تخطط شركة شركة “بلو إي في” المتخصصة في خدمات النقل الكهربائي، لضخ استثمار كبير يقدر بـ 100 مليون دولار ودخول السوق المغربي خلال عام 2026، ضمن رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى إنشاء شبكة إقليمية مترابطة لتبديل البطاريات، ما يسمح بانتقال نموذج التشغيل المصري إلى أسواق أخرى في المنطقة.
وتشهد سوق النقل الخفيف الكهربائي في مصر والمنطقة العربية تحولًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، تقوده شركات ناشئة تسعى لإعادة رسم ملامح التنقل الحضري، ومنها شركة “بلو إي في” Blu EV، التي تأسست عام 2022 بهدف تقديم حلول ذكية للمركبات الكهربائية الخفيفة بالاعتماد على نموذج تشغيل مبتكر يركز على تبديل البطاريات في أقل من دقيقة واحدة.
هذا النموذج، الذي أثبت نجاحه عالميًا، يبدو أنه بدأ يجد طريقه في مصر والمنطقة، وسط دعم استثماري قوي وتوسع في البنية التحتية، واستجابة متزايدة من شريحة كبيرة من المستخدمين، خاصة العاملين في خدمات التوصيل.
وأعلنت الشركة عن خطة توسعية طموحة لعام 2026، تستهدف من خلالها تعزيز وجودها داخل السوق المصرية، والتوسع خارج الحدود، تحديدًا في المغرب، الذي يُعد أحد الأسواق الواعدة في مجال النقل الكهربائي الخفيف.
وتشمل الخطة، وفقًا لرضا بلعبكي، المدير التنفيذي لشركة Blu EV، تطوير ثلاثة موديلات جديدة من الدراجات الكهربائية، لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمستخدمين، سواء في الأنشطة التجارية، أو الاستخدام الشخصي.
وتأتي خطوة الشركة تجاه المغرب ، في وقت تستعد فيه دول شمال أفريقيا لدفع عجلة التحول نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الكربونية، وهو ما ينسجم تمامًا مع أهداف Blu EV.
وحصلت الشركة على دعم استراتيجي ومالي كبير من رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، الذي ضخ استثمارًا بقيمة 120 مليون دولار عبر شركته Orascom Investment Holding.
ويؤكد هذا الاستثمار الثقة المتزايدة في مستقبل النقل الكهربائي في مصر والمنطقة، ويعكس كذلك توجهات رأس المال المصري نحو فرص جديدة في قطاع التكنولوجيا الخضراء.
ويعتمد جوهر عمل “Blu EV” على نموذج التشغيل القائم على تبديل البطارية بدلًا من إعادة شحنها، ففي حين تتطلب عملية شحن الدراجة الكهربائية بين 4 و6 ساعات، يمكن استبدال البطارية في محطات الشركة خلال أقل من 60 ثانية فقط.
هذا الفرق الضخم في الزمن يمنح المستخدمين مرونة عالية، ويجعل النموذج مناسبًا بدرجة كبيرة للعاملين في مجالات التوصيل، الذين يقضون ساعات طويلة على الطريق ويحتاجون إلى مركبات جاهزة للعمل دون توقف.
ويشرح بلعبكي لـ”البورصة”، أن الشركة تقدم منظومة متكاملة تبدأ من لحظة شراء المستخدم للمركبة أو تحويل مركبته التقليدية إلى كهربائية، إذ يتم إنشاء حساب إلكتروني لكل مستخدم على منصة الشركة، يتيح له إدارة استهلاك الطاقة، ومتابعة استخدام البطاريات، والوصول إلى شبكة واسعة من محطات التبديل.
وتسهم هذه المنظومة، بحسب بلعبكي، في خفض تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمركبات العاملة بالبنزين، ما يجعل الانتقال إلى الكهرباء خيارًا اقتصاديًا بامتياز، وليس فقط خيارًا بيئيًا.
وشهد العام الماضي انطلاقة قوية للشركة في مصر، إذ بدأت تشغيل خدمات تجريبية عبر تطبيقها الإلكتروني وانتشرت عدة وحدات لتبديل البطاريات في مناطق مختلفة من القاهرة.
وبحسب بلعبكي، نجحت Blu EV بالفعل في تغطية خمس مناطق داخل القاهرة، تشمل شرق القاهرة، بالإضافة إلى التوسع في الإسكندرية، الإسماعيلية، الساحل الشمالي، والجونة، بإجمالي أكثر من 50 محطة لتبديل البطاريات.
وتخطط الشركة خلال الأشهر المقبلة لزيادة عدد المحطات، مع التركيز بشكل خاص على القاهرة الكبرى، التي تمثل أكبر سوق للمستخدمين في مصر، على أن تشمل التغطية جميع المحافظات المصرية خلال خمس سنوات.
ويشير المدير التنفيذي إلى أن الاستثمار في البنية التحتية يعد التحدي الأكبر الذي تواجهه الشركة، نظرًا للتكلفة الضخمة لإنشاء شبكة واسعة من محطات التبديل، إلى جانب ضرورة توفير نظام ذكي يمكنه إدارة آلاف البطاريات في وقت واحد بكامل الكفاءة.
ولكن رغم هذه التحديات، يؤكد بلعبكي أن الشركة قطعت شوطًا مهمًا في هذا الاتجاه، وأن حجم الاستثمارات الحالية والمستقبلية يعكس الالتزام باستكمال منظومة متكاملة للنقل الكهربائي في مصر.
لم تكتفِ “Blu EV” بإنشاء وحدات التبديل والبنية التحتية فقط على حد وصفه، بل عملت أيضًا على بناء شبكة واسعة من الشراكات مع جهات محلية وإقليمية ودولية، بهدف تطوير الدراجة الكهربائية وجعلها متوافقة بالكامل مع منظومة تبديل البطاريات.
شراكات استراتيجية مع الهيئة العربية للتصنيع وشركات عالمية
وقد عقدت الشركة شراكات مع الهيئة العربية للتصنيع، وعدد من الشركات العالمية مثل “وكديرتو” و”ديلاج”، وهي شركات متخصصة في تطوير المركبات الكهربائية.
كما تعمل “Blu EV” على توسيع تعاونها مع شركات لوجستية عالمية مثل “فيديكس” و “دي إتش إل”، بهدف توفير حلول نقل صديقة للبيئة وتقديم خدمات توصيل تعتمد بالكامل على الدراجات الكهربائية، وهو توجه يلقى اهتمامًا واسعًا لدى شركات الشحن التي تتجه نحو تقليل بصمتها الكربونية.
وعن مواصفات الدراجات الكهربائية التي تعمل الشركة على تطويرها، يوضح بلعبكي أن كل طراز جديد يتم تصميمه بحيث يحقق أعلى مستويات الكفاءة ويقلل من تكاليف التشغيل اليومية.
وتوفر الدراجة الكهربائية المحدثة، وفقًا له، توفيرًا يبلغ نحو 30% من النفقات مقارنة بالدراجات العاملة بالوقود الأحفوري، إضافة إلى سهولة الصيانة وانخفاض تكلفة قطع الغيار.
ويعتمد نموذج الشركة على استبدال محرك البنزين بمحرك كهربائي عالي الكفاءة، إلى جانب تطوير شبكة ذكية لتوزيع البطاريات القابلة للتبديل.
ويؤكد بلعبكي أن هذه المنظومة تجعل استخدام الدراجة الكهربائية أسهل وأكثر عملية من الدراجة التقليدية، خاصة مع توافر محطات التبديل على مدار الساعة.
أما فيما يتعلق بالسوق المغربي، فيؤكد بلعبكي أن المغرب يمتلك بنية تحتية قوية ونظامًا تشريعيًا يدعم الانتقال نحو الطاقة النظيفة، وهو ما يجعل السوق ملائمًا تمامًا للتوسع في حلول النقل الكهربائي.
وشدد على أن رؤية “Blu EV”لعام 2026 تستهدف الوصول إلى 10 آلاف مستخدم نشط، وتوسيع شبكة محطات تبديل البطاريات لتغطية القاهرة الكبرى بالكامل، إضافة إلى بناء شبكة محطات رئيسية في المغرب بعد دخول السوق رسميًا خلال العام ذاته.
كما أكد أن الشركة تستعد لإطلاق 3 نماذج جديدة من الدراجات الكهربائية تواكب الاحتياجات المختلفة للمستخدمين.
ويرى بلعبكي أن مستقبل النقل في المنطقة يتجه بقوة نحو الكهرباء، وأن “Blu EV” تسعى لتكون في مقدمة هذا التحول، من خلال توفير حلول عملية وموفرة ومستدامة، تدعم توجهات الدول نحو الاقتصاد الأخضر وتقديم جودة حياة أفضل.








