منذ 1951 يتمتع الفيدرالي باستقلالية الفائدة ولم يضغط أي رئيس أمريكي لخفض الاقتراض مثل ترامب
حذر خبراء اقتصاد ، من أن الأسواق المالية لم تأخذ في الحسبان بشكل كامل المخاطر التي يطرحها هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي تشمل ارتفاع التضخم وفقدان الثقة في ديون الحكومة الأمريكية، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
تدخلات ترامب ضد البنك المركزي الأقوى في العالم أثارت مخاوف من أن سلطات الاحتياطي الفيدرالي في تحديد أسعار الفائدة للحفاظ على استقرار التضخم ستتعرض للتقويض.
وفي استطلاع شمل 94 خبيراً اقتصادياً من الولايات المتحدة وأوروبا، أبدى كثيرون خشيتهم من أن تؤدي هذه الهجمات إلى تحوّل دائم في سياسة الاحتياطي الفيدرالي نحو إعطاء الأولوية للوظائف وخفض تكاليف الاقتراض الحكومي بمجرد انتهاء ولاية رئيس المجلس جاي باول العام المقبل.
وقالت كريستيان بوميستر، أستاذة الاقتصاد في جامعة “نوتردام”، إن “الاحتياطي الفيدرالي سيصبح دمية في يد الحكومة.
ووصف مشاركون أخرون مستقبل السياسة النقدية الأمريكية بأنه “فظيع” و”فوضوي” و”كارثي”.
من جانبها، صرحت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، يوم الاثنين بأن أي فقدان لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي سيمثل “خطراً جسيماً” على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، مضيفة في حديث لإذاعة “كلاسيك” الفرنسية أنه سيكون “مقلقاً للغاية” إذا لم تعد السياسة النقدية الأمريكية مستقلة وأصبحت خاضعة لإملاءات شخص بعينه.
ومنذ بداية ولايته الثانية، واصل ترامب هجومه على الاحتياطي الفيدرالي، واصفاً باول بـ”الأحمق” لرفضه خفض أسعار الفائدة هذا العام.
وصعّد البيت الأبيض هجماته أواخر أغسطس بإعلان إقالة عضوة مجلس المحافظين ليزا كوك بشكل فوري.
غير أن كوك رفضت المغادرة وتخوض مواجهة قضائية مع ترامب، فيما يرى خبراء قانون أن هذه القضية ستكون اختباراً لمدى السلطة التي يمكن للبيت الأبيض فرضها على البنك المركزي.
وفي استطلاع رأي إلكتروني أُجري بين الأربعاء والجمعة الماضيين، حذر 89 من أصل 94 مشاركاً من أن الجدل أضر بالفعل بمصداقية الاحتياطي الفيدرالي.
ويخشى أكثر من ربع الخبراء أن يعجز البنك بحلول نهاية ولاية ترامب الرئاسية في عام 2029 عن أداء مهمته في تحديد تكاليف الاقتراض بعيداً عن التأثير السياسي، فيما يرى 45% أنه من المبكر الحكم على مستقبل البنك بحلول ذلك الوقت.
بينما أعرب 28% عن تفاؤل حذر، متوقعين أنه رغم تراجع استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي بحلول عام 2029 فإنه سيظل قادراً على أداء مهامه.
ويضمن الكونجرس بعض الضوابط على سلطة البيت الأبيض، إذ يتطلب الأمر موافقة أغلبية في مجلس الشيوخ على تعيين المسؤولين الكبار وإقرار أي تعديلات على إدارة البنك المركزي.
ومن المقرر عقد جلسة استماع الخميس لترشيح ترامب الأخير لمنصب المحافظ، ستيفن ميران.
ورجحت غالبية نسبتها 52% من المشاركين أن يتغير تركيز البنك بالفعل العام المقبل بعد انتهاء فترة باول، مع توقع أن يعطي حينها أولوية أكبر لخفض تكاليف الاقتراض الحكومي والوظائف “على حساب استقرار الأسعار”.
ويتفق الاقتصاديون على أن هجمات ترامب، إذا أدت إلى إضعاف استقلالية البنك، ستلحق أضراراً بالاقتصاد الأكبر في العالم.
وقال رودجر باخمان، أستاذ الاقتصاد في جامعة ميشيغان، إن هذه نقطة يتفق عليها معظم الاقتصاديين”، مضيفاً أن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي “تؤدي إلى تضخم أقل وأكثر استقراراً، فضلاً عن استقرار مالي”.
ويرى 42% من المشاركين أن هجمات ترامب قد تؤدي إلى إطلاق قوى تضخمية قوية، فيما قال 35% إن الخطر الأكبر يتمثل في فقدان ثقة المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية.
ولم يعتبر سوى مشارك واحد فقط أن هجمات ترامب على استقلالية البنك لا تمثل “خطراً جوهرياً” على الاقتصاد.
ومنذ عام 1951 يتمتع الاحتياطي الفيدرالي بحق تحديد أسعار الفائدة بعيداً عن الضغوط السياسية.
ورغم أن عدداً من الرؤساء الأمريكيين طالبوا بخفض تكاليف الاقتراض عبر العقود، فإن أياً منهم لم يكن بحدة ترامب.
ويصر الرئيس على إبقاء تكاليف الاقتراض عند 1% لإنعاش الاقتصاد وخفض تكاليف إعادة تمويل الحكومة بمئات المليارات من الدولارات.
وقال موريتز كرامر، كبير الاقتصاديين في المصرف الألماني “إل بي بي دبليو”: “لفهم المخاطر التي يجازف بها البيت الأبيض بمحاولاته إخضاع البنك المركزي، لا نحتاج سوى النظر إلى تركيا”، مضيفاً أن الدولار الأمريكي “لديه مصداقية أكبر ليخسرها” مقارنة بالليرة التركية.
من جانبه، قال كارستن يونيُس من بنك “جي سافرا سارازين” الخاص، إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون مضطراً إلى “الكفاح من أجل البقاء أو مواجهة أزمة في الدولار الأمريكي”.
وكانت التهديدات السابقة بإقالة باول قد أثارت رد فعل قوياً من المستثمرين، لكن الأسواق تعاملت بفتور مع خبر إقالة كوك.
وأعرب 82% من المشاركين في استطلاع “فاينانشيال تايمز” عن قناعتهم بأن الأسواق المالية لم تأخذ حتى الآن تدخلات البيت الأبيض في شؤون الاحتياطي الفيدرالي إلا بشكل جزئي أو هامشي، فيما رأى 12% أن هذه الهجمات لم تُسعر في الأسواق إطلاقاً حتى الآن.
وقال ديريك تانج من مؤسسة “إل إتش ماير”: “قد لا تمارس الأسواق المالية ضغطاً كافياً لإحداث فرق”، مضيفاً أن نجاح ترامب في تهديد الاحتياطي الفيدرالي “قد يشجّع على شن هجمات ضد بنوك مركزية أخرى”.








