تحرير الصرف في أغلب العالم الناشئ يضيق الانخفاض أمام الدولار
أصبحت عملات الأسواق الناشئة والأسواق الحدودية أقل عرضة للمخاطر، مقارنة بما كانت عليه في الأيام المظلمة خلال الثمانينيات والتسعينيات، وهو ما يدل على التقدم الهادئ الذي حققته العديد من الدول لإصلاح أنظمتها الاقتصادية.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن مجموعة متنوعة من عملات الأسواق الناشئة بما في ذلك الدول المعرضة للأزمات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، جلبت عوائد حقيقية بالدولار الأمريكي، رغم الانهيارات في بعض الأحيان.
قال الرئيس التنفيذي لدى شركة “ريكورد كارانسى” ، جيمس وود كولينز، التي تدير 60 مليار دولار من الأصول معظمها في استراتيجيات التحوّط من العملات إن عمليات سحب الأموال من العملات الأجنبية، أصبحت أقل حدة بشكل عام مقارنة بما كانت عليه في السابق، مضيفًا أن انتشار المخاطر بين عملات الأسواق الناشئة انخفض بشكل ملحوظ.
أوضح تحليل قاعدة بيانات صندوق “تى سى إكس” الهولندى الذى يضم 121 عملة ناشئة وحدودية، تحسنا هيكليا ملموسا بين عملات الأسواق الناشئة.
وفي الفترة بين عامي 1987 و1994 ، انخفض متوسط ما نسبته 23.5% من عملات بعض الدول منها روسيا والهند والبرازيل وبوركينافاسو والسلفادور بنسبة 20% أو أكثر مقابل الدولار بالقيمة الاسمية لكل منها.
ولكن تراجع هذا الانخفاض إلى 13.9% لهذه العملات فى الفترة بين 1995 و2002 وهبط إلى 4.1% فقط في الفترة من 2003 إلى 2017.
وتراجعت أيضا نسبة العملات التي سجلت الانهيار بنحو 50% أو أكثر مقابل الدولار من 9.5% سنويا بين عامي 1987 و1994 إلى 3.3% في فترة السنوات الثماني اللاحقة و0.6% فقط منذ عام 2003.
يأتى ذلك رغم العديد من الانهيارات الكبيرة التى لا تزال تحدث.. فعلى سبيل المثال، تراجع الجنيه المصري بنسبة 57% مقابل الدولار في عام 2016 وانخفضت العملات المحلية لدولة نيكاراغوا أكبر دول أمريكا الوسطى في عام 1998 ، ومولدوفا الواقعة فى شرق أوروبا عام 1992 وجمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1994 وميانمار في عام 2012 . بنسبة 99% أمام الدولار.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه حتى منتصف التسعينيات كانت نسبة 90% من العملات عادة ما تفقد نحو 50% من قيمتها كل عام بالقيمة الاسمية.. ومنذ ذلك الحين انخفضت الخسارة إلى حوالي 15% .
وقالت بيترا فيسر، المديرة لدى بنك التنمية الهولندى “إف إم أو”، إن أحد أسباب تقلص قيم الانخفاض أمام الدولار هو التحول من سياسة تثبيت العملات إلى الأسعار العائمة في معظم أنحاء العالم النامي.
وهذا يعني أن العملات أكثر عرضة للتراجع مقابل الدولار في أي عام ؛ لكن الانخفاض الكبير في قيمة العملة الذي يحدث عند التخلى عن ربط العملات بالدولار أصبح أقل شيوعًا، رغم أن هذا التأثير كان السبب في التراجع بنسبة 50% في عملتي أذربيجان وكازاخستان العام الماضي.
أوضح كولينز، أن هناك عوامل أخرى في اللعب أولها البيئة التجارية الأكثر عولمة التى تدخل انحرافات كبيرة طويلة الأجل فى قيم العملات .
وثانيا .. يعتقد كولينز، أن اتجاه بلدان الأسواق الناشئة إلى الاقتراض بعملتها الخاصة وليس بالدولار، يوفر بعض العزل عن دورات الانخفاض مما يجعل دورات عملات الأسواق الناشئة أقل تقلباً.
وثالثاً.. نجحت سياسة التضخم المستهدف في دول العالم الناشئ في السنوات العشرين الماضية على نطاق واسع في تخفيض أسعار المستهلكين وقد أدى هذا بدوره إلى حدوث تحركات مقبولة فى أسعار الصرف.
وقالت بيترا فيسر، إن الخلفية السياسية والاقتصادية في الأسواق الناشئة ستجعل التقلبات حتمية.
وبشكل عام أوضح كولينز، أن التراجع الفوري لا يكفي لتعويض فارق سعر الفائدة ولذا فإن إجمالي العائد يميل إلى أن يكون إيجابيًا.
وقال عثمان بوكيرمي، رئيس قسم التداول في بنك التنمية الهولندى “إف إم أو” “كانت هناك قضايا كبيرة دفعت انخفاض عملات الأسواق الناشئة فى الماضى ولكنها حققت مكاسب قوية حتى أزمة البترول 2014-2015 عندما فقدت قدراً كبيراً من قيمتها الحقيقية.
أضاف أن عملات الدول المصدرة للبترول ومنها نيجيريا وأذربيجان وكازاخستان، عانت الكثير حتى تعافت الاسعار مجددًا في 2016-2017 ولكن شاهدنا خسائر في العام الماضي مع ارتفاع الدولار الأمريكى.
وقال كولينز، إن انتشار المخاطر يكمن فى تمويل العجز في الحساب الجاري؛ لذلك هناك حاجة لجذب المستثمرين الأجانب من أجل الاحتفاظ بالأصول في هذه العملات لتمويل العجز.