«فايزر» و«أسترازينيكا» تخفضان الأسعار وتحصلان على إعفاءات مقابل توسيع التصنيع الأمريكى
تُعيد الشركات في مختلف أنحاء العالم تشكيل خططها الاستثمارية في الولايات المتحدة وإعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها، بينما تتعامل مع تداعيات حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهادفة إلى زعزعة النظام التجاري العالمي.
منذ عودته إلى البيت الأبيض هذا العام، أعلن الرئيس الأمريكي سلسلة من الرسوم الجمركية الجديدة على معظم الشركاء التجاريين العالميين، ما زاد التوترات بين واشنطن والعواصم الأجنبية.
هذه الخطوات دفعت الرسوم الأمريكية على السلع الأجنبية إلى أعلى مستوياتها منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، لترتفع فعليًا إلى أكثر من 17%.
قال أدريان جراي، الرئيس العالمي للاستثمار في شركة «إنسايت إنفستمنت» البريطانية لإدارة الصناديق: «نحن نشهد إعادة رسم جوهرية لقواعد التجارة العالمية».
لكن بالنسبة للشركات التي تخطط للاستثمار في الولايات المتحدة أو التجارة معها، فإن وتيرة تغير معدلات الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس تطرح تحديات كبيرة في التخطيط المستقبلي.
تسعة أشهر من عودة «ترامب» إلى البيت الأبيض، اتسمت بسلسلة من التهديدات والتراجعات، بحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وسارع القادة الأجانب لمحاولة الحد من الأضرار المحتملة لحرب تجارية عالمية عبر استرضاء الرئيس الأمريكي.
لكن «ترامب» أظهر استعداده لتمزيق الاتفاقات التجارية القائمة التي بنت عليها الشركات قراراتها الاستثمارية وخططها لسلاسل التوريد.
في وقت سابق من هذا العام، فرض الرئيس الأمريكي رسومًا جمركية حادة على كندا والمكسيك، وهما من أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين، رغم توقيعه بنفسه على اتفاق تجاري معهما عام 2020.
والشهر الماضي، أوقف ترامب فجأة المحادثات مع كندا التي كانت تهدف إلى خفض الرسوم الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة على السلع الكندية.
قال ويليام راينش، رئيس قسم الأعمال الدولية في «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» في واشنطن، إن إلغاء ترامب لتلك المحادثات «زاد من حالة الارتباك».
وأضاف: «إنه يعزز حالة عدم اليقين في العلاقة، وهذا أمر سيئ للتجارة والاستثمار وللشركات على جانبي الحدود، لأنها لا تعرف ما الذي سيحدث لاحقًا».
يزيد من حدة الغموض أمام الشركات انتظار حكم المحكمة العليا الأمريكية في قضية تتعلق بشرعية استخدام ترامب لصلاحيات الطوارئ لفرض الجزء الأكبر من رسومه الأخيرة.
من المتوقع صدور الحكم قبل نهاية العام، فإذا قررت المحكمة أن ترامب لا يمكنه استخدام تلك الصلاحيات، المعروفة باسم «قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية»، لفرض الرسوم، فسيضطر الرئيس الأمريكي للبحث عن طرق قانونية أخرى لفرض التعريفات على الدول.
لكن نتيجة القضية لن تؤثر على مجموعة الرسوم القطاعية التي فرضها ترامب باستخدام قوانين الأمن القومي.
وتشمل تلك الرسوم فرض ضرائب تصل إلى 25% على واردات السيارات وقطع غيارها إلى الولايات المتحدة، و50% على مجموعة من منتجات الصلب والألومنيوم والنحاس، و10% على الأخشاب، و25% على خزائن المطابخ والأثاث.
وقد أثرت هذه الرسوم بالفعل على العديد من الشركات الكبرى في صناعات السيارات والملابس، إذ أبلغت عدة شركات عن حجم الخسائر التي ستتكبدها بسبب تلك الرسوم.
ومن بين الأكثر تضررًا الشركات العاملة في قطاع السيارات داخل الولايات المتحدة، والتي تمتد سلاسل توريدها عبر أمريكا الشمالية.
وتتوقع شركات «فورد موتور» و«ستيلانتيس» و«جنرال موتورز» أن تصل آثار الرسوم الجمركية إلى مليارات الدولارات، رغم أن «فورد» و«جنرال موتورز» خفضتا تقديراتهما الأولية لحجم الخسائر.
أما شركة الملابس الرياضية «نايكي»، فقد حذرت في سبتمبر من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستكلفها 1.5 مليار دولار خلال عام 2025، إذ تُصنع أكثر من نصف أحذية الشركة وثلث ملابسها في مصانع تقع في فيتنام، التي فرضت الولايات المتحدة عليها رسومًا بنسبة 20% على جميع وارداتها.
خلال مكالمة لمناقشة الأرباح في يونيو، قال المدير المالي لشركة «نايكي»، ماثيو فريند، إن الرسوم الجمركية تمثل «عبئًا جديدًا وذا تأثير ملموس على التكاليف».
أوضح ترامب أن الشركات التي تستثمر داخل الولايات المتحدة يمكنها تجنب الرسوم الجمركية الجديدة من خلال عقد صفقات فردية مع البيت الأبيض تمنحها إعفاءات مستقبلية مقابل تعهدات باستثمارات ضخمة.
وفي أغسطس، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على أشباه الموصلات، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن شركات مثل «أبل» يمكنها تفادي تلك الرسوم عبر زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة.
وأعلن ترامب عن هذا الاستثناء خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، الذي قال إن شركته سترفع استثماراتها المخطط لها في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة بمقدار 100 مليار دولار.
في سبتمبر، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 100% على واردات الأدوية ذات العلامات التجارية أو المسجلة ببراءات اختراع، ما لم يكن المصنع قد بدأ ببناء منشأة إنتاج داخل البلاد.
ردًا على ذلك، وقعت كبرى شركات الأدوية اتفاقات مع البيت الأبيض، متعهدة بزيادة الإنتاج المحلي وخفض أسعار الأدوية للمستهلكين الأمريكيين.
وأعلنت شركة الأدوية «فايزر» في نهاية سبتمبر أنها ستخفض أسعار منتجاتها في الولايات المتحدة، وحصلت على إعفاء لمدة ثلاث سنوات من الرسوم، بشرط أن تواصل الاستثمار في السوق الأمريكية.
أما شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية، فقد عقدت اتفاقاً مشابهاً بعد أسابيع قليلة.
وقبل الإعلان الرسمي عن الاتفاق بعدة أشهر، كانت الشركة قد تعهدت بالفعل باستثمار 50 مليار دولار في التصنيع داخل الولايات المتحدة بحلول عام 2030.








