قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن العلامات التجارية هي أصول غير ملموسة ولكن هذا لا يجعلها محصنة ضد النزاعات التجارية التي تنطوي على سلع مادية.
أوضح ايلسبس تشانغ، المدير العالمي لقاعدة بيانات شركة “براندز”، أن العلامات التجارية بحاجة إلى جعل نفسها لا غنى عنها وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالمنتج، بل بما يحتاجه المستهلكون في حياتهم اليومية.
ومع ارتفاع الأسعار لتعويض زيادة التعريفات البالغ قيمتها 200 مليار دولار فرضتها الولايات المتحدة على البضائع الصينية و 60 مليار دولار من جانب بكين في مايو الماضي، ستحتاج العلامات التجارية لتبرير هذه الأموال الإضافية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن شركات السيارات الأمريكية في الصين بدأت تشعر بالضغط، إذ انخفضت المبيعات في بكين لأول مرة منذ عام 1990 . ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم اليقين بشأن الحرب التجارية مما دفع المستهلكين إلى كبح المشتريات.
وانخفضت السيارات من كونها ثالث أكبر سلعة يتم تصديرها إلى الصين من الولايات المتحدة بأكثر من 10 مليارات دولار في عام 2017 إلى المركز الرابع عند 6.65 مليار دولار العام الماضى.
وشهدت شركة “فورد” انخفاضًا في المبيعات داخل الصين. ومنذ ذلك الحين تراجعت عن قائمة أفضل 100 علامة تجارية عالمية ذات قيمة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشهد فيه أيضًا ماركات السيارات الفاخرة ومنها “مرسيدس بنز”، التي تعد الصين أكبر سوق لها بنسبة 28% من إجمالي مبيعات الوحدات، تباطؤًا في النمو.
قال سكوت ميلر، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن:”كان هناك كثير من التعريفات على قطع غيار السيارات ومكوناتها.. لكن لا يمكن لأحد العثور عليها في أي مكان ولذلك لن نقلل من أهمية الصين وقوتها الاقتصادية.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز”، أن شركات صناعة السيارات ليست المتضرر الوحيد من المنافسة فى الصين ، إذ حاولت الشركات الأمريكية بما في ذلك “أوبر” و “أمازون” ، دخول السوق العام الماضي، وفشلت، لأنها غير قادرة على التنافس مع نظيراتها الصينية.
انخفضت حصة “أمازون” في السوق الصينى إلى 1% العام الحالي، وانسحبت منذ ذلك الحين من البلاد.
وذكرت الصحيفة البريطانية، انه إذا قامت الحكومة الصينية بتشجيع المستهلكين على مقاطعة الشركات الأمريكية علاوة على التنافس مع المنافسين الصينيين المشهورين، فإن هذا قد يجعل من الصعب للغاية على العلامات التجارية الأمريكية أن ترسخ تواجدها فى البلاد.
وقال ميلر، إن الحكومة الصينية يمكنها على الصعيدين الوطني والمحلي أن تزيد من عمليات التفتيش وتؤخر طلبات معالجة الطلبات إلى جانب تفعيل تدابير أخرى.
ففي السادس من يونيو الماضي، وبعد أن أدرجت الإدارة الأمريكية شركة “هواوى” ضمن القائمة السوداء مشيرةً إليها على أنها تهدد الأمن القومي فرضت الصين غرامة على شركة “تشانشغ فورد” للسيارات بسبب انتهاكات مكافحة الاحتكار.
أشارت الصحيفة إلى أن الردود الانتقامية هو الاحتمال الأكثر إثارة للقلق، إذ إن المستهلكين الصينيين يميلون إلى أن يكونوا وطنيين للغاية.
ورغم أنه يصعب قياس الأضرار قصيرة الأجل التي تلحق بقيمة العلامة التجارية الأمريكية في الصين نتيجة للحرب التجارية ، فمن المؤكد أن القومية الاقتصادية ستحدث تأثيرًا كبيرًا في مبيعات وسمعة العلامات التجارية على المدى الطويل.
ففي عامي 2016 و2017 قاطعت الصين البضائع الكورية الجنوبية فعليًا نتيجة موافقة الدولة على نشر درع صاروخي أمريكي فى بحر الصين الجنوبى.
وحتى الآن، يعد الانتقام الكامل من الصين هو مجرد احتمال ولكن يشعر كريج ألين، رئيس مجلس الأعمال الصيني الصيني، بالقلق رغم محاولة الحكومة الصينية كبح جماح القومية بدلاً من تفاقم معاداة أمريكا الناشئة.
وأعربت العلامات التجارية العالمية عن قلقها ، إذ لن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تصل الرسوم الجمركية المرتفعة إلى الشركات.. وبالتالي المستهلكين في الولايات المتحدة أيضًا.
ومنذ أن قامت إدارة ترامب، بزيادة الرسوم الجمركية على أكثر من 200 مليار دولار من البضائع في 10 مايو الماضي، حذرت المزيد من الشركات من أن ارتفاع الأسعار المعدلة حسب التكلفة المرتفعة سيعيق المستهلكين.
وبعد ذلك بوقت قصير أرسلت كبرى شركات الأحذية الأمريكية خطابًا إلى ترامب، تطلب فيه إزالة الأحذية من قائمة التعريفات التي نشرها الممثل التجاري للولايات المتحدة.
وفقًا للرسالة، فإن إضافة التعريفة المقترحة البالغة 25% قد تثقل كاهل بعض الأسر الأمريكية مع فرض رسوم بنسبة 100% على الأحذية.
وأوضح “الاحتياطي الفيدرالي” في نيويورك، أن زيادة التعريفة قد تكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة أكثر من 800 دولار سنويًا.
وقال ميلر: “في الولايات المتحدة، سيكون الأمر أكثر وضوحًا مع السلع التي تواجه المستهلكين مثل الملابس والأحذية والكهرباء الاستهلاكية”.
وحتى الوقت الحالى، يبدو أن الإجماع العام هو أنه تم احتواء التأثير.. ولكن إذا استمرت الأحداث على نفس المسار، فسيتعين على الشركات أن تتكيف مع ارتفاع التكاليف والأسعار والمواقف المعادية بشكل متزايد على الصعيد الدولي.