على مدى العقد الماضى، شهدت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر تراجعاً من 15% فى 2013 إلى 13.6% فى 2023، بينما نجحت الدول الأفريقية فى رفع حصيلة الضرائب من متوسط 14.7% إلى 16.1% خلال الفترة نفسها، لتتحوَّل الفجوة من ميزة نسبية لصالح مصر قبل عشر سنوات إلى فجوة سلبية لصالح القارة بنحو 2.5%، وفق تقرير «إحصائيات الإيرادات فى أفريقيا 2025» الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD).
وأشار التقرير إلى أن نسبة الضرائب إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر تراجعت خلال عام واحد، لتسجل 13.6% فى 2023، مقابل 14.2% فى 2022، بانخفاض 0.6 نقطة مئوية، فيما شهدت القارة الأفريقية اتجاهاً معاكساً بارتفاع متوسط نسبة الضرائب لـ38 دولة أفريقية بالنسبة نفسها.
وأوضح التقرير أن النظام الضريبى المصرى يواجه اختلالات هيكلية وفرصاً ضائعة، فى وقت تحتاج فيه المالية العامة إلى تعظيم الموارد دون إجهاد النشاط الاقتصادى.
وفى سياق تاريخى، سجلت مصر أعلى عبء ضريبى منذ 2002 عند 17.4% فى 2006، بينما كان أدنى مستوى عند 12.5% فى 2002، ما يعكس حساسية الإيرادات الضريبية للتغيرات فى السياسات الاقتصادية والدورات الاقتصادية والضغوط الخارجية.
ضريبة الشركات تتصدر الإيرادات بنسبة 31%.. و«الأفراد» تظل محدودة عند 14%
وكشف التقرير، أن ضريبة دخل الشركات استحوذت على 31% من إجمالى الإيرادات الضريبية فى مصر خلال 2023، لتتصدر الإيرادات مقارنة بالمناطق الأخرى، تلتها ضريبة القيمة المضافة بنسبة 24%، وضرائب أخرى على السلع والخدمات بنسبة 18%.
فى المقابل، لم تتجاوز مساهمة ضريبة دخل الأشخاص 14%، فيما سجلت مساهمات الضمان الاجتماعى 12%.
وعند مقارنة هذه الحصص بالمتوسطات الدولية، يتضح أن ضريبة الشركات فى مصر تتجاوز بكثير متوسط أفريقيا البالغ 21%، ومتوسط آسيا والمحيط الهادى عند 20%، وأمريكا اللاتينية 19%، بينما لا تتجاوز 12% فى دول OECD.
وعلى الجانب الآخر، تأتى ضريبة دخل الأشخاص فى مصر دون المتوسط الأفريقى والآسيوى، وبفارق واسع عن دول OECD التى تشكل فيها هذه الضريبة نحو ربع الإيرادات الضريبية.
وأشار التقرير إلى أن هذا التركيب يعكس تركيز العبء الضريبى على قطاع الأعمال الرسمى والاستهلاك، مقابل مساهمة محدودة لدخول الأفراد، ما يجعل الحصيلة أكثر تعرضاً لتقلبات أرباح الشركات ودورات النشاط الاقتصادى.
كما أن مساهمات الضمان الاجتماعى فى مصر أعلى من المتوسط الأفريقى، لكنها تظل أقل بكثير من المستويات فى دول OECD وأمريكا اللاتينية؛ حيث تلعب هذه المساهمات دوراً محورياً فى تمويل شبكات الحماية الاجتماعية.
ورغم أن ضريبة القيمة المضافة تعد أحد أعمدة الإيرادات، فإنَّ حصتها أقل قليلاً من متوسط أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ما يشير إلى وجود مجال لتحسين كفاءة التحصيل بدلاً من رفع المعدلات.
الإيرادات غير الضريبية تمثل 3.4% من الناتج مقابل متوسط أفريقى 5.9%
وبالنسبة للإيرادات غير الضريبية، أشار التقرير إلى ضعف نسبى فى أداء مصر، التى سجلت 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2023، مقابل متوسط أفريقى يبلغ 5.9%، معتمدة بشكل رئيسى على فئة «الإيرادات المتنوعة» بنسبة 1.2% من الناتج، أى أكثر من ثلث الإيرادات غير الضريبية، ما يطرح تساؤلات حول الشفافية، وجودة البيانات المالية. تلتها إيرادات مبيعات السلع والخدمات الحكومية بنسبة 1.23%، ثم دخل الملكية بنسبة 1.09%، فى حين كانت الإيرادات الأخرى هامشية للغاية.
ولفت التقرير إلى أن تراجع نسبة الضرائب رغم برامج الإصلاح الضريبى يعكس تحديات فى توسيع القاعدة الضريبية، خاصة مع حجم الاقتصاد غير الرسمى، كما أن الاعتماد الكبير على ضريبة الشركات يجعل الحصيلة أقل استقراراً على المدى المتوسط.
كما أشار إلى ضرورة إعادة النظر فى الشرائح التصاعدية لضريبة دخل الأشخاص لتعزيز العدالة دون الإضرار بالطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل، وتحسين إدارة الأصول العامة، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية، وتنظيم استغلال الموارد العامة لتعزيز الإيرادات غير الضريبية بشكل مستدام.
وشدد التقرير على أهمية تحسين جودة البيانات المالية، واعتبر أن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من منطق رفع المعدلات إلى كفاءة التحصيل، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتحقيق توازن أفضل بين مصادر الإيرادات، وتعظيم الاستفادة من الأصول العامة، بما يسهم فى بناء عقد اجتماعى أكثر عدالة وشفافية وكفاءة، فى ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.








