تتزايد حصة إصدارات الصين من الديون السيادية طويلة الأجل لتوفير التمويل، غير أن زيادة المعروض تهدد بدفع العائدات إلى الارتفاع، والضغط على الطلب المتراجع في الأساس.
ارتفعت حصة السندات الصينية التي تتجاوز آجال استحقاقها 10 سنوات إلى نحو 31% من إجمالي الديون القائمة للحكومة المركزية والحكومات المحلية، وهو أعلى مستوى منذ عقد، مقارنةً بأدنى مستوى بلغ 11.6% في عام 2018، وفق بيانات جمعتها “بلومبرج”.
في الوقت نفسه، يتعرض الطلب على الديون طويلة الأجل لضغوط من مجموعة عوامل، من بينها مكاسب الأسهم، وجهود مكافحة الانكماش، وتحسّن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وارتفع عائد السندات الصينية لأجل 30 عاماً بمقدار 10 نقاط أساس الشهر الجاري إلى 2.28%، ليقترب من أعلى مستوى له في عام.
تحديات الطلب على السندات الصينية
قال شينغ تشاو بنغ، كبير محللي شؤون الصين لدى “أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ جروب” (Australia & New Zealand Banking Group) في شنغهاي: “يُرجح أن يتفاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب ويمتد إلى 2026″، وأضاف أن “الطلب على السندات طويلة الأجل يتراجع، ويُحتمل أن ترتفع مخاطر العرض”.
ويتوقع محللون أن يظل حجم طروحات السندات كبيراً، مع ترجيحات أن تعلن بكين أهدافاً جديدة خلال الربع الأول. وفي المقابل، لجأت دول كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة واليابان، التي تواجه ضغوطاً مشابهة لجمع التمويل اللازم لزيادة الإنفاق، إلى بيع مزيد من السندات قصيرة الأجل للحد من استياء المستثمرين.
ويواجه الطلب على ديون الصين طويلة الأجل تحديات مع إبداء بعض البنوك الصينية، التي تُعد من أكبر مشترين هذه السندات، حذراً إزاء مستوى تعرضها للمخاطر.
وأشار وانغ ييفنغ، المحلل لدى “إيفربرايت سكيوريتيز”، ومقرها في شنغهاي، إلى أن “مخاطر أسعار الفائدة ارتفعت لدى بعض المقرضين، ما يحدّ من قدرتهم على استيعاب السندات فائقة طول الأجل”. مضيفاً أن التركيز على السندات الأطول أجلاً أدى إلى زيادة مدة الاستثمارات لدى البنوك.
الصين قد تلجأ إلى السندات قصيرة الأجل
يتصاعد الضغط على التسعير أيضاً في مزادات الديون، مع مطالبة المقرضين بعلاوات أعلى مقارنةً بالديون السيادية مماثلة الأجل. واتسع الفارق بين متوسط فائدة الكوبون في مزادات ديون الحكومات المحلية لأجل 30 عاماً ونظيراتها من السندات السيادية المماثلة خلال العام الجاري، إذ تجاوز الفارق 20 نقطة أساس في ثمانية من الاثني عشر شهراً الماضية. أما في 2024، فلم يُسجل هذا التباين سوى في ديسمبر.
كما تواجه السلطات الصينية تحدّياً يتمثل في مواصلة التوسع المالي، فيما تعمل على التكيّف مع سوق باتت أقل استعداداً لاستيعاب مخاطر السندات طويلة الأجل. ومن بين الدول المتقدمة، مالت المملكة المتحدة واليابان إلى الاقتراض قصير الأجل في ظل تزايد المخاوف المالية.
إذا استمر التراجع في الطلب على السندات الصينية طويلة الأجل، قد يضطر المسؤولون إلى التحول بشكل مشابه إلى الديون الأقصر أجلاً، بحسب ليف بين، كبير محللي الدخل الثابت لدى “تشونغتاي سكيورتيز”.
ولفت بين إلى أن “السلطات قد تضطر في الفترة المقبلة إلى إتاحة قدر أكبر من المرونة إزاء بعض القيود المفروضة على إدارة المخاطر لدى البنوك”، مضيفاً أن “آجال استحقاق الإصدارات في سوق السندات قد تُعدَّل وفقاً لأوضاع السوق، بما يغيّر حصة إصدارات السندات الجديدة فائقة الطول”.








