توصل صندوق النقد الدولي مع الحكومة المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة، ما يمهد الطريق للحصول على تمويلات بقيمة 2.7 مليار دولار.
وقال الصندوق في بيان، اليوم الثلاثاء، إن الاتفاق يمهد لإعداد تقرير يُعرض على المجلس التنفيذي لصندوق النقد لاتخاذ القرار النهائي بشأن إتمام المراجعات وصرف الشريحة التمويلية المرتبطة بها، بعد الحصول على موافقة الإدارة.
وزار فريق بعثة من صندوق النقد الدولي بقيادة فلادكوفا هولار، القاهرة فى الفترة من 1 إلى 11 ديسمبر الجارى، وتم إجراء مناقشات افتراضية مع الحكومة المصرية حول حزمة من السياسات الاقتصادية والمالية التي يمكن أن تدعم إتمام المراجعتين في إطار برنامج “تسهيل الصندوق الممدد”، والمراجعة الأولى في إطار “تسهيل المرونة والاستدامة”.
وفي مارس 2024، توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد لزيادة برنامج الدعم من 3 إلى 8 مليارات دولار، وصرف الصندوق 1.2 مليار دولار في مارس الماضي بعد إتمام المراجعة الرابعة لبرنامج تسهيل الصندوق الممدد، ليرتفع إجمالي ما حصلت عليه القاهرة إلى 3.2 مليار دولار.
وأشار البيان، إلى جهود تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي لمصر والتي أحرزت تقدمًا ملموسًا، حيث سجل الاقتصاد نموًا بنسبة 4.4% خلال السنة المالية 2024-2025، مقارنة بـ2.4% في العام السابق، بدعم من أداء قوي لقطاعات الصناعة غير النفطية، والنقل، والخدمات المالية، والسياحة.
وأضاف أن وتيرة النمو تسارعت خلال الربع الأول من السنة المالية 2025-2026، لتصل إلى 5.3% على أساس سنوي، بالإضافة إلي التحسن الكبير في ميزان المدفوعات، مع تراجع عجز الحساب الجاري، مدعومًا بارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة.
كما لفت إلى تحسن الأوضاع المالية الخارجية خلال 2025، مع ارتفاع استثمارات غير المقيمين في أدوات الدين المحلية إلى نحو 30 مليار دولار، وصعود الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 56.9 مليار دولار.
وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، أكد الصندوق أن البنك المركزي المصري حافظ على موقف نقدي مشدد، مع اتباع نهج حذر في التيسير التدريجي لدعم مسار خفض التضخم، مشيرًا إلى أن التضخم الحضري سجل 12.3% في نوفمبر بعد بلوغه أدنى مستوى له منذ 40 شهرًا في سبتمبر.
ميخائيل: الاتفاق يدعم السيولة الدولارية ويحافظ على استقرار سعر الصرف
وقالت سالي ميخائيل، رئيس قسم الإستراتيجيات بشركة “تايكون” لتداول الأوراق المالية، إن الاتفاق يمثل دعمًا مؤقتًا للسيولة الدولارية، ويسهم في الحفاظ على سعر الصرف عند 50 جنيهًا للدولار خلال العام المقبل.
وأوضحت ميخائيل، أن الاتفاق يمكن أن يمثل دعمًا لتدبير العملة الأجنبية من خلال البنوك للقطاع الخاص، خصوصًا للأنشطة والصناعات التي تعتمد بشكل أكبر على استيراد المواد الخام مثل قطع غيار السيارات.
وتتوقع أن يشهد الاقتصاد خلال العام المقبل نموًا بنسبة 5%، إلى جانب تخفيض سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس ليصل إلى مستوى 18%، وانخفاض معدل التضخم إلى 12.5%.
نافع: مرونة المراجعتين تعكس قبولًا واسعًا داخل الصندوق وسرّعت الاتفاق
وقال مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، إن هاتين المراجعتين تمتا بشكل مرن وسلس، مضيفًا أن التوصل على مستوى الخبراء بدا وكأنه مقبول على نطاق واسع بين خبراء الصندوق.
وأشار إلى أن مسألة تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي كانت أقل وضوحًا، خاصة أن مناقشات المراجعتين الرابعة والخامسة لم تتناول نموذج الملكية للدولة بشكل مفصل، ربما بسبب حجم السيولة المتاح في الأسواق وخشية أن يكون التخارج متسرعًا أو يسبب أضرارًا إذا لم يتم بشكل مناسب.
وأضاف أن التوصل السريع على مستوى الخبراء يشير إلى سهولة إقراره من قبل المجلس التنفيذي لصندوق النقد وصرف مستحقات إجمالية تصل إلى 2.7 مليار دولار.
وفي هذا السياق، أوضح أحمد عبدالنبي، رئيس قسم البحوث بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، أن المراجعتين الخامسة والسادسة لم ترتبطا كثيرًا بمؤشرات الاقتصاد الكلي، وكان تأخُّرهما مرتبطًا بالخصخصة.
وأكد عبدالنبي أن الأهمية لا تكمن في التمويلات بقيمة 2.7 مليار دولار بحد ذاتها، بل في استمرار الدولة في تنفيذ برنامج الصندوق، بما يجعلها مؤهلة ضمن سوق الاقتصاد الدولي المستدام، ويضمن استمرار الاقتصاد على مسار جيد، مع ضرورة الحرص على استكمال المراجعات القادمة لضمان استقرار الاقتصاد وتعزيز الثقة الدولية.






