تصاعدت المخاوف في أوساط المتقاعدين ومحدودي الدخل من تداعيات اقتصادية مباشرة قد تمس رواتبهم الشهرية ومعاشاتهم التقاعدية، وذلك مع دخول الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية الأمريكية أسبوعه الثاني على التوالي.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن الجولات توقفت في مبنى الكابيتول، ويبقي مجلس النواب أبوابه مغلقة، بينما يتخبط مجلس الشيوخ في دوامة من التصويتات الفاشلة على خطة مرفوضة لإعادة فتح الحكومة.
وأوضحت الوكالة أن الإغلاق، الذي تفجر إثر خلاف حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول تمويل الحكومة ودعم برامج التأمين الصحي، تسبب في شلل إداري أوقف عمل العديد من المؤسسات الفيدرالية، وأجّل إصدار بيانات اقتصادية أساسية كانت ستحدد الزيادة السنوية في معاشات الضمان الاجتماعي لعام 2026.
وأشارت إلى أنه كان من المقرر أن تعتمد إدارة الضمان الاجتماعي على بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر في حساب الزيادة السنوية للمعاشات، إلا أن توقف عمل مكتب الإحصاءات العمالية نتيجة الإغلاق حال دون إصدار التقرير في موعده.
وأكدت أن ملايين المتقاعدين في الولايات المتحدة وغيرهم من المستفيدين من الضمان الاجتماعي سيتعين عليهم الانتظار لفترة من الوقت لمعرفة حجم مستحقاتهم في عام 2026، إذ من المقرر أن يؤدي الإغلاق الجزئي للحكومة إلى تأخير إصدار بيانات التضخم الاستهلاكي لشهر سبتمبر.
من جانبها، توقعت رابطة كبار السن، وهي إحدى أكبر مجموعات كبار السن في البلاد، الشهر الماضي زيادة في تكاليف المعيشة بنسبة 2.7% في عام 2026، وهو ما من شأنه أن يرفع متوسط المزايا الشهرية للمتقاعدين بمقدار 54 دولارًا إلى 2062 دولارًا، بدلًا من 2008 دولارات حاليًا.
وأضافت الرابطة أن الإغلاق الحكومي لا يهدد فقط تأجيل الرواتب والمعاشات، بل يفاقم الأعباء المعيشية في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة موجة تضخم متجددة، بعد أن رفعت الشركات أسعارها استجابة للرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
بدورهم، حذر اقتصاديون من أن استمرار الإغلاق لأيام إضافية سيؤدي إلى تأجيل نشر البيانات الاقتصادية الحيوية، مثل تقارير الوظائف والتضخم، ما يضعف قدرة صانعي القرار على إدارة السياسة النقدية، ويزيد من حالة الغموض في الأسواق.
في المقابل، يتمسك الجمهوريون بتمرير مشروع قانون لتمويل الحكومة دون تضمينه أي بنود تتعلق بتمديد دعم التأمين الصحي، بينما يصر الديمقراطيون على إدراج التمويل ضمن الحزمة ذاتها، معتبرين أن التأخير سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أقساط التأمين خلال العام المقبل.
أما الرئيس دونالد ترامب فقد أرسل إشارات متناقضة؛ إذ أعلن في البداية استعداده للتفاوض حول ملف الرعاية الصحية، قبل أن يتراجع ليؤكد أن إعادة فتح الحكومة يجب أن تسبق أي اتفاق جديد.
ومع غياب أفق واضح للحل، يبقى ملايين الأمريكيين – خاصة كبار السن والمتقاعدين – في حالة ترقب وقلق، فالإغلاق الذي بدأ كخلاف سياسي على الميزانية تحول إلى أزمة معيشية تهدد الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع الأمريكي، وتلقي بظلال ثقيلة على الاقتصاد الأكبر في العالم.
وقد تسارع تضخم أسعار المستهلكين في أغسطس، مع تحمّل الشركات التكاليف المرتفعة الناجمة عن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس ترامب، ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع الأسعار أكثر، مشيرين إلى أن الآثار التضخمية الكاملة لتلك الرسوم لم تظهر بعد.








