تستعد شركة “Trend VFX” المصرية، المتخصصة في حلول المؤثرات البصرية والخدع السينمائية، لافتتاح أول مقر فعلي لها في المملكة العربية السعودية خلال عام 2026، بعد سنوات من العمل عن بُعد وتقديم خدماتها “أونلاين”، في خطوة تمثل مرحلة جديدة في خطة توسعها الإقليمي وتطوير أعمالها الميدانية في المنطقة العربية.
وتسعى الشركة من خلال هذه الخطوة، إلى تعزيز حضورها في السوق الخليجي وجذب مستثمرين جدد للمشاركة في إنتاج مشروعاتها المقبلة من الأفلام والمسلسلات التي تعتمد على تقنيات الجرافيك والمؤثرات البصرية.
كما تستعد الشركة للمشاركة في موسم دراما رمضان 2026 من خلال تنفيذ المؤثرات الخاصة بالجزء الخامس من مسلسل “المداح”، إلى جانب عملها على فيلم “الأسد” من بطولة محمد رمضان، والمقرر عرضه في موسم عيد الأضحى القادم.
قال محمد طنطاوي، المدير التنفيذي لـ”Trend VFX”، إن الشركة تُعد واحدة من أبرز الشركات المصرية المتخصصة في صناعة المؤثرات والخدع السينمائية المستخدمة في الأعمال الدرامية والإعلانات، موضحًا أنها تأسست عام 2017 كشركة ناشئة صغيرة، لكنها استطاعت خلال سنوات قليلة أن تحقق مكانة رائدة في السوقين المحلي والدولي بفضل جودة إنتاجها والتزامها بالمعايير التقنية والفنية العالية.
وأضاف أن “Trend VFX” نفذت مؤثرات بصرية لعدد كبير من الأعمال الفنية التي تركت بصمة واضحة في السوق المصري والعربي، من بينها مسلسلات وأفلام كبرى مثل “الاختيار” بأجزائه، و”السرب”، و”الحشاشين”، و”لعبة نيوتن”، و”مشروع إكس”، و”الممر”، و”الأسد”، فضلًا عن مشاركتها في إنتاج أعمال تم عرضها على منصات عالمية مثل “نتفليكس” و”آبل TV”، إلى جانب تصميم مؤثرات بصرية لأعمال أجنبية منها مسلسل “The Boys” في هوليوود.
أوضح طنطاوي أن “Trend VFX” نجحت في توسيع شبكة عملها لتشمل العديد من الأسواق العربية والأجنبية، حيث نفذت مشروعات في الكويت ولبنان والسعودية وعُمان وقطر ومعظم دول الخليج، إضافة إلى تعاونها مع شركات ومؤسسات في كندا والولايات المتحدة والهند والصين وكوريا، مشيرًا إلى أن حجم إنتاج الشركة بلغ نحو 300 مشروع حتى الآن، من بينها 200 إعلان و100 عمل درامي وسينمائي داخل وخارج مصر.
السوق المحلي يشهد نموًا كبيرًا في الطلب على خدمات الجرافيك والمؤثرات البصرية
وأكد أن السوق المصري شهد في السنوات الأخيرة نموًا كبيرًا في الطلب على خدمات الجرافيك والمؤثرات البصرية، حيث أصبحت جزءًا أساسيًا في جميع أشكال الإنتاج الفني تقريبًا، سواء في المسلسلات أو الأفلام أو الإعلانات التجارية.
وأشار طنطاوي، إلى أن موسم دراما رمضان 2024 – 2025 شهد اعتماد معظم الأعمال على تقنيات الجرافيك ثلاثية الأبعاد (3D) والمؤثرات الرقمية، موضحًا أن نحو 90% من هذه الأعمال يتم تنفيذها بواسطة شركات مصرية، بفضل انخفاض التكلفة وارتفاع مستوى الجودة مقارنة بنظيراتها الأجنبية، إذ إن تكلفة تنفيذ نفس الأعمال بالخارج قد تكون أعلى بعشرة أضعاف على الأقل.
وأوضح أن هذه الميزة التنافسية تجعل من مصر بيئة مثالية لصناعة المؤثرات البصرية، خصوصًا مع وجود كفاءات فنية وتقنية شابة تمتلك مهارات عالية تؤهلها لمنافسة السوق العالمي.
أضاف طنطاوي أن صناعة المؤثرات البصرية في مصر ما زالت بحاجة إلى مزيد من الدعم والاستثمارات، بسبب ضعف الوعي العام بأهمية هذا المجال ودوره في تطوير الصناعة السينمائية والتليفزيونية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المنتجين لا يدركون أن المؤثرات البصرية لم تعد مجرد إضافات تجميلية، بل عنصر أساسي في صناعة العمل الفني ونجاحه تجاريًا وجماهيريًا.
وأوضح أن الشركة انتقلت مؤخرًا من مرحلة تنفيذ المؤثرات البصرية للأعمال فقط إلى مرحلة إنتاج الأفلام بنفسها، حيث أطلقت أول عمل سينمائي مصري ضخم يعتمد على المؤثرات البصرية بنسبة 90% وهو فيلم “عودة الماموث”، الذي استغرق العمل عليه ثلاث سنوات كاملة بتكلفة بلغت نحو 100 مليون جنيه، منها 50 مليون جنيه خصصت فقط لتقنيات المؤثرات البصرية.
وأشار طنطاوي، إلى أن الفيلم يُعد أول تجربة مصرية خالصة في مجال أفلام الخيال العلمي، إذ يتناول قصة علمية تدور حول فكرة إعادة الماموث إلى الحياة من خلال تجارب جينية متقدمة،
ويهدف من خلاله إلى تقديم عمل فني مصري بمعايير عالمية يبرز قدرات السوق المحلي على إنتاج أعمال تنافس على المستوى الدولي. ومن المقرر أن يتم عرض الفيلم في السعودية ودول الخليج خلال شهر نوفمبر المقبل، على أن تتم ترجمته إلى عدة لغات ليُعرض لاحقًا في الأسواق العربية والعالمية، مؤكدًا وجود مفاوضات حالية لعرضه في كندا والصين والولايات المتحدة وتركيا والهند وأمريكا الجنوبية، ليصبح أول إنتاج مصري يعتمد بشكل شبه كامل على المؤثرات البصرية ويتم توزيعه عالميًا.
وأكد طنطاوي أن الهدف من إنتاج “عودة الماموث” لا يقتصر على تحقيق الأرباح، بل يتعدى ذلك إلى إثبات قدرة مصر على تنفيذ أعمال بتقنيات تضاهي أرقى المعايير العالمية في هوليوود، موضحًا أن متوسط مدة إنتاج العمل الواحد تتراوح بين ستة أشهر إلى عام بالنسبة للمسلسلات، وأسبوعين فقط للإعلانات التجارية، وأن الشركة تشهد نموًا سنويًا في حجم الإنتاج يبلغ نحو 30%.
وأضاف أن الشركة تعتمد على التمويل الذاتي بالكامل، ويشارك فيها أربعة شركاء فقط، ويعمل بها نحو 250 موظفًا بين فنيين ومهندسين ومصممين، ولها فرعان في مصر، مع خطة لافتتاح فرع جديد في السعودية عام 2026 يضم 15 موظفًا إضافيًا، وتوفر الشركة نحو 20% من فرص العمل الجديدة سنويًا في سوق متخصص يشهد توسعًا مستمرًا.
وأوضح طنطاوي أن إنشاء شركة متخصصة في المؤثرات البصرية بالخارج يعد أكثر تكلفة بكثير من إنشاءها في مصر، بسبب ارتفاع أجور العاملين هناك، مشيرًا إلى أن المهندس المصري الواحد يمكن أن يؤدي مهام خمسة مهندسين في الشركات الأجنبية، وأن إجمالي الأجور خلال خمسة أشهر في الخارج قد يعادل تكلفة تأسيس شركة كاملة في مصر.
وأشار إلى أن هذا الفرق في التكاليف يمثل فرصة كبيرة لجعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة المؤثرات البصرية في الشرق الأوسط، إذا تم توفير الدعم اللازم من الدولة والقطاع الخاص.
وكشف طنطاوي عن أبرز التحديات التي تواجه الصناعة، وعلى رأسها صعوبة إقناع المنتجين والممولين بأهمية المؤثرات البصرية كعنصر رئيسي في الإنتاج الفني، نظرًا لغياب الثقافة العامة حول كونها صناعة قائمة بذاتها تحتاج إلى تمويل ضخم ومهارات متخصصة.
لا توجد مظلة رسمية تنظم صناعة المؤثرات البصرية في مصر
كما تحدث عن تعاون الشركة مع عدد من المؤسسات العربية والعالمية، مثل مجموعة MBC وشركة صُدف في السعودية، وشركات “دانا” و“روكت سينس” في كندا، موضحًا أن نحو 10% من إنتاج الشركة موجه للأسواق الأجنبية، بينما تستحوذ السوق المصرية والدول العربية على النسبة الأكبر من أعمالها.
وحول دور الذكاء الاصطناعي في الصناعة، أشار طنطاوي إلى أن التقنيات الحديثة أسهمت في تسريع مراحل الإنتاج وتحسين جودة المشروعات، لكنها لا يمكن أن تحل محل العنصر البشري، لأن الإبداع الفني لا يمكن استنساخه آليًا، بل يتطلب رؤية وإحساس الفنان. وأكد على أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة لتطوير المجال، وليس كبديل للخبرات البشرية.
واختتم حواره بالتأكيد على أن شركة “ترند VFX” تُعد من أبرز الشركات المصرية في مجال المؤثرات البصرية من حيث حجم العمالة والإنتاج، لكنها مقارنة بالشركات الغربية لا تزال في بداياتها، فبينما تضم الشركات الأجنبية الكبرى نحو 2500 موظف، فإن الشركة المصرية تسعى تدريجيًا إلى التوسع والتطور لتصل إلى هذا المستوى، خاصة أن تكلفة إنتاج فيلم مثل “عودة الماموث” في الخارج قد تتجاوز 200 مليون دولار.
وأشار إلى أن السوق المصري يواجه بعض العقبات في التوسع بسبب ارتفاع تكلفة التنفيذ وضعف العائد المادي، لكن الدولة بدأت تدعم المجال بشكل أكبر من خلال تسهيل إجراءات التصوير وتوفير بيئة عمل مواتية، ومع ذلك لا تزال الصناعة في حاجة إلى مظلة رسمية تنظم عمل الشركات العاملة في هذا القطاع وتساعدها على جذب الاستثمارات وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي.
