يشهد سوق الأجهزة الكهربائية خلال عام 2025 تراجعًا ملحوظًا في المبيعات، في ظل ما وصفه المصنعون والتجار بحالة «ركود انتظاري»، مع اتجاه المستهلكين إلى تأجيل قرارات الشراء ترقبًا لمزيد من التخفيضات والعروض الترويجية.
وأكد مصنعون لـ«البورصة»، أن الشركات باتت مضطرة إلى إعادة تسعير منتجاتها بحذر شديد، في محاولة لتحريك المبيعات دون الإضرار بهوامش الربح، خاصة مع التباين بين تكلفة المخزون القديم وأسعار الخامات والطاقة الحالية.
انخفاض محدود في الأسعار
قال شريف الصياد، رئيس مجموعة ترديكو للصناعات الهندسية والأجهزة الكهربائية، إن التراجع النسبي في سعر الدولار بنحو 5–6%، إلى جانب خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري، كان من المفترض أن ينعكس بشكل أوضح على أسعار الأجهزة الكهربائية، إلا أن هذا الأثر لايزال محدودًا.
وأوضح الصياد لـ«البورصة»، أن غالبية المصانع تعتمد حاليًا على مخزون من الخامات المستوردة بأسعار صرف مرتفعة، مشيرًا إلى أن الشركات تحتفظ عادة بمخزون يكفي من 4 إلى 6 أشهر، ما يدفعها إلى تسعير المنتجات وفق متوسط تكلفة الخامات القديمة والجديدة معًا.
وأضاف أن السوق سيشهد انخفاضًا فعليًا في الأسعار خلال الفترة المقبلة، لكنه سيكون محدودًا ويتراوح بين 3 و5% مقارنة بالمستويات الحالية، لافتًا إلى أن أي تراجع في تكلفة بعض المكونات يقابله ارتفاع في عناصر أخرى، أبرزها أسعار الطاقة والوقود.
الصياد: انخفاض طفيف مرتقب للأسعار رغم تراجع الدولار والفائدة
وأشار إلى أن المستهلك يواجه تحديين رئيسيين، يتمثلان في تراجع القدرة الشرائية مع متوسط تضخم يقترب من 12% خلال العام، وارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات.
أوضح أن التخفيضات الحالية التي تتراوح بين 5 و10% تعود إلى ضعف الطلب، وتراجع أسعار الفائدة وسعر الصرف، فضلًا عن اشتداد المنافسة داخل السوق.
وأوضح الصياد، أن سوق الأجهزة المنزلية شهد خلال عامي 2024 و2025 دخول 5 شركات كبرى جديدة، ثلاث منها صينية، وواحدة تركية، وأخرى أوروبية، تتنافس جميعها داخل سوق يعاني من انكماش نسبي في الطلب، ما زاد من حدة الضغوط السعرية.
ووصف الصياد الوضع الحالي بـ«الركود الانتظاري»، مؤكدًا أن المستهلكين لا يحجمون عن الشراء بقدر ما يؤجلون قراراتهم ترقبًا لمزيد من التخفيضات، خاصة مع الحملات المكثفة لتصريف المخزون.
وأضاف أن الشركات تبيع حاليًا بأقل من التكلفة الفعلية للتخلص من مخزون مرتفع التكلفة، إلا أن هذه الاستراتيجية غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل.
إعادة تسعير بطيئة
من جانبه، قال أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية، إن السوق يمر بمرحلة إعادة تسعير بطيئة، تعكس توازنًا معقدًا بين تراجع بعض عناصر التكلفة واستمرار ضغوط أخرى، مثل النقل والطاقة والخدمات اللوجستية.
وأضاف هلال لـ«البورصة»، أن التجار والمصنعين يتعاملون بحذر شديد في تمرير أي تخفيضات إضافية، حفاظًا على استدامة النشاط في ظل هوامش ربح شبه منعدمة لدى عدد كبير من الشركات.
هلال: إعادة تسعير بطيئة وتحول الطلب نحو الأجهزة الأقل سعرًا
وأشار إلى تحول واضح في سلوك المستهلكين نحو الفئات الأساسية والأقل سعرًا، مع تراجع الإقبال على الأجهزة مرتفعة المواصفات.
وأكد أن تحريك السوق يتطلب استقرار سعر الصرف، وتيسير أدوات التمويل الاستهلاكي، وضبط إيقاع العروض الترويجية.
وقال ثروت عزيز، أحد تجار الأجهزة الكهربائية، إن مبيعات الشركات تراجعت بنسبة تصل إلى 60%، موضحًا أن الأسعار رغم انخفاضها لاتزال مرتفعة بالنسبة للمستهلك النهائي.
عزيز: تراجع المبيعات 60% والمستورد الأرخص يخطف الطلب
وأضاف لـ«البورصة»، أن المستهلك بات يركز على المنتج الأقل سعرًا، والذي يكون في الغالب مستوردًا لانخفاض تكلفته مقارنة بالمنتج المحلي.
وأشار إلى أن المصنعين سيتجهون خلال الفترة المقبلة إلى التصدير، خاصة إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والأمريكية، لتعويض جزء من الخسائر.
تخفيضات تصل إلى 50%
وقال طارق الشناوي، مدير عام الصناعة بشركة رويال بالاس إنترناشيونال لصناعة الأجهزة الكهربائية، إن زيادة حدة المنافسة كانت سببًا رئيسيًا في تراجع مبيعات بعض الشركات.
وأوضح أن المستثمر الأجنبي غالبًا ما يدخل السوق بمواد خام أقل تكلفة، ما يعزز تنافسية المنتج الأجنبي.
الشناوي: المنافسة الأجنبية تضغط على المنتج المحلي وتخفيضات تصل إلى 50%
وأكد الشناوي على ضرورة زيادة الدعم للشركات المحلية وتوسيع أدوات التمويل، إلى جانب خفض أسعار بعض المواد الخام.
استمرار تأجيل الشراء
وفي السياق ذاته، قال جورج زكريا، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية، إن المستهلكين مازالوا يؤجلون قرارات الشراء انتظارًا لانخفاض أكبر في أسعار الأجهزة المعمرة، تزامنًا مع تراجع سعر صرف الدولار.
زكريا: المستهلك يؤجل الشراء رغم تراجع الأسعار عن ذروة 2023
وأوضح زكريا، أن الأسعار الحالية، رغم انخفاضها بنحو 50% مقارنة بعام 2023، فإنها لاتزال تفوق القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المستهلكين، ما يبقي السوق في حالة ترقب خلال الفترة المقبلة.
وقال أشرف هلال، إن الركود الحالي في السوق يعد أحد تداعيات موجة الشراء المكثفة التي شهدها السوق خلال عام 2023، حين أقبل عدد كبير من المستهلكين على شراء الأجهزة وتخزينها خوفًا من استمرار ارتفاع الأسعار مع صعود سعر الدولار، ما أدى إلى تشبع السوق وتراجع الإقبال خلال 2024، واستمرار حالة الركود حتى العام الجاري.
وأوضح أن الأجهزة غير الموسمية، مثل الغسالات، البوتاجازات، والسخانات، شهدت التراجع الأكبر في الأسعار، بينما ظلت مبيعات المراوح والتكييفات جيدة نسبيًا، نظرًا لارتباطها بفصل الصيف.
ولفت إلى أن الثلاجات التي كانت تُباع بسعر 40 ألف جنيه في 2023، أصبحت حاليًا تُباع بـ28 ألفًا، والتي كانت بـ35 ألفًا انخفضت إلى 25 ألفًا، أما الثلاجات ذات السعر 22 ألفًا فقد انخفضت إلى 18–18.5 ألف جنيه.
وأكد أن الوضع الحالي لا يشير إلى أي زيادات مرتقبة في أسعار الأجهزة الكهربائية خلال الفترة المقبلة، في ظل استقرار سعر الصرف واستمرار ركود حركة البيع والشراء في السوق.
وأشار إلى أن أسعار السخان تتراوح ما بين 3000 إلى 3709 جنيه، بينما سجلت أسعار الشاشات الـ 49 بوصة و55 بوصة ما بين 17 و19 ألف جنيه، وسجلت أسعار الثلاجات ما بين 25 و33 ألف جنيه، وسجلت أسعار الميكروويف 11 ألف جنيه، بينما تسجل أسعار البوتجازات ما بين 7500 و10 آلاف جنيه.








