يتجه سوق التمويل الاستهلاكي في مصر إلى مرحلة جديدة من التطور مع العمل على إنشاء منصة بيانات موحدة للتاريخ الائتماني، بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر، والهيئة العامة للرقابة المالية.
يأتي ذلك في خطوة تستهدف تعزيز دقة قرارات منح التمويل، ورفع كفاءة إدارة المخاطر، ودعم الاستدامة الائتمانية للقطاع، خاصة للعملاء الجدد وذوي المعاملات الصغيرة، بحسب سعيد زعتر رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري للتمويل الاستهلاكي.
وأضاف زعتر على هامش مؤتمر صحفى اليوم، إن المشروع يمثل حجر زاوية في مستقبل النشاط، كونه يضع أسسًا أكثر عدالة وشفافية لتقييم الجدارة الائتمانية، ويحد من مخاطر التعثر، بما ينعكس إيجابًا على الشركات والعملاء على حد سواء.
وأضاف أن التمويل الاستهلاكي في مصر شهد خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا، من نشاط هامشي يُمارس بصورة غير منظمة، إلى قطاع مالي متكامل يعمل وفق إطار رقابي صارم، ويحظى بثقة ملايين العملاء، مؤكدًا أن هذا التحول لم يكن مجرد نمو في الأرقام، بل تطور في الفكر الإداري، وإدارة المخاطر، وحماية حقوق المستهلكين.
وأوضح زعتر أن صدور قانون تنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي رقم 18 لسنة 2020 كان نقطة فاصلة، إذ أرسى قواعد واضحة للشفافية، وكفل حقوق العملاء في السداد المبكر دون تعسف، ما عزز الثقة المتبادلة، وفتح المجال أمام توسع استثماري منظم ومستدام داخل القطاع.
وأكد أن معدلات التعثر استقرت عند مستويات تتراوح بين 3 و4%، وهي من أقل المعدلات مقارنة بالأنشطة التمويلية والتنموية الأخرى، ما يعكس تحسن أدوات التقييم الائتماني والانضباط التشغيلي.
وكشف زعتر عن أن حجم التمويل الاستهلاكي خلال أول 10 أشهر من العام الجاري بنحو 58.02%، ليصل إلى نحو 74.98 مليار جنيه، مقارنة بنحو 47.45 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بينما قفز عدد العملاء إلى أكثر من 1.2 مليون عميل، بنمو قدره 208.1%، مدفوعًا بالتوسع في الحلول الرقمية وسهولة الوصول للخدمات التمويلية.
وشدد زعتر على أن التمويل الاستهلاكي أصبح أحد المحركات الرئيسة لتعزيز الشمول المالي، عبر دمج شرائح جديدة داخل المنظومة المالية الرسمية، موضحًا أن دوره لم يعد مقصورًا على تمويل السلع المعمرة أو السيارات، بل امتد ليشمل الاحتياجات الأساسية مثل الخدمات الصحية والتعليمية.
ولفت إلى الدور المتنامي للاتحاد المصري للتمويل الاستهلاكي كحلقة وصل بين الشركات والهيئة العامة للرقابة المالية والبنوك، مشيرًا إلى ارتفاع عدد الشركات الأعضاء إلى 46 شركة بنهاية 2024، مقارنة بـ 27 شركة عند تأسيس الاتحاد، في دلالة واضحة على توسع السوق وزيادة الثقة في الإطار التنظيمي.
وأضاف أن الاتحاد نظم خلال الفترة الماضية سلسلة من ورش العمل المتخصصة في الحوكمة ومكافحة غسل الأموال وإدارة المخاطر، كما تم إنشاء لجنة لمكافحة الاحتيال، إلى جانب تفعيل آليات تبادل البيانات مع اتحاد بنوك مصر، باعتبارها خطوات محورية لحماية السوق وتعزيز استقراره.
وأكد زعتر أن المرحلة المقبلة، ضمن رؤية 2026، ستشهد التطبيق التجريبي لمعايير بازل الثلاثة، بما يعزز الاستدامة التنظيمية والمالية للقطاع، ويدعم قدرته على النمو في إطار رقابي أكثر صلابة وشفافية، مع الاستمرار في التوسع الرقمي لرفع الكفاءة التشغيلية وتقليل المخاطر، لترسيخ التمويل الاستهلاكي كأحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المصري.








