تسارع الحكومة خطاها نحو تطوير المنظومة التنظيمية لقطاع الدواء عبر تطبيق نظام الملف الفني الموحد لتسجيل الأدوية، بما يعزز قدرة السوق المحلية على جذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا، رغم استمرار تحديات التسعير الجبري وارتفاع تكلفة الإنتاج.
ويرى مصنعون ومصدرون أن الخطوة تمثل تحولاً تنظيمياً جوهرياً يضع صناعة الأدوية على خريطة الأسواق الإقليمية والعالمية، لكنها تحتاج إلى دعم مالي وتشريعي لتجاوز العقبات التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة.
حافظ: تسريع التسجيل خطوة جيدة لجذب الاستثمارات الأجنبية
قال الدكتور محيي حافظ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية، إن تطبيق نظام الملف الفني الموحد لتسجيل الأدوية يمثل نقلة نوعية في البنية التنظيمية لقطاع الدواء المصري، ويدعم توافق الإجراءات المحلية مع المعايير الدولية.
وأضاف لـ«البورصة»، أن تسريع التسجيل لا يقتصر على تقليص زمن طرح المستحضرات الجديدة، بل يشكّل مدخلاً رئيسياً لتوطين صناعات دوائية استراتيجية، أبرزها الأدوية الحيوية والهرمونية ومثبطات الأورام، التي لا تزال تعتمد على الاستيراد وتشكل فجوة إنتاجية في السوق المحلي.
وأشار إلى أن عدداً من الشركات المحلية بدأ الدخول في شراكات فنية مع كيانات دولية بهدف نقل تكنولوجيا تصنيع الأدوية المعقدة، ما يعزز القيمة المضافة للمنتج المحلي ويقلّص الاعتماد على الواردات تمهيداً لتوسيع قاعدة التصدير خلال السنوات المقبلة.
وأوضح حافظ أن تكلفة إعداد الملفات الفنية وتحديث المعامل تمثل عبئاً على الشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة التي تجاوزت 20%، مطالباً بتوفير تمويل ميسّر بفائدة بين 5 و8% لتمكين المصانع من مواكبة متطلبات التصنيع والتسجيل الحديثة.
عوف: التنظيم والتمويل الميسر مفتاح تعزيز التصنيع المحلي
من جانبه، قال علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن هيئة الدواء المصرية تبذل جهوداً واضحة لتنظيم عملية التسجيل والتسعير والتداول وفق مدد زمنية محددة، مما يسهم في رفع كفاءة الإجراءات وزيادة الشفافية.
وأضاف أن ارتفاع رسوم التسجيل والدراسات المرتبطة به يمثل تحدياً أمام المصانع الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً أن توفير آليات تمويل ميسرة لتلك المصانع يعدّ ركيزة أساسية لتوطين الصناعة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
ودعا عوف إلى مراجعة ضوابط التسجيل والتسعير بما يضمن منافسة عادلة بين الشركات المحلية ويشجع دخول استثمارات جديدة إلى السوق.
وقال تامر أبو هميلة، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصانع «أمسيو»، إن هيئة الدواء شهدت تطوراً كبيراً في سياسات التسجيل خلال السنوات الأخيرة، من خلال لجان متخصصة لدعم التوطين وتسهيل إجراءات التصنيع والتصدير.
وأشار إلى أن لجنة توطين صناعة الدواء والمستلزمات الطبية تساعد المصانع في الحصول على التسجيلات اللازمة وتصدير منتجاتها إلى الأسواق الإفريقية والآسيوية، بما يعزز ريادة مصر الإقليمية.
وأضاف أن تفعيل صندوق دعم الصناعة وصندوق دعم الصادرات ضروري لتخفيف أعباء تكلفة التسجيل والتصنيع، مشدداً على أن توفير حوافز تشريعية ونقل التكنولوجيا من الشركات العالمية سيقود الصناعة نحو مرحلة جديدة من التنافسية.
صفوت: الاعتماد على الموافقات المرجعية يختصر زمن التسجيل 8 أشهر
وقال محمد صفوت، مدير إدارة التسجيل في مصر ودول الشام بشركة «أورجانون»، إن التعديلات الأخيرة في سياسات التسجيل الدوائي أسهمت في تسريع إتاحة المستحضرات الجديدة، خاصة بعد تطبيق نظام «الاعتماد على الموافقات المرجعية» الذي يتيح الاعتراف بقرارات هيئات مثل FDA وEMA لتسريع التسجيل في مصر.
وأوضح أن النظام الجديد سهّل تسجيل الأدوية المستوردة أو المنقولة تكنولوجياً عبر اعتماد التغييرات التي تطرأ على المستحضرات المسجلة بالخارج دون إعادة دراسات الثبات أو التحليل المحلي، مما قلّص فترة التسجيل بنحو 6 إلى 8 أشهر.
وأشار صفوت إلى أن الشركة تعمل حالياً على توطين عدد من المستحضرات بالتعاون مع الشركة الأم بالخارج، تبدأ بمرحلة التعبئة المحلية تمهيداً للتصنيع الكامل، مؤكداً أن الإجراءات التنظيمية الحالية تشجع على نقل التكنولوجيا وإنتاج الأدوية الحيوية داخل مصر.
وأضاف أن التسعير الجبري للأدوية يظل التحدي الأكبر أمام التوسع الاستثماري، إذ يحد من قدرة الشركات على استيعاب الزيادات في تكاليف الإنتاج، لافتاً إلى أن أي مراجعات مقبلة لسياسة التسعير ستنعكس مباشرة على خطط الاستثمار المستقبلية للشركات.








