظفين مع المتطلبات التشغيلية.
وحددت العنصر الخامس ضمن استراتيجات خفض التكاليف ضرورة «الاستعانة بمصادر خارجية للوظائف غير الأساسية» مثل المحاسبة أو خدمة العملاء أو دعم تكنولوجيا المعلومات، خطوة استراتيجية لخفض التكاليف،ومن خلال الاستفادة من مقدمي الخدمات المتخصصين، يمكن للشركات في كثير من الأحيان الاستفادة من وفورات الحجم والوصول إلى الخبرات المتقدمة.
زيادة التكلفة خفض هوامش ربحية الشركات على مدار 3 أعوام
وأكدت على ضرورة «مراقبة النفقات وتحليلها بانتظام»، حيث يمكن أن يوفر استخدام برامج تتبع النفقات أو الاستفادة من خدمات المستشار المالي رؤى قيمة. ومن خلال تحديد المجالات التي تكون فيها التكاليف أعلى باستمرار من المتوقع، يمكن للشركات اتخاذ إجراءات مستهدفة لمعالجة أوجه القصور.
وأخيرًا ترى ضرورة لتضمين «تنمية ثقافة الوعي بالتكلفة» عبر نشر ثقافة الوعي بالتكلفة بين الموظفين يمكن أن يكون له تأثير عميق على خفض تكاليف التشغيل، وتشجيع الموظفين على تحديد الممارسات المسرفة والإبلاغ عنها أو اقتراح تدابير لتوفير التكاليف يمكن أن يؤدي إلى عملية أكثر كفاءة.
وتابعت أن أن تبنى تلك الاستراتيجيات بالضرورة سيحسن من عملية إدراة التكاليف وسيؤدى إلى تخفيضات كبيرة في تكاليف التشغيل، مما يساهم في النهاية في تحسين الربحية والاستقرار المالي.
وأكدت على أن الإدارة الفعالة للتكاليف عملية مستمرة تتطلب القدرة على التكيف وفهماً عميقاً للاحتياجات والتحديات المحددة لشركتك، ومن خلال تنفيذ الاستراتيجيات، يمكن للشركات التنقل عبر المشهد المعقد لتكاليف التشغيل بكفاءة.
مصدر: شركات تداول الحاويات تبحث زيادة العملاء
وقال مصدر مطلع بإحدى شركات تداول الحاويات لـ”البورصة”، إن التكاليف الأساسية لدى تلك النوعية من الشركات تتمثل في قطع غيار، وأجور، صيانة للماكينات، فتأثر الشركة بارتفاع معدلات التضخم لم يكن بشكل عنيف كما في القطاعات الأخرى.
وأضاف المصدر، أن الشركات فى هذا القطاع تتغلب على التحديات عبر زيادة عدد العملاء مما يدفع بدوره زيادة إيرادات الشركة ويمنع تآكل هوامش الربحية.
وقفز هامش مجمل الربح لشركة الأسكندرية لتداول الحاويات والبضائع منذ بداية العام وحتى سبتمبر الماضي ليسجل 79%، مقابل 78% و69% خلال نفس الفترة فى العامين السابقين على الترتيب، وجاء ذلك على الرغم من ارتفاع تكاليف الشركة لتصل 1.40 مليار جنيه خلال التسعة أشهر الاولى من العام الجاري، مقابل مليار جنيه خلال نفس الفترة من عام 2023.
شفيع: التضخم رفع تكاليف جميع الشركات بالقطاعات الاقتصادية
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الاوراق المالية، أنه على مدار الثلاث سنوات شهدت مصر زيادات مطردة في معدلات التضخم وارتفاع سعر صرف الجنيه أمام الدولار مما تسبب بدوره فى موجة من ارتفاع التكاليف على جميع الشركات فى كافة القطاعات الاقتصادية.
وأوضح أن العنصر الفارق بين طبيعة كل قطاع وآخر هو مدى قدرته على تمرير التكاليف للمستهلك النهائي.
وأضاف شفيع، أن أكثر القطاعات المستفيدة من ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم هم القطاع العقاري على رأسهم أسهم شركة “بالم هيلز” و”مدينة مصر للإسكان”، وقطاع مواد البناء، والقطاع الصناعي مثل “السويدى إليكتريك”، وقطاع الخدمات المالية غير المصرفية بقيادة سهم “إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية”.
وأوضح شفيع، أن قطاع البتروكيماويات رغم استفادته من تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلا أنه تأثر بسبب التضخم فى ارتفاع التكاليف.
وهبط هامش مجمل الربح بشركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية خلال التسعة أشهر الاولى من العام الحالي، ليسجل 33% مقابل 66% خلال عام 2022 و33% خلال عام 2023.
وسجلت الشركة ارتفاعا في التكاليف لتصل إلى 2.43 مليار جنيه مقابل 2.28 مليار جنيه فى عام 2023، و1.62 مليار جنيه خلال عام 2022، لتكون نسبة نمو التكاليف في العام الحالي نسبة 7% و40% على الترتيب.
توقع شفيع أن يؤدي انخفاض معدلات التضخم إلى تقليل حدة وتيرة ارتفاع التكاليف، مشيراً إلى أن الأسعار ستستمر في الارتفاع، ولكن بوتيرة أقل مقارنةً بالسنوات الثلاث الماضية.
قال محمد عبد الحكيم رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن القطاع العقاري وقطاع الأغذية لديهم مرونة في الطلب السعري، بمعنى أن الشركات في هذه القطاعات يمكن أن تمرر ارتفاع التكاليف إلى المستهلك دون انخفاض عدد الوحدات المباعة، بسبب إقبال المستهلك على المنتجات، فمن المعقول عدم تأثر هامش مجمل الربح الخاص بالقطاع العقاري وقطاع الأغذية خلال أزمة ارتفاع معدلات التضخم.
وأضاف عبدالحكيم، أن قطاع البتروكيماويات تعرض لمشكلة انخفاض أسعار اليوريا وبالتالي انخفاض الإيرادات الخاصة بالشركات، ويعاني قطاع البتروكيماويات من نقص إمداد الغاز الطبيعي وارتفاع سعرها مما أدى إلى ارتفاع التكاليف، لذلك انخفاض هامش مجمل الربح هو أمر منطقي.
عيد: تقليل المصروفات الاستراتيجة الأولى للشركات حاليا
ومن جانبه قال حسام عيد خبير أسواق المال، إن أكثر القطاعات الاقتصادية التى استفادت من ارتفاع التضخم هو القطاع العقاري حيث شهد طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة سواء مالياً أو فنياً، ونجحت الشركات المدرجة بالقطاع في تحقيق معدلات نمو مرتفعة بالقوائم المالية.
وتابع أن أغلب الشركات اتجهت بمختلف القطاعات الاقتصادية إلى الانكماش المالي من خلال تقليص المصروفات السنوية بشكل ملحوظ مع الحفاظ على مستويات الإنتاج لأن التضخم الذي يشهده الاقتصاد الوطني حاليا مترتب على ارتفاع تكاليف الإنتاج المباشرة، وليس على ارتفاع حجم الطلب على السلع والخدمات الأساسية، وبالتالي فإن الانكماش في كميات الإنتاج سوف يترتب عليه مزيداً من ارتفاعات الأسعار.
ووفقًا لـ”المسح” شهدت شركتا “القابضة الكويتية” و”أوراسكوم كونستراكشن” انخفاضًا فى تكاليفهما التشغيلية فقط من بين الشركات المدرجة بالبورصة، نظرًا لكون ميزانياتهما بالدولار.