يعود نشاط الدمج والاستحواذ إلى الواجهة كأحد المسارات الاستثمارية المطروحة، مع اقتراب السوق المصرية من الدخول في مرحلة توسعات رأسمالية جديدة .. لكن هذة العودة ليست في صورة موجة صفقات واسعة أو اندفاع استثماري سريع، وإنما كأداة انتقائية لإعادة التموضع وإعادة هيكلة المحافظ داخل البورصة المصرية.
ويرى تقرير الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن التحولات المرتقبة في هيكل الاستثمار، بالتوازي مع دورة CAPEX Super Cycle، تخلق بيئة مواتية لتحركات استثمارية مدروسة تشمل الاستحواذات وإعادة ترتيب الملكيات، في إطار أوسع لإعادة تشكيل خريطة السوق.
وأشار التقرير السنوى الصادر عن البحوث، إلى أن الاهتمام المتجدد بالدمج والاستحواذ لا يأتي بمعزل عن السياق العام الذي تمر به السوق، بل يعكس تغيرًا تدريجيًا في أولويات المستثمرين، وانتقالًا من مرحلة اتسمت بالحذر والتركيز على الحفاظ على السيولة، إلى مرحلة أكثر انفتاحًا على إعادة البناء والتوسع.
وفي هذا السياق، تصبح الاستحواذات وسيلة لإعادة توظيف رأس المال بشكل أكثر كفاءة، بدلًا من كونها مجرد استجابة لفرص قصيرة الأجل.
وربطت “الأهلي فاروس” هذا التوجه بما يسميه Portfolio M&A، إذ تُستخدم الصفقات كأداة لإعادة توزيع الأصول داخل المحافظ الاستثمارية، بما يتماشى مع القطاعات والشركات الأكثر قدرة على الاستفادة من التحولات الاقتصادية والهيكلية المتوقعة خلال السنوات المقبلة.
وأشارت إلى أن هذا النوع من التحركات الاستثمارية يكون عادة أكثر انتقائية، ويركز على تحسين الكفاءة التشغيلية وتعظيم الاستفادة من الأصول القائمة، بدلًا من التوسع الأفقي غير المدروس.
ويعكس ذلك تغيرًا في فلسفة الاستثمار، حيث يُنظر إلى الصفقات من زاوية خلق القيمة على المدى المتوسط والطويل، وليس فقط من زاوية النمو السريع.
وأكدت “الأهلي فاروس” ضمنيًا أن هذا التوجه يقلل من احتمالات حدوث موجات استحواذ واسعة أو اندماجات كبرى، لصالح صفقات محدودة تستهدف قطاعات أو شركات بعينها، وفقًا لقدرتها على الاستفادة من دورة التوسع الرأسمالي المقبلة. ويضع التقرير هذه الرؤية في سياق إعادة بناء الثقة في السوق، وعودة التركيز على الأساسيات المالية والتشغيلية.
في قلب هذا المشهد، يبرز مفهوم CAPEX Super Cycle كأحد المحركات الرئيسية لتغير سلوك المستثمرين والشركات خلال المرحلة المقبلة.
وترى “الأهلي فاروس” أن دخول السوق المصرية هذه الدورة يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة القرارات الاستثمارية، حيث يتراجع التركيز على إدارة الأزمات والتقلبات، لصالح التوسع وبناء القدرات.
وأشار التقرير إلى أن التوسعات الرأسمالية لا تعني فقط زيادة في حجم الاستثمارات، لكنها تعكس أيضًا تحسنًا في الرؤية المستقبلية، وعودة الثقة في قدرة الاقتصاد على توليد فرص نمو مستدامة. وفي هذا السياق، تصبح عمليات الاستحواذ وإعادة الهيكلة جزءًا من المشهد الطبيعي المصاحب لدورات التوسع، خاصة في الأسواق التي تسعى إلى إعادة ترتيب بنيتها الإنتاجية.
وترى “الأهلي فاروس” أن هذه الدورة سيكون لها تأثير مباشر على تقييمات الشركات، وعلى كيفية توظيف رؤوس الأموال داخل السوق، وهو ما يخلق بيئة أكثر ملاءمة لتحركات استثمارية مدروسة، تشمل الدمج والاستحواذ كأحد الخيارات المطروحة.
ووضع التقرير مسألة إعادة الهيكلة في صميم التحليل الاستثماري خلال المرحلة المقبلة، سواء على مستوى الشركات أو المحافظ الاستثمارية. فمع وضوح الفروق بين الكيانات من حيث الجاهزية للاستفادة من دورة التوسع الرأسمالي، تبرز الحاجة إلى إعادة ترتيب الأصول والاستثمارات، بما يتماشى مع الأولويات الجديدة.
وتشير “الأهلي فاروس”، إلى أن هذه المرحلة قد تشهد حالات من الدمج داخل بعض القطاعات، خاصة تلك التي تتطلب كيانات أكثر قدرة على التمويل وإدارة التوسع، موضحة أن هذه التحركات ستكون تدريجية وانتقائية، وتعكس نضجًا متزايدًا في سلوك السوق.
وربط التقرير بين إعادة الهيكلة وتغير طبيعة المحافظ الاستثمارية، حيث يسعى المستثمرون إلى إعادة توزيع استثماراتهم بما يحقق توازنًا أفضل بين العائد والمخاطر، ويعزز من قدرتهم على الاستفادة من دورة CAPEX المقبلة.
وتوقعت “الأهلي فاروس” أن بعض القطاعات تمتلك مقومات تجعلها محورًا للتحركات الاستثمارية خلال المرحلة المقبلة، سواء عبر إعادة الهيكلة أو إعادة توزيع الاستثمارات. ويأتي ذلك في إطار تحليله لتأثير دورة التوسع الرأسمالي على القطاعات المختلفة.
ويشير التقرير إلى أن الخدمات المالية غير المصرفية تمثل نموذجًا لقطاع يشهد تطورًا هيكليًا، ما قد يدفع بعض الكيانات إلى البحث عن فرص استحواذ انتقائية لتعزيز قدراتها أو تنويع أنشطتها. وفي الوقت نفسه، يلفت التقرير إلى أن القطاعات المرتبطة بالدورة الاقتصادية قد تشهد تحركات مشابهة، في ظل سعي الشركات إلى تعزيز قدرتها على الاستفادة من النمو المتوقع.
وترى “الأهلي فاروس” أن هذه التحركات لن تكون عامة أو شاملة، بل ستظل مرتبطة بالأساسيات المالية وقدرة الشركات على خلق قيمة مضافة حقيقية، بعيدًا عن منطق الاندفاع أو الاستحواذ لمجرد التوسع.
وخلص تقرير “الأهلي فاروس” إلى أن السوق المصرية تدخل مرحلة تعيد فيها ترتيب أولوياتها الاستثمارية، مع انتقالها من التركيز على إدارة المخاطر والتقلبات، إلى مرحلة أكثر ارتباطًا بإعادة البناء والتوسع المدروس. وفي هذا الإطار، يظهر الدمج والاستحواذ كأداة ضمن حزمة أوسع من الأدوات الاستثمارية، وليس كمحرك منفرد للسوق.
وترى بحوث “الأهلى فاروس” أن السوق أكثر نضجًا، حيث تُتخذ القرارات الاستثمارية على أساس القدرة على خلق قيمة مستدامة وتعظيم العائد على رأس المال.
ووفقًا لتقرير الأهلي فاروس، فإن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة تشكيل تدريجية لخريطة الاستثمار في البورصة المصرية، تقودها التوسعات الرأسمالية، وإعادة الهيكلة، والتحركات الانتقائية داخل القطاعات المختلفة.







