أوصت دراسة حديثة في مجال إدارة الأعمال، المؤسسات التعليمية وصناع السياسات في مصر، بإعادة هيكلة المناهج التعليمية، مع التركيز بشكل أكبر على دمج الخبرة العملية والأنشطة اللامنهجية في برامج التعليم الريادي.
وأكدت أن تعزيز المنظومة الريادية ، يوفر للمؤسسين فرصًا للتعرض العملي والإرشاد يمكن أن يكون ذا تأثير في دفع عجلة نمو الشركات الناشئة ونجاحها مستقبلًا.
صدرت الدراسة ، التي حصلت “البورصة” على نسخة منها، عن المجلة العربية للإدارة التابعة للمنظمة العربية للتنمية الإدارية وجامعة الدول العربية، ومن المقرر نشرها بالعدد الخامس أكتوبر 2026 .
وسلطت الدراسة التي أعدها الدكتور عمرو سيده، أستاذ ريادة الأعمال بالجامعة البريطانية – مصر، الضوء على الخلفيات التعليمية للمؤسسين، مبينةً أن أكثر من نصفهم يحملون درجة البكالوريوس، فيما يمتلك أكثر من الثلث درجة الماجستير، ومن اللافت للنظر أن ما يقرب من نصف المشاركين جاءوا من خلفية هندسية.
وأوضحت نتائج الدراسة المعنونة بـ”تحقيق في الخلفية التعليمية لمؤسسي الشركات الناشئة الناجحين في مصر: دراسة استكشافية” أن أكثر من نصف مؤسسي الشركات الناشئة لم يتلقوا تعليمًا رسميًا في ريادة الأعمال، ولكن نسبة كبيرة منهم شاركت في أنشطة لامنهجية خلال سنوات دراستهم الجامعية.
وكشفت النتائج أن مؤسسي الشركات المشاركين بالعينة الذيم اعتبروا التعليم الجامعي ذا قيمة عالية في تحديد نجاح الشركات الناشئة، كانت شركاتهم أقل نجاحًا.
الخبرة الريادية ونجاح الشركات
أكدت الدراسة أن الخبرة الريادية تلعب دورًا في نجاح الشركات الناشئة، متجاوزةً في بعض الأحيان القيمة المتصورة للتعليم الجامعي، كما شملت الدراسة، تحليلًا معمقًا للخلفيات التعليمية والخبرات السابقة.
وأظهرت بيانات عينة الدراسة التي أُجريت على 41 من مؤسسي الشركات الناشئة بمصر، أن الهيمنة في المشهد الريادي المصري للشباب الذكور إلى حد كبير، بنسبة 82.9% للذكور، مقابل 17.1% فقط من الإناث.
كما أن الغالبية بنسبة 58.5% تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا، ما يشير إلى حيوية الشباب في قطاع الشركات الناشئة.
أما فيما يتعلق بالخلفية التعليمية، فإن 68.3% من مؤسسي الشركات الناشئة حاصلون على شهادة الثانوية العامة، مع وجود تمثيل ملحوظ للدبلومة الأمريكية (4.9%) وشهادة التعليم الثانوي IGCSE بنسبة 19.5%.
وعلى مستوى التعليم الجامعي، يحمل 56.1% من مؤسسي الشركات الناشئة درجة البكالوريوس، و36.6% درجة الماجستير، و7.3% فقط درجة الدكتوراة، ما يعكس مستوى تعليمي متقدمًا بين الرياديين.
وأفادت الدراسة أن 29.3% من مؤسسي الشركات الناشئة تخرجوا في جامعة القاهرة، تليها جامعات عين شمس وحلوان والألمانية بالقاهرة، بنسب متساوية بلغت 9.8% لكل منها، بينما ما يقرب من نصف مؤسسي الشركات الناشئة (48.8%) جاءوا من خلفيات هندسية.
اقرأ أيضا: الشركات الناشئة المصرية تجذب 228 مليون دولار تمويلات بأول 5 أشهر من 2025
كما تضمنت الخلفيات التعليمية لمؤسسي الشركات الناشئة علوم الحاسوب والصيدلة والقانون بنسب 9.8% و7.3% و7.3%، على التوالي، مع تمثيل أقل لتخصصات الطب وإدارة الأعمال والتجارة والفنون.
وأوضحت الدراسة أن 51.22% من مؤسسي الشركات الناشئة لم يتلقوا تعليمًا رياديًا رسميًا، ومع ذلك، شاركت الغالبية العظمى بنسبة 92.68% في أنشطة لاصفّيّة خلال فترة دراستهم الجامعية.
وحسب الدراسة، فإن التجربة العملية والتعرض للنظام البيئي الريادي قد تكون ذات تأثير أكبر من التعليم الأكاديمي الرسمي وحده.
وعلى صعيد الخلفية العائلية، فإن 63.4% من مؤسسي الشركات الناشئة ليسوا أبناء رواد أعمال، كما أظهرت البيانات أن 31.7% من الشركات الناشئة المشاركة في الدراسة كانت في مراحلها المبكرة (أقل من 3 سنوات)، بينما الغالبية العظمى بنسبة 82.9% توظف أقل من 50 موظفًا. ورغم ذلك، تمكّن 34.1% من الشركات من جمع تمويل خارجي يتراوح بين مليون و10 ملايين جنيه.
وفي مؤشر إيجابي على الاستدامة، أفاد 46.3% من مؤسسي الشركات الناشئة بالعينة أن شركاتهم مربحة، بينما 63.4% أشاروا إلى معدلات نمو ثابتة.
توصيات بعين الاعتبار
وتوصلت الدراسة إلى أن مؤسسي الشركات الناشئة الذين يتمتعون بخبرة ريادية أعلى، أنشأوا شركات أكثر نجاحًا، ما يعني أن المؤسسين ذوي الخبرة الريادية قد يكون لديهم وصولًا أكبر إلى الموارد المالية وشبكات ريادة الأعمال، ما قد يساعدهم على التنقل في بيئة الشركات الناشئة المعقدة.
أشارت الدراسة إلى أن المؤسسين الحاصلين على درجات علمية رسمية ، يفوتون فرصة تطوير المهارات العملية وبناء شبكات اجتماعية يمكن أن تدعمهم في مراحلهم المبكرة.
وكشفت نتائج الدراسة عن ضرورة إيلاء رواد الأعمال أهميةً أكبر لبناء خبراتهم الريادية وزيادة مشاركتهم في منظومة ريادة الأعمال، كما ينبغي على منظمات ريادة الأعمال إعطاء الأولوية للمؤسسين ذوي الخبرة العملية على أصحاب الشهادات الأكاديمية المتميزة.
وأوصت بضرورة إيلاء الجامعات المصرية مزيدًا من الاهتمام للدور المهم للأنشطة اللامنهجية في إعداد لائق للخريجين الشباب للنجاح في ريادة الأعمال.
فحسب الدراسة، ينبغي للجامعات تعزيز تجربة تعلم الطلاب، من خلال توفير أنشطة تعليمية تجريبية والتوجيه وفرص للتواصل، إذ يسهم توفير تجربة تعليمية شاملة لرواد الأعمال الشباب في تخريج مؤسسين أكثر مهارة قادرين على التعامل مع تحديات بيئة الشركات الناشئة.
ولفتت الدراسة إلى ضرورة أن تكون مقررات ريادة الأعمال “إلزامية” لطلاب كليات الهندسة، لتميزهم في أنشطة الشركات الناشئة مقارنةً بزملائهم من ذوي الخلفيات التجارية والعامة.








