فى منطقة عرب أبوساعد، التابعة لمركز الصف جنوب الجيزة، يستقر 400 مصنع للطوب الطفلى، يخيل للناظر عند رؤية ارتفاعات المداخن عن بُعد؛ أن المنطقة تحوى أعتى مصانع الطوب فى مصر، وبمجرد الاقتراب تكتشف أن المداخن بلا دخان.
لم يطرأ على منطقة عرب أبوساعد المتخصصة فى صناعة الطوب الطفلى؛ أي تطور يذكر منذ انشائها فى التسعينات. فالمنطقة لاتزال خالية من البنية التحتية (كهرباء، والمياه، والصرف الصحى).
قال محمد أبوسلام، رئيس شركة أبوسلام لإنتاج الطوب الطفلى، إن نقص السيولة لدى الأهالي خلال العامين الماضيين، أدى إلى توقف أعمال البناء.. الأمر الذى أثر سلبيًا على مبيعات المصانع المنتجة للطوب الطفلى.
وأضاف أنه في ظل التحديات التي تواجه صناعة الطوب حاليًا، إلا أن استمرارية أسعار الغاز، والمغالاة فى الضرائب من قبل الدولة ستتسبب فى إغلاق باقي المصانع بمنطقة عرب أبوساعد لضعف قدرتها على التحمل.
وأشار أبوسلام إلى أن زيادة التكاليف مع استمرار حالة الركود، دفع الشركة إلى خفض طاقتها الإنتاجية منذ بداية العام الحالي إلى نحو 20% ليصل إلى نحو 150 ألف طوبة أسبوعيًا، مقابل 450 ألف طوبة قبل عام 2016.
وتابع :”صناعة الطوب صناعة تكميلية، فهي مرتبطة بمنتجات أخرى منها الحديد، والأسمنت، والرمل، وفى حالة ارتفاع أسعارها فإن المصانع تتأثر سلبيًا لتراجع عملية الشراء”.
أبوسلام: كنا نعتمد على المشروعات القومية.. لكن “المجتمعات العمرانية” منعت التوريد
أكد أبوسلام، أن مصانع عرب أبوساعد كانت تعتمد على المشروعات القومية فى كسر حركة الركود، وتحريك عملية البيع، إلا أن هيئة المجتمعات العمرانية أوقفت توريد مصانع الطوب الطفلى لتفضيلها الطوب الأسمنتى.
وأشار إلى أن استمرارية فرض ضريبة عقارية علي المصانع، يعتبر انتحارا للصناعة، نظرًا للمساحة الكبيرة التي يحتاج إليها والتي تتراوح بين 15 و50 ألف متر مربع، حتى تستوعب فرن الحرق وعمل مناشر للطوب.
وتابع: “المشروع يحتاج إلى تجهيزات كبيرة حتى يبدأ التشغيل والإنتاج، اضافة إلى تكلفة شراء خط الإنتاج الواحد والتي تصل إلى مليون جنيه، وهو عبارة عن كسارة، وطاحونة، وخلاط، ومكبس”.
وصناعة الطوب صعبة، لا تقل أهمية عن صناعة الحديد فهى تعمل بنظام الدورة الكاملة، وتحتاج إلي عمالة مدربة وكثيرة لتجهيز الطفلة، ثم تشكيل القالب ونشره فى الشمس ثم إدخاله إلى الفرن لحرقه.
وقال أحمد الدالي، رئيس شركة الدالي لإنتاج الطوب الطفلي، إنه يمتلك 3 مصانع على مساحة 20 فدانا، إلا أن تخارج فئات كبيرة من السوق بجانب المشكلات القائمة بسبب ارتفاع الأسعار فى الفترة الأخيرة، أدى إلى إغلاق مصنعين له ، تباعًا خلال الـ 3 أعوام الماضية.
وقدر الدالي الخسائر سنويًا بحوالي 250 ألف جنيه، موزعه على الغفرة، وإيجار الأرض، والضريبة العقارية.
أضاف أن المصنع المتبقي يعمل حاليًا بحوالي 50% من طاقته الإنتاجية ، متابعا: “الهدف من استمرار عمل المصنع هو حماية المصنعين المتوقفين لعدم سرقة المعدات كما حدث مع باقي المصانع الأخرى”.
وقدر الدالي استثمارات الشركة فى المصانع بحوالي 30 مليون جنيه ، مشيرا إلى أن المصنع يضم حوالي 100 عامل موزعًين على عدد من مراحل التصنيع.
وتورد الشركة القابضة لإنتاج الغاز “ايجاس”، الغاز لمصانع الطوب بنحو 6 دولارات للمليون وحدة حرارية، فى حين يري الصناع أن السعر العادل لا يتعدى 2 دولار.
الدالي: تخارج فئات كبيرة من السوق دفعتني لإغلاق مصنعين في 3 سنوات
وقال مراد فؤاد صاحب مصنع المنارة، إن أعداد المصانع فى منطقة عرب أبوساعد فى تراجع مستمر ، بسبب المتغيرات الاقتصادية التي طرأت على الساحة خلال الأعوام الماضية.
أضاف أن المصنع يورد حاليًا لعدد من شركات المقاولات بنظام الدفع بالآجل. لكن التأخر فى عملية السداد أدى إلى نقص السيولة لدى الشركات..وبالتالي العمل بحوالي 50% من الطاقة الإنتاجية.
وأوضح أن الشركة تتحمل أعباء كثيرة فى ظل حالة الركود التى تخيم على السوق حاليًا، مضيفًا: الشركة يعمل بها حوالي 100 عامل، متوسط أجر الواحد يتراوح بين 200و250 جنيه يوميًا، بالإضافة إلى دفع نحو 200 ألف جنيه فاتورة غاز ، فضلا عن المصروفات الأخرى”.
وأشار فؤاد إلى أنه حال التأخر في دفع فاتورة الغاز، فإن المحصل يهدد صاحب المصانع بقطع الخدمة، موضحًا أن الفاتورة تحصل كل أسبوعين.
فؤاد: شركة الغاز تهدد بقطع الخدمة حال التأخر عن دفع الفاتورة
وأوضح أن الشركة تمتلك 3 أفران على مساحة 26 ألف متر مربع، تم إيقاف اثنين، تدريجيًا بداية من 2016، والبقاء على فرن واحد حاليًا، لتنخفض الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى 250 ألف طوبة اسبوعيًا مقابل 400 ألف خلال السنوات السابقة.
وأشار فؤاد إلى أن الزيادة فى الأسعار لم تقتصر على الغاز فقط، والمواد البترولية، بل رفعت أسعار الطفلة إلى نحو 50 جنيها للمتر خلال العامين الماضين بعد ان كان 20 جنيها.
وحذر فؤاد من أي زيادات آخرى فى أسعار الغاز ، والطاقة، قائلا “أقل من 50 مصنعا يعمل حاليًا فى عرب أبوساعد من أصل 400 مصنع، وفى حالة وجود زيادات أخرى لن تستطيع المصانع تحملها”.
وقال أحد الصناع بعرب أبوساعد، أن أغلب الصناع تفائلوا بمشروع العاصمة الإدارية منذ بداية تنفيذه عام 2015، نظرًا لانتظار توقيع تعاقدات لتوريد طوب لها.. لكن خابت آمال الشركات، بسبب استخدام الطوب الأسمنتي .
وأشار إلى أن التحول من الطوب الطفلى إلى الأسمنتى يحتاج إلى استثمارات كبيرة تتعدى 4 ملايين جنيه للخط الواحد، فى حين أن المنتج غير مرغوب فيه من قبل الأهالي.
توقف 350 مصنعاً وتراجع الطاقة الإنتاجية وارتفاع المديونيات
كما أن تراكم المديونيات على مصانع المنطقة، لشركة الغاز دفع بعضهم لاستخدام المازوت مرة أخرى بدلا من الغاز.
وأوضح أن سوق الطوب يعانى من ركود شديد ، بسبب تضييق الحكومة على المواطنين فى أعمال البناء، فضلا عن نقص السيولة لدى فئات كبيرة فى المجتمعات وارجائهم أي أعمال عمرانية لحين استقرار الأوضاع.
وقال محمود أحمد، أحد العمال، إن مصانع المنطقة مهددة بالإغلاق لعدم وجود سوق لتصريف المنتج.. وبالمثل فهم مهددون بالتوقف فى أي لحظة.
وتابع: “نعمل 3 أيام فى الأسبوع حاليًا بعدما كنا نعمل الأسبوع كله.. واليومية بتقل مش بتزيد.. دلوقت بقينا بنقبض 100 جنيه بدل 150 و200 جنيه والسوق ماشي”.