تُعد قصة نجاح المرأة المصرية فى مختلف المجالات مصدر فخر، وإلهام للكثيرين، خصوصاً فى القطاعات التى كانت تُعتبر حكراً على الرجال. ومن بين هذه القطاعات الضرائب؛ حيث يبرز دور «سيدات الضرائب المصرية»، اللاتى استطعن أن يثبتن أنفسهن فى واحدة من أكثر المؤسسات تعقيداً وتأثيراً فى الدولة.
وتعتبر رشا عبدالعال، أول سيدة تتولى منصب رئيس مصلحة الضرائب المصرية، إذ لعبت دوراً محورياً فى تطوير المنظومة الضريبية ومواكبة التطورات التكنولوجية، وكسرت القوالب النمطية، ووصلت إلى قمة الهرم الوظيفى فى أهم المصالح الإيرادية للدولة، ما يدل على أن «الضرائب» أصبحت نموذجاً للتمكين النسائى بين باقى مصالح الإيرادية العامة.
وبحسب «عبدالعال»، فقد نشأت فى بيئة تشجع على التعليم والعمل، وحصلت على بكالوريوس التجارة، ثم تابعت دراستها حتى حصلت على درجة الماجستير فى المحاسبة، وتعمل حالياً على استكمال درجة الدكتوراه فى التخصص نفسه.
ولفتت إلى أنها اختارت دراسة التجارة بسبب ميولها نحو العلوم الرياضية، والتى وجدت فيها شغفها وقادتها لاحقاً إلى التخصص فى المحاسبة والضرائب.
قالت رشا عبدالعال لـ«البورصة»، إنها لو لم تكن رئيس مصلحة الضرائب، لاختارت أن تصبح مهندسة فى تكنولوجيا المعلومات. مضيقة: «لطالما كانت التكنولوجيا مجالاً يثير اهتمامى، وأرى أنها تلعب دوراً محورياً فى تطوير أى قطاع، بما فى ذلك القطاع الضريبى».
اقرأ أيضا: الضرائب: حريصون على إنهاء كل ملفات النزاعات القائمة مع مجتمع الأعمال
وأشارت إلى أنها بدأت مسيرتها من أول درجة فى السلم الوظيفى، متسلحةً بالإخلاص والاجتهاد والعلم، معتبرة أن توفيق الله كان العامل الأكبر فى وصولها إلى منصب رئاسة المصلحة، وأنها «أدركت أن العلم والعقل مجرد وسائل، ولولا توفيق الله لما كان هذا الارتقاء».
أكدت «عبدالعال»، أنَّ حياتها المهنية تُلخصها مقولة: «لا معطى لما منع الله، ولا مانع لما أعطى الله»، مؤكدة أن كل نجاحها هو نتاج عطاء الله وتوفيقه.
وذكرت أن أمنيتها الكبيرة تتمثل فى رؤية مصر فى مصاف الدول المتقدمة، بحيث تعكس مكانتها التى تستحقها بين الأمم.
أما على الصعيد المهنى، فأوضحت أن حلمها يتمثل فى أن تترك بصمة لا تُنسى فى تاريخ العمل الضريبى، من خلال تطويره وتغيير الصورة الذهنية السلبية المرتبطة به، فضلاً عن تحقيق رضا العاملين فى المنظومة الضريبية ورفع مستواهم الاجتماعى والمهنى.
استكمال رقمنة العمل الضريبى وإعلاء الوضع الاجتماعى للعاملين بالمنظومة
وذكرت رشا عبدالعال، أن مشاركتها الفاعلة فى تطوير مصلحة الضرائب المصرية، ودخولها مرحلة الحوكمة الرقمية ومواكبة التطورات التكنولوجية، كانت من أبرز المحطات التى شكلت مسيرتها المهنية.
وأشارت إلى أن قرار التحول الكامل نحو الرقمنة فى العمل الضريبى يُعد نقطة تحول كبيرة فى حياتها العملية؛ حيث أسهم هذا القرار فى تعزيز الشفافية والكفاءة، وجعل المصلحة أكثر تطوراً ومواكبةً لاحتياجات العصر، وكذلك الربط بين المصلحة والواحدات الإدارية للدولة تحقيقاً للحوكمة.
أمى كانت الضلع الثابت فى مسيرتى.. وأبى جعلنى قائدة
وأضافت أن العمل منذ نعومة أظفارها كانت نقطة التحول الحقيقية فى حياتها؛ حيث شجعها والدها على دخول سوق العمل حتى قبل التخرج فى الجامعة، ما ساعدها على الاعتماد على نفسها، وإدراك قيمة العمل والمسئولية منذ الصغر.
وأكدت أن هذه التجربة المبكرة كانت الأساس الذى بنت عليه مسيرتها المهنية.
وعبرت عن أمنيتها بأن تكون والدتها، التى وصفتها بـ«الضلع الثابت الذى لا يميل» و«قطعة الجمال التى أزهرت حياتها وحياة إخوتها»، بجانبها لحظة تعيينها كأول امرأة تتولى رئاسة مصلحة الضرائب المصرية.
وأوضحت أن شعورها عند سماع خبر تعيينها لرئاسة المصلحة كان شعوراً بالاطمئنان، مؤكدة أن هذا المنصب «موهوب وليس مطلوباً»، وأن الله يعين على ما يهب.
وكشفت أن دورها كزوجة وأم كان دائماً مصدر إلهام لها، معبرة عن أمنيتها الكبيرة فى أن ترى أبناءها فى أبهى صورة، متمتعين بالأخلاق الحميدة، والعلم الواسع، والعمل الجاد.
وأكدت أن أبناءها يمثلون امتداداً حقيقياً لها ولزوجها، وتسعى جاهدة لتربيتهم على القيم التى تجعلهم يستمرون فى العطاء حتى بعد رحيلها؛ كى لا تنقطع حياتها من خلالهم.
اقرأ أيضا: “الضرائب” تُطلق دليلًا تعريفيًا لمبادرة “التسهيلات الضريبية”
وأعربت عن فخرها الشديد بانتمائها لأسرة كريمة، مؤكدة أن مسئوليتها نحو رعاية والدَيها وبرّهما كانت دائماً جزءاً لا يتجزأ من قيمها، مضيفة أن هذه المسئوليات العائلية لم تكن عائقاً أمام طموحها المهنى؛ بل كانت دافعاً إضافياً لتحقيق النجاح.
كما أوضحت رشا عبدالعال، أن رغبتها الدائمة فى الاجتهاد والبحث كانت المحرك الأساسى لتقدمها فى العمل، حيث وازنت بين مسئولياتها الأسرية وواجباتها الوظيفية، لتصبح نموذجاً يُحتذى به فى تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية.
ونوهت بأن الكفاح كان العامل الأساسى فى سطر قصة نجاحها، خاصة فى ظل التطورات المتسارعة ودخول العالم عصراً جديداً قائماً على العلم والتحول الرقمى.
وفى ختام حديثها، أشارت إلى أن مواكبة هذه التطورات السريعة كانت تحدياً كبيرًا، لكنها آمنت بأن العلم ليس حكراً على أحد، وأن التحدى الحقيقى كان فى تكوين فريق عمل مخلص وكفء، يعمل بروح الفريق الواحد، واستشهدت بالمثل الشهير: «المرء بإخوانه كالبحر بأمواجه»، مؤكدة أن العمل الجماعى هو سر التغلب على التحديات وبلوغ القمة.