طالب المشاركون في ندوة المركز المصري للدراسات الاقتصادية ضرورة قيام الحكومة بوضع استراتيجية قومية للاقتصاد الأزرق للاستفادة من مقومات مصر الطبيعية بما يضمن تحقيق أكبر استفادة من العوائد الاقتصادية لهذة المقومات الطبيعية.
وأكد المشاركون من خبراء الاستزراع السمكي والنقل، أن الاقتصاد الأزرق يوفر نحو 500 مليون وظيفة عالميا بجانب أنه بوفر نحو 40 % من الأمن الغذائي العالمي.
وتناولت الندوة تجارب عدد من الدول التي دمجت الاقتصاد الأزرق في خططها التنموية مثل الصين والهند والمغرب وجنوب أفريقيا.
وساهم الاقتصاد الأزرق بنحو 9% من الناتج المحلى الإجمالى فى الصين وهو ما يعادل 1.25 تريليون دولار فى 2019، كما ساهم بنحو 4.5% من الناتج المحلى الإجمالى لجنوب أفريقيا عام 2020، ويعد القاسم المشترك فى التجارب الدولية الناجحة هو وجود هيئة مستقلة تنظم ما يتعلق بمجال الاقتصاد الأزرق.
وقال المهندس على الحداد رجل الأعمال والخبير الدولي فى صناعة الأسماك، إن تجربة مصر فى مجال الاستزراع السمكى وتحديدا سمك البلطى حققت نجاحًا مبهرًا فى مصر نتيجة أن القائمين عليه هو القطاع الخاص، وقد بدأت تجربة مصر فى هذا المجال فى فترة السبعينات، ولكن تطورت عملية الزراعة بالعلف فى منتصف الثمانينات، ومع عام 1991 بدأ أول إنتاج حقيقي بكمية 20 ألف طن، وارتفاع حجم الإنتاج عام 2010 ليصل إلى 800 ألف طن، ويبلغ الإنتاج حاليا نحو 1.1 مليون طن، ورغم ذلك هناك ضعف فى حجم التصدير الذى لا يتخطى نحو 50 ألف طن سنويا فقط فى المتوسط، بسبب عدم وجود صناعة أسماك فى مصر ويتم الاعتماد على تصدير السمكة كاملة، وهذا النوع لا يمثل سوى 3% فقط من تصدير الأسماك عالميا.
منتدى الاقتصاد العالمى: مصر أكثر دول المنطقة جاهزية لـ”الهيدروجين الأخضر”
وطالب الحداد بضرورة عمل قوانين لتنظيم العمل فى تصنيع الأسماك فى مصر، وتغيير طريقة عمل هيئة سلامة الغذاء، والتى تتسبب فى تعطيل العمل وتصيد الأخطاء من خلال لجان تفتيش متعددة.
وأشار المهندس محمد شرين النجار استشاري النقل الدولي، إلى أن مصر لديها فرص هائلة فى مجال النقل البحرى، لكن هناك العديد من المعوقات التى تؤثر سلبًا على هذا القطاع، منها التضارب بين الموانئ المختلفة فى الرسوم والتعريفة، وعدم تطبيق الخصومات على المراكب التى تخدم أكثر من ميناء نتيجة اختلاف جهات تبعية الموانئ.
السقطى: يجب الاستفادة من الفرص الاستثمارية للشواطئ المصرية
ويرى الدكتور خالد السقطى عميد كلية النقل الدولي واللوجستيات، أن نحو 85% من تجارة العالم تنتقل عبر البحار والمحيطات والتى تمثل 11.8 مليار طن من السلع والمنتجات، وتتحرك 36% من سلاسل الإمداد العالمية من الشرق للغرب، مؤكدا أن مصر بحكم موقعها وامتلاكها لأكثر من 3 آلاف كيلو متر من الشواطئ البحرية، يمكنها الاستفادة من نحو 60 – 70% من الـ11.8 مليار طن التى تجوب حول العالم، ولكن هناك عددا من التحديات التى تواجهها.
واستعرض السقطى، عددًا من الفرص الهامة التى يمكن إضافتها فى مجال الاقتصاد الأزرق فى مصر، مثل الاستثمار فى الكابلات البحرية، حيث تنتقل 95% من البيانات عالميًا من خلال الكابلات وتمر أهمها أمام مصر، وهى فرص استثمارية خارج الصندوق يجب على مصر الاستفادة منها، بالإضافة إلى نشاط توليد الكهرباء عبر البحار وهناك العديد من الأبحاث فى هذا الموضوع وتنفذه بالفعل إيطاليا وفرنسا منذ نحو 12 عاما، بجانب أنشطة السياحة غير الموسمية مثل السياحة العلاجية، والاستكشافات البترولية والغاز، وأيضا المجال الصحى حيث تعتمد نحو 50 – 60% من الشركات الدوائية على الخامات المستخرجة من الكائنات البحرية، ويجب الاستثمار فى الأبحاث من هذا النوع.
وأكد السقطى على أن عدم إعلان استراتيجية قومية على مستوى الدولة للاقتصاد الأزرق، رغم مناقشة الحكومة لاستراتيجية منذ أكثر من عامين، وتداخل الوزارات والجهات ذات الصلة بالاقتصاد الأزرق فى مصر، يمثل أكبر المعوقات أمام تحقيق نجاح فى هذا المجال، مؤكدا على أهمية الحاجة لإعلان استراتيجية قومية للاقتصاد الأزرق فى مصر، وإنشاء هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء تكون مسئولة عن تطبيق هذه الاستراتيجية والتنسيق بين الجهات المختلفة على غرار التجارب الدولية الناجحة التى عرضها المركز.
من جانبها، قالت الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، إن مشكلة مصر الرئيسية تكمن فى الإصلاح المؤسسى، فمصر لديها العديد من الفرص فى جميع قطاعات الاقتصاد الأزرق كما تم استعراضه، ولكن المشكلة تكمن فى عدم وجود إطار مؤسسى وتداخل عدد كبير من الوزارات والهيئات، لافتة إلى أن عدم إعلان استراتيجية حتى الآن يعنى عدم وجودها، وهو ما يتطلب ضرورة إطلاقها وعمل إطار مؤسسى واضح من خلال هيئة مستقلة على غرار التجارب الدولية الناجحة فى هذا المجال، حتى لا نهدر مزيدا من الفرص على الاقتصاد المصري.