تسببت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إثارة مخاوف المستثمرين، مما أدى إلى موجة بيع ضخمة في سوق الأسهم، تسببت في خسارة 4 تريليونات دولار من القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 خلال الشهر الماضي.
ووفقًا لصحيفة “ذا إيكونوميك تايمز”، فإن حالة عدم اليقين المتزايدة بين الشركات والمستهلكين والمستثمرين تفاقمت بسبب التقلبات السياسية، وعلى رأسها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين مثل كندا والمكسيك والصين.
من جانبها، قالت آياكو يوشيوكا، الخبيرة الاستراتيجية لدى شركة “ويليث إنهيسمنت” للاستشارات المالية: “لقد شهدنا تحولًا كبيرًا في معنويات السوق، وما كان يعمل في السابق لم يعد فعالًا الآن.”
وأثرت هذه المخاوف على الأسواق بشكل ملحوظ، حيث سجل مؤشر S&P 500 انخفاضًا بـ 2.7%، وهو أكبر تراجع يومي له هذا العام، في حين هبط مؤشر ناسداك بنسبة 4%، وهو أسوأ انخفاض يومي له منذ سبتمبر 2022.
وأغلق مؤشر S&P 500 على انخفاض بنسبة 8.6% عن أعلى مستوى له في 19 فبراير، مما أدى إلى خسارة أكثر من 4 تريليونات دولار من قيمته السوقية، في حين انخفض مؤشر ناسداك بأكثر من 10% مقارنةً بأعلى مستوى سجله في ديسمبر 2024.
ورغم هذه الاضطرابات، لم يقدم ترامب أي تصريحات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة مقبلة على ركود اقتصادي، في ظل تصاعد المخاوف من تأثير سياساته التجارية.
تأثير مباشر على الشركات
تعرضت كبرى الشركات الأمريكية لضغوط، حيث أعلنت دلتا إيرلاينز، إحدى أكبر شركات الطيران الأمريكية، عن خفض تقديرات أرباحها للربع الأول من العام الجاري بنسبة 50%، مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبة 14% في التعاملات اللاحقة.
وأرجع الرئيس التنفيذي إدوارد باستيان هذا التراجع إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي المتزايدة في الولايات المتحدة.
قلق من تبعات إضافية
يترقب المستثمرون مشروع قانون تمويل لتجنب إغلاق جزئي للحكومة الفيدرالية، بالإضافة إلى تقرير جديد عن التضخم، من المقرر صدوره غدًا الأربعاء.
وأشار روس ميفيلد، الاستراتيجي الاستثماري في شركة “بيرد” لأبحاث الأسواق المالية، إلى أن إدارة ترامب تبدو متقبلة لفكرة تراجع السوق، وربما تكون مستعدة لتحمل ركود اقتصادي لتحقيق أهدافها السياسية الأوسع.
تأثير التراجع على المستثمرين
كشفت البيانات أن أدنى 50% من السكان في الولايات المتحدة يمتلكون أقل من 1% من إجمالي الأسهم والصناديق المشتركة، بينما يستحوذ أعلى 10% من السكان على 87% من هذه الأصول، مما يبرز الفجوة الكبيرة في التأثير المالي بين الطبقات الاقتصادية المختلفة.
هل السوق في خطر حقيقي؟
على الرغم من الخسائر الكبيرة، لا تزال التقييمات السوقية أعلى من المتوسط التاريخي، حيث بلغ مكرر الأرباح لمؤشر S&P 500 حوالي 21 مرة للأرباح المتوقعة لعام 2025، مقارنةً بالمتوسط التاريخي 15.8 مرة.
واختتمت “ذا إيكونوميك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن الحروب التجارية، والتوترات الجيوسياسية، والغموض الاقتصادي هي العوامل الرئيسية التي تدفع الأسواق نحو تصحيح قوي، مما يجعل المستقبل المالي أكثر ضبابية في الفترة المقبلة.








