التعافي من الأزمة القادمة سيكون بطيئا مثل انتعاش ما بعد 2008
على مدار 40 عاما تقريبا، عاش العالم في عصر من معدلات الفائدة المنخفضة والأموال السهلة، وسُمح للحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم بتراكم الديون، فيمكن للديون العالمية أن تصل بكل سهولة إلى مستوى الـ 500 تريليون دولار في بضع سنوات، ومع ذلك فإن الجميع يتصرف وكأن هذا الأمر طبيعيا وبإمكانه الاستمرار.
وربما تتسبب ديون الشركات في حدوث الركود الاقتصادي المقبل، تماما مثلما فعلت ديون الرهن العقاري التي آثارت الركود الماضي، وبالتالي يمكن أن يتسبب هذا الأمر في أزمة سيولة وخلق فوضى في جميع أنواع الأسواق غير المترابطة.
وأوضحت مجلة “فوربس” الأمريكية أن المستثمرين سوف يتعلمون مرة أخرى أن كافة فئات الأصول على الصعيد العالمي ترتبط بالأزمة، وبالتالي سيكون هناك عدد قليل من الأصول التي يمكن اللجوء لها.
وكما هو الحال دائما، سينتهي الركود وسيبدأ عصر الازدهار الاقتصادي، فهذا هو ما يحدث دائما بعد الركود، ولكن الأمر سيكون مختلفا هذه المرة، فالتعافي من الركود العظيم كان الأبطأ على الإطلاق، لذا فإن الانتعاش القادم سيكون بطئ أيضا.
وذكرت “فوربس” أن الدين هو الاستهلاك المستقبلي المُرحل، فالعالم الآن يستمتع بالاستهلاك والنمو الذي لن يحدث في المستقبل، ولكن الديون تعد عائقا أمام النمو في المستقبل، كما أن مقدار الدين الذي سيعاني منه العالم الآن سيكون عائقا وحشيا أمام النمو المستقبلي.
بالإضافة إلى ذلك، دائما ما يتسبب الركود الاقتصادي في إحداث معدلات بطالة أعلى، بجانب فقدان الوظائف المعتمدة على التكنولوجيا، مما سوف يؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية الحالية.
ومن عادة البشر أنهم دائما ما يريدون كبش فداء لأي مصاعب يواجهونها، وبالتالي سوف يلقي الكثير من الأفراد باللوم على الأسواق والنظام الرأسمالي، عندما لا يكون هناك أسواق حرة أو رأسمالية حقيقية.
وأضافت “فوربس” أن صافرات إنذار اليسار الشعبوي ستبدأ في الانطلاق في كل مكان، فهم سيعدون بضمان الحصول على دخل أساسي ومجانية التعليم الجامعي ومجانية كل شئ تقريبا وغيرها من الوعود.
وفي الوقت نفسه، سوف يسمع العالم عن الجنون الاقتصادي المعروف باسم النظرية النقدية المعاصرة في الفترة المقبلة إذا لم يكن قد سمع به من قبل، فهذه النظرية تقول أننا لسنا بحاجة إلى القلق بشأن الديون الحكومية، ولكن يجب علينا نقدها بكل بساطة، فيمكننا إنشاء وإنفاق كل ما نحتاجه من أجل المصلحة العامة.
ومن المتوقع وصول ديون الحكومة الأمريكية إلى مستوى 30 تريليون دولار بسهولة في غضون 3 أعوام بعد الركود الاقتصادي المقبل، وبمجرد البدء في التجربة الاقتصادية المقبلة سيحدث ركود آخر في وقت قريب، وستكون الأسواق أكثر من قلقة، ومن ثم سوف ترتفع الديون إلى 40 تريليون دولار.
وستنقلب المعاشات التقاعدية والعجز الحكومي رأسا على عقب، كما أن التيسير الكمي سيكون على نطاق أوسع يجعل سنوات الخبير الاقتصادي بن برنانكي، الذي أدار الأزمة الاقتصادية في عام 2000 وأشرف على عمليات الإنقاذ والاندماج القسري لعدد من المؤسسات المالية الأمريكية، تبدو مثل نزهة مدرسية، فلن يكون هناك أي خيار ببساطة، ولن يصل العالم الآن إلى نهايته.
وستكتشف الأسواق ومعظم الشركات كيفية النجاه والبقاء على قيد الحياه، وستستمر الشركات الجديدة في تدشين أعمالها، بالإضافة إلى أن التكنولوجيات الجديدة ستزدهر، وستستمر الحاجة إلى الغذاء والمأوى والنقل والاتصالات وكافة الأشياء التي يتم التفكير بها بشكل طبيعي اليوم.
وسوف يحدث ذلك في الوقت الذي تتسبب فيه التكنولوجيا في خفض الوظائف بشكل أسرع مما تخلقها، فقد كان كل شيء جيدا عندما انتقلت نسبة القوى العاملة في المزارع من 80% إلى ما نسبته 1% في الوقت الراهن، ولكن هذا حدث على مدى عدة أجيال وقرون من الزمن.
ومن المتوقع رؤية مثل هذا النوع من الاضطرابات في العديد من الصناعات على مدى نصف جيل، ولكن هل يمكن إلقاء اللوم على العمال المحبطين أم الأفراد ممن يتمنون حماية وظائفهم أو الأفراد الراغبين في إتخاذ الحكومة أي إجراء ؟
بالإضافة إلى ذلك، من المعتقد أن السياسة سوف تكون أكثر أهمية في اﻷسواق في العقد المقبل بشكل أكثر من أي وقت مضى، كما أن العقد المقبل سيأتي معه الكثير من التقلبات السوقية، فالشراء والاستثمار سيكونان من اﻷمور الخطيرة، وستكون الإدارة الفعالة هي الحل اﻷنسب.