قال وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك إن بلاده تتوقع التزاماً استثمارياً كبيراً من تايوان خلال محادثات التجارة، في حين عدّد رئيس الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، لاي تشينغ-ته، المجالات التي تحتاج إلى تحسين حتى تُستكمل المشاريع.
أوضح لوتنيك خلال مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي” أمس الأربعاء”نحن في خضمّ المناقشات. لكن الحقيقة أن هدف هذه الإدارة هو جذب صناعة أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة”.
وقال لاي، في تصريحات منفصلة الأربعاء، إن تايوان تدعم هدف الرئيس دونالد ترامب بإعادة التصنيع داخل أميركا، بما في ذلك تعزيز إنتاج أشباه الموصلات.
وأوضح أن تحقيق هذا الهدف يتطلب من الولايات المتحدة تقليص اعتمادها على تايوان باعتبارها مصدراً رئيسياً للرقائق. ولتنفيذ هذه الخطط، قال لاي إن الشركات التايوانية تحتاج إلى ضمانات بشأن إجراءات تسهيل الاستثمار.
احتياجات أمريكا من الرقائق
قال لوتنيك في سبتمبر إنه يهدف إلى أن يغطي الإنتاج المحلي ما بين 40% و50% من احتياجات الولايات المتحدة من الرقائق.
وصرح لاي في مقابلة سُجلت لقمة “ديل بوك” التي تنظمها “نيويورك تايمز”: “نحن نتفهم شعور الرئيس ترمب بالإلحاح، لكن تحقيق هذا الهدف البالغ بين 40% و50% ضمن الإطار الزمني المحدد لا يعتمد فقط على دعم تايوان، بل أيضاً على قدرة الحكومة الأميركية على تسهيل الحصول على الأراضي، وضمان إمدادات المياه والكهرباء، وتنمية القوى العاملة والمهارات، وتقديم الحوافز الاستثمارية”.
وأضاف الرئيس التايواني: “إذا تمكنت الحكومة الأميركية من تنفيذ ذلك بكفاءة وفاعلية، فسيصبح تحقيق هذا الهدف أكثر قابلية للتحقق”.
لم يطرأ تغير يُذكر على مؤشر “تايكس” القياسي للأسهم في تايبيه يوم الخميس، في حين ارتفع الدولار التايواني بشكل طفيف إلى 31.33 مقابل العملة الأميركية.
قال وي خون تشونغ، كبير استراتيجيي السوق، لدى “بي إن واي” (BNY) في هونغ كونغ، إن استقرار العملة التايوانية يعود إلى أن حكومة تايبيه لم تكشف بعد عن أي أرقام تتعلق بالاستثمارات المحتملة.
وأضاف: “إلى أن تظهر أرقام ملموسة، ستواصل العملة التداول وفق الأساسيات العامة وتدفقات السوق”. “إلا أن احتمال تقديم تعهد استثماري كبير للولايات المتحدة أصبح الآن محل متابعة المتداولين باعتباره مصدراً محتملاً يدفع الدولار التايواني إلى الانخفاض على المدى المتوسط”.
وفي مثال آخر على تأثير هذه الصفقات على بلدانها، تراجع الوون الكوري في أكتوبر بعد تعهّد كوريا الجنوبية باستثمار بقيمة 350 مليار دولار في الولايات المتحدة، ما أدى إلى ضغوط على العملة ودفع المسؤولين في سيول إلى التعهّد بالتدخل لاستقرار الأسواق عند الحاجة.
حجم استثمارات تايوان المتوقعة
أما بالنسبة لحجم الاستثمار التايواني المحتمل، فأشار لوتنيك إلى أنه قد يتجاوز 300 مليار دولار. وقال إن شركة “تي إس إم سي” (TSMC) أعلنت زيادة قدرها 100 مليار دولار في مشروعها بأريزونا ليصل إلى 165 مليار دولار، فيما استثمرت “ميكرون” (Micron) أكثر، وكذلك “تكساس إنسترومنتس” (Texas Instruments)، ليصل إجمالي الاستثمارات في الولايات المتحدة إلى نحو 300 مليار دولار. وأضاف: “أعتقد أن الصفقة مع تايوان ستكون أكبر من ذلك”.
لم يوضح وزير التجارة ما إذا كانت خطط شركة “تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ” مدرجة بالفعل ضمن التعهدات التي تأمل الإدارة الحصول عليها من تايبيه، فيما تعهدت ” تي إس إم سي”، وهي أكثر شركات الرقائق تقدماً في العالم، بمواصلة التوسع في الولايات المتحدة.
وقال لاي أيضاً :” نأمل أن تساعد مفاوضات الرسوم الجمركية الأمريكية ليس فقط على خفض العجز التجاري الأمريكي بل أيضاً على تعميق التعاون الاقتصادي الثنائي ودمج الصناعات التايوانية بشكل أكبر في الهيكل الاقتصادي الأمريكي وتعزيز العلاقة بين تايوان والولايات المتحدة”.
نموذج الاستثمار التايواني في أمريكا
قالت تايوان الشهر الماضي إنها اقترحت نموذجاً للاستثمار في الولايات المتحدة يتيح لصناعاتها التوسع عالمياً بشكل مستقل مع تقديم الحكومة ضمانات مالية. كما ستوفر الولايات المتحدة دعماً إدارياً وحوافز لمساعدة الشركات التايوانية في الحصول على الأراضي وتسهيل الإجراءات التنظيمية عند إنشاء مناطق للخدمات في البلاد.
وأضاف لاي في تصريحاته يوم الأربعاء “حكومتنا تدعم “تي إس إم سي” وغيرها من شركات أشباه الموصلات التايوانية في استثماراتها بالولايات المتحدة أو اليابان أو أوروبا أو أي مكان ترى أنه ضروري بما يسهم في التقدم والازدهار على الساحة العالمية”.
حملة إعلامية لتعزيز تواجد تايوان
تمثل مشاركة لاي عبر الفيديو في فعالية “نيويورك تايمز” أحدث محاولاته لتعزيز حضور تايوان في وسائل الإعلام الأمريكية، في استراتيجية تهدف إلى مواجهة حملة الصين لعزل الديمقراطية التايوانية على الساحة الدولية.
وأعلن الأسبوع الماضي في مقال بصحيفة “واشنطن بوست” أن حكومته تعتزم إنفاق 40 مليار دولار إضافية على الدفاعات في خطوة تهدف إلى الرد على انتقادات ترمب خلال حملته بأن تايوان بحاجة لبذل المزيد لحماية نفسها.
وكتب لاي في وقت سابق من هذا العام في مقال نشرته “بلومبرج” أن حكومته ملتزمة بخفض اختلالات التجارة مع الولايات المتحدة من خلال شراء المزيد من الطاقة والمنتجات الزراعية والسلع الصناعية الأمريكية.
ثبات العلاقات الأمريكية–التايوانية
تعتمد تايوان على الولايات المتحدة للحصول على الدعم السياسي والعسكري في مواجهة الصين، التي تنظر إلى هذه الديمقراطية البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة باعتبارها أرضاً مفقودة يجب إعادتها إلى سيطرتها، ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في وقت سابق من أمس الأربعاء إن علاقة الولايات المتحدة بتايوان “لم تتغير”، وعند سؤاله عمّا إذا كانت واشنطن ستدافع عن تايوان في حال حدوث توغل صيني، قال إنه لا يجيب عن “الافتراضات”.
وأضاف بيسنت أن “نقطة الفشل الوحيدة التي قد تهدد الاقتصاد العالمي هي أي اضطراب في إمدادات الرقائق من جزيرة تايوان”. وعند سؤاله عمّا إذا كانت خطوات الولايات المتحدة لإعادة تصنيع الرقائق محلياً ستجعلها أقل ميلاً للدفاع عن تايوان، قال إن “السؤال خاطئ”.
واختتم: “أن تقلل المخاطر لا يعني أنك قد غيرت شيئاً”.








