تخطط شركة «SOKNA» المتخصصة فى تنظيم الجنائز وخدماتها، لتكثيف استثماراتها في قطاعي التكنولوجيا وتطوير المقابر خلال عامي 2026 و2027.
وتأتي خطط «سُكنة»، وفق مؤسسها ورئيسها التنفيذي المهندس أحمد جاب الله، بالتوازي مع نقاشات موسعة مع جهات الدولة لإشراك القطاع الخاص في بناء وتأهيل المدافن، استنادًا إلى دراسات مقارنة لتجارب وتشريعات الجنائز عالميًا، بهدف تحديث القانون المصري المنظم للقطاع، والذي يعود إلى عام 1966.
قال جاب الله ، في حوار لـ”البورصة”، إن رحلته المهنية بدأت بدراسة علوم الحاسوب وإدارة الأعمال في مصر، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة وعمل في وادي السيليكون، إذ شغل مناصب قيادية في شركات عالمية كبرى منها “جوجل” عام 2005، ثم “أدوبي”، وصولًا إلى “فيسبوك”، وتولى مسؤولية التوسع العالمي في أسواق الهند واليابان.
أضاف أن قرار عودته إلى مصر عام 2019 وترك منصبه في “فيسبوك” لم يكن سهلًا، لكنه جاء مدفوعًا بتجربة شخصية مؤلمة عاشها عام 2005 خلال جنازة والد أحد أصدقائه في مصر، والتي وصفها بـ«الصادمة» بسبب غياب التنظيم وصعوبة الإجراءات، مقارنة بتجربة جنازة أخرى شهدها في الولايات المتحدة اتسمت بالاحترام والتنظيم.
أوضح جاب الله أن دخول «سُكنة» إلى هذا المجال جاء في توقيت كانت فيه أسعار خدمات الجنائز تقديرية وغير واضحة، ما فتح الباب أمام الاستغلال والعشوائية، مضيفا أن الشركة قامت بإعداد دراسة تفصيلية للتكاليف التي تتحملها الأسر في الظروف التقليدية، ونجحت في بناء نموذج واضح ومعلن للأسعار، دون «إكراميات» أو رسوم خفية، وهو ما انعكس على مستوى رضا العملاء.
وتبرز «سُكنة» كنموذج مختلف يسعى لإعادة تعريف هذا القطاع الحساس، من خلال إدخاله تحت مظلة الاقتصاد الرسمي، ورفع مستوى الشفافية، وتقديم خدمات إنسانية منظمة تليق بكرامة الإنسان.
وتابع:” الطرح في البورصة ضمن الخطط الاستراتيجية المستقبلية للشركة .”
أحد أبرز محاور خطة «سُكنة» خلال المرحلة المقبلة، يتمثل في التعاون مع الدولة لإطلاق مشروع وطني شامل لتطوير وإعادة تأهيل المقابر على مستوى الجمهورية.
ووفق جاب الله، تستند هذه الشراكة إلى قناعة بأن الدولة لا يجب أن تتحمل وحدها عبء هذا الملف، خاصة في ظل التحديات السكانية والعمرانية، وأن إشراك القطاع الخاص يمكن أن يحقق كفاءة أعلى، ويخفف الضغط عن الموازنة العامة.
وأشار إلى أن الشركة تسعى لتوفير مقابر مناسبة وميسّرة للطبقات غير القادرة، مع إعطاء أولوية واضحة لإعادة تأهيل المقابر القائمة بدلًا من الاعتماد الكامل على إنشاء مدافن جديدة.
وتابع: ” هذا التوجه يراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، إلى جانب الحفاظ على الطابع التاريخي والتراثي للمقابر القديمة”.
وبحسب المؤسس والرئيس التنفيذي، من المقرر أن ينطلق مشروع تطوير المقابر بالتعاون مع الحكومة المصرية العام المقبل 2026، ويرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، الأول يتمثل في بناء مقابر جديدة وفق معايير حديثة وتخطيط عمراني منظم، يراعي الاستدامة وسهولة الإدارة.
أما المحور الثاني فيركز على إعادة تأهيل المقابر القائمة ورفع كفاءتها الفنية والخدمية.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث، فيتثمل في نقل المقابر غير الصالحة، التي تعاني من مشكلات بيئية أو فنية جسيمة، إلى مواقع جديدة مجهزة بشكل كامل.
ويؤكد جاب الله أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية من الأساليب التقليدية إلى نموذج حديث ومنظم، يوازن بين احترام القيم الدينية والثقافية، ومتطلبات التنظيم الحضري الحديث.
وضمن استعدادها لهذا المشروع، قامت «سُكنة» بدراسة ملف الجنائز والمقابر على مدار 6 سنوات، مع مراجعة أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
واستعرض حجم الإنفاق العالمي على قطاع الجنائز، إذ تتصدر الولايات المتحدة القائمة بإنفاق سنوي يقدّر بنحو 90 مليار دولار، تليها الصين بحوالي 25 مليار دولار، ثم اليابان 16.7 مليار دولار، ما يعكس حجم القطاع وأهميته الاقتصادية، إلى جانب أبعاده الإنسانية والاجتماعية.
أوضح جاب الله، أن التكنولوجيا تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية «سُكنة» خلال السنوات المقبلة، مؤكدا أن الشركة تخطط لأن يكون عامي 2026 و2027 مرحلة تركيز مكثف على الحلول التكنولوجية، سواء في إدارة العمليات، أو تحسين تجربة العملاء، أو تطوير منظومة المقابر، بما يضمن تقديم خدمات أكثر كفاءة واستدامة.
وعلى عكس العديد من الشركات الناشئة التي تسعى إلى التوسع السريع، اعتمدت «سُكنة» منذ البداية على نموذج نمو تدريجي.
ويوضح جاب الله، أن طبيعة قطاع الجنائز تفرض بناء الثقة والسمعة قبل أي توسع، نظرًا لحساسيته الشديدة وارتباطه بمشاعر إنسانية خاصة، مشيرا إلى أن الشركة بدأت عام 2019 بالتعامل مع 19 حالة وفاة فقط، وكان التركيز حينها على دراسة المشكلات ميدانيًا وفهم تفاصيل القطاع.
ومع ظهور جائحة «كوفيد-19»، أوقفت الشركة نشاطها مؤقتًا لمدة شهر، بهدف وضع بروتوكولات آمنة قبل استئناف العمل والتوسع في التعاقد مع المستشفيات.
وخلال الفترة من 2019 وحتى 2025، نجحت الشركة في تغطية احتياجات ما يقرب من مليون شخص داخل مصر وخارجها.
وتمكنت الشركة من الوصول إلى جميع محافظات الجمهورية، مع بناء شبكة علاقات واسعة مع مقدمي الخدمات المختلفة.
وعلى الصعيد الدولي، نفذت الشركة عمليات شحن جنائزية معقدة من مصر إلى أوروبا والولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، شملت جميع الإجراءات القانونية واللوجستية، وحجوزات السفر، ما جعلها لاعبًا رئيسيًا في مجال الخدمات الجنائزية العابرة للحدود.
وتابع جاب الله قائلاً: “أحد أبرز إنجازات الشركة يتمثل في إدخال قطاع الجنائز بالكامل تحت مظلة الاقتصاد الرسمي، فقد أتاحت الشركة منظومة دفع إلكترونية متكاملة تشمل ماكينات نقاط البيع (POS)، والبطاقات الائتمانية، وخدمات التقسيط عبر منصات مثل ValU، بما يضمن سهولة السداد ووضوح المعاملات المالية.”
ويؤكد جاب الله، أن هذا النهج الصارم في الشفافية المالية أسهم في تحقيق معدل رضا عملاء بلغ 99.5%، كما ضمن حقوق العاملين في القطاع من خلال التأمينات الاجتماعية وسداد الضرائب، وهو ما لم يكن متحققًا في السابق.
وعلى مستوى الأداء المالي، شهدت مؤشرات عام 2024 /2025 طفرة غير مسبوقة. فقد ارتفع حجم الأعمال الإجمالي للشركة بنسبة 31%، وقفز قطاع الشركات بنسبة 330%، فيما نما قطاع خدمات الأفراد بنسبة 84%.
كما سجل قطاع المنتجات المصاحبة، مثل المصاحف وكتب الأدعية والسبح، نموًا بنسبة 34% مقارنة بالعام السابق.
وتعكس هذه الأرقام نجاح نموذج العمل القائم على الجودة والشفافية، وليس الكم أو الانتشار العشوائي.
ويكشف جاب الله، أن 63% من عملاء «سُكنة» يأتون عبر المعرفة المباشرة والتوصيات الشخصية ، وليس من خلال الإعلانات التقليدية، وهو ما يعكس ثقة العملاء في الخدمة المقدمة.
أضاف أن الشركة تؤمن بفلسفة «الكيف لا الكم»، خاصة في قطاع يتسم بالخصوصية والحساسية الشديدة.
وتمتلك «سُكنة» تعاقدات مع 35 مستشفى داخل مصر، إلى جانب شراكات استراتيجية طويلة الأمد مع كيانات كبرى، من بينها شركة الشرقية للدخان، بالإضافة إلى التعاون مع سفارات ومؤسسات تعمل في قطاعات متعددة، ما يعزز من مكانة الشركة كمزود خدمات موثوق على المستويين المحلي والدولي.








