ظل قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية لعقود طويلة لا يجد الاهتمام الكافى من الدولة رغم أهميته الكبيرة فى الحياة الإقتصادية والاجتماعية وتوفير التمويل من خارج القطاع البنكى وخلق فرص العمل.
ويعتبر عام 2014 وهو عام تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مهام منصبه، هو بداية إعلان قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية عن نفسه فى مصر وذلك بعد توجيهات الرئيس من اليوم الأول بالاهتمام بهذا القطاع الذى يضم أنشطة غاية فى الأهمية منها التأمين والتمويل العقارى والتخصيم وسوق المال وما تم إضافته من أنشطة مثل التمويل متناهى الصغر والتمويل الاستهلاكى والرعاية الصحية وغيرها ينتظر إضافتها.
وفى نوفمبر 2011 صدر أول قانون فى تاريخ مصر لتنظيم نشاط التمويل متناهى الصغر وبدأ بالترخيص لعدد محدود من الجمعيات والشركات لم يتعدى العشرات، وفى ظل الاهتمام المستمر والمتابعة والتعديلات التشريعية لمواكبة التطورات والتى شهدها القطاع خلال الفترة من 2018 وحتى 2020 قفز عدد الشركات والجمعيات إلى قرابة الألف جمعية وارتفع عدد المستفيدين من تمويلاتها إلى قرابة 3.5 مليون مستفيد وحجم تمويلات ناهز 17 مليار جنيه فى 2020.
ولمواكبة للاهتمام الكبير من الرئيس عبد الفتاح السيسى بقطاع الاسكان والعقارات والمشروعات الكبرى والتوسع فى إنشاء المدن الجديدة ضمن استراتيجية الرئيس لتوسيع الرقعة السكنية والابتعاد عن أماكن التكدس السكانى، قامت هيئة الرقابة المالية فى 2015 بإجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقارى وما تبعها من قرارات فى 2018 والتى أسهمت فى إحداث طفرة فى حجم التمويلات داخل القطاع من 4.2 مليار جنيه فى 2013 إلى 13.3 مليار جنيه فى 2019 بنسبة نمو أكثر من 216%.
ولم ينته عام 2015، إلا بإنجاز أخر داخل قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية، نابعا من الثقة التى منحها الرئيس للقائمين على القطاع ليصدر أول قانون فى مصر لتنظيم الضمانات المنقولة ثم فى مارس 2018 صدر القرار بدء العمل بسجل الضمانات المنقولة الذى أحدث طفرة فى تيسير منح التمويل وتخفيض مخاطره لاسيما للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تفعيل إنشاء أول سجل إلكترونى فى مصر لشهر حقوق الضمان للدائنين، وبلغت قيمة الإشهارات نحو 700 مليار جنيه فى بدايات 2020.
وفى مجال التأمين، يعد مشروع قانون التأمين الموحد الذى أعدته هيئة الرقابة المالية فى 2019 أبرز الإنجازات فى هذا القطاع الحيوى، ولم ينتظر القطاع قانونه الجديد، ليسجل طفرات غير مسبوقة فى نشاطه لتقفز جملة الأقساط للأشخاص والممتلكات من 12.7 مليار جنيه فى 2013 إلى 35.1 مليار جنيه فى 2019، والتعويضات من 6.9 مليار إلى 18.2 مليار وصافى الأصول من 47.7 مليار إلى 118.2 مليار والاستثمارات من 42.3 مليار إلى 102 مليار وحقوق المساهمين من 7.8 مليار إلى 35 مليار وحقوق حملة الوثائق من 34 مليار إلى 69 مليار ، وأيضا فى مجال صناديق التأمين الخاصة، وبعد صدور تعديلات اللائحة التنفيذية لقانونها تضاعفت أصولها إلى قرابة 80 مليار جنيه.
وفى ضوء الإهتمام الكبير الذى يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسى لكافة الشرائح والطبقات بالمجتمع وتوفير التأمين اللازم لهم، فقد تم بدءا من عام 2018 إتخاذ العديد من الاجراءات والتعديلات لتوسيع نطاق التغطيات التأمينية لتضم طلاب المدارس والجامعات وطلبة الأزهر الشريف بما يجعل قرابة نصف سكان مصر يتمتعون بمظلة تأمينية، ولم يتم الاكتفاء بذلك بل توسعت المظلات التأمينية لتضم التأمين متناهى الصغر لأول مرة فى مصر وأيضا توسيع نطاق التأمين المصرفى بالتعاون بين هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى المصرى.
ومع جهوده المتواصلة لزيادة حجم الاقتصاد ودفع معدلات النمو، أصدر رئيس الجمهورية القانون رقم 176 لسنة 2018 والخاص بتنظيم نشاطى التأجير التمويلى والتخصيم بعد موافقة مجلس النواب ليمثل أحد الخطوات الطموحة لتطوير التشريعات المنظمة للأسواق والأدوات المالية غير المصرفية.
وأسهم نشاط التأجير التمويلى فى إتاحة التمويل متوسط وطويل الأجل للمشروعات وبصفة خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يمكن هذه المشروعات من حصول الأصول الرأسمالية على التمويل اللازم من خلال إبرام عقود تأجير تمويلى لفترات متوسطة وطويلة الأجل تنتهى بتملك المشروعات لتلك الأصول، لتقفز أرقام عقود التأجير التمويلى من 6.1 مليار جنيه فى 2013 إلى 56 مليار جنيه فى 2019.
وفى 2016، صدرت تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، وشملت العديد من الإضافات التى انعكست إيجابيا على نشاط سوق المال فى مصر، منها استحداث السندات المغطاة والسندات غير الحاصلة على تصنيف ائتمانى للتيسير على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحصول على التمويل وصناديق الاستثمار الخيرية، وغيرها الكثير فيما يخص سوق رأس المال، حيث قفز إجمالى قيمة إصدارات الأسهم والسندات من 59 مليار جنيه فى 2013 إلى 220 مليار جنيه فى مطلع 2020.
ولم تكن بورصة الأوراق المالية بعيدة عن اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث وجه من بداية عام 2015، بضرورة تنشيط البورصة وإحياء برنامج الطروحات الحكومية، وفى 2019 تلاها إعلان الاتجاه لطرح شركات تابعة للقوات المسلحة بالبورصة، ثم توجيهه المباشر للبنك المركزى ب فى مارس 2020 تخصيص 20 مليار جنيه لدعم البورصة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا.
وساهم التفاعل المتواصل من الرئيس السيسى بالبورصة فى زيادة نشاط السوق وارتفاع متوسط التداول اليومى إلى أكثر من 1.5 مليار جنيه فى 2019 مقابل 300 مليون جنيه قبل 2013، ليصل إجمالى قيم التداول فى 2019 على سبيل المثال إلى 410 مليارات جنيه مقابل 162 مليار فى 2013، وقفز رأس المال السوقى للبورصة من 427 مليار جنيه فى 2013 إلى 708 مليارات جنيه بنهاية 2019.
وكانت سوق رأس المال، محل اهتمام مستمر من الرئيس السيسى، وكان تطويره وزيادة حجمه لتعزيز دوره فى الاقتصاد من أهم التوجيهات الرئاسية، حيث يشكل عام 2018 نقطة تحول ليس فقط على صعيد سوق المال بل على صعيد الأنشطة المالية غير المصرفية كلها، ليبدأ العام بصدور تعديلات قانون سوق رأس المال لتكون الأكبر على مدار 26 عاما وعكست التوجه الاستراتيجى لزيادة كفاءة وعمق سوق المال المصرى باستحداث أدوات مالية جديدة تجذب مزيد من الاستثمارات، وخلق تنوع فى الأدوات المالية المتداولة فى مصر، بما يتيح اختيار أداة التمويل الآنسب لكل جهة وفقا لسياساتها المالية.
وشملت تلك التعديلات ولأول مرة فى تاريخ مصر إيجاد تنظيم لبورصات العقود الآجلة وإعادة تنظيم اصدار وتداول صكوك التمويل، وتخفيض رسوم قيد الأوراق المالية بالبورصة المصرية والسماح بإصدار أدوات دين قصيرة الأجل بإجراءات ميسرة والسماح للشركات العاملة فى الأنشطة المالية غير المصرفية بمباشرة نشاط صناديق الاستثمار بنفسها دون تطلب إنشاء شركة لهذا الغرض.
بجانب السماح للبنوك التى تساهم فى شركة صندوق الاستثمار بحفظ الأوراق المالية لديها وإنشاء اتحاد للشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية وتنظيم قواعد الطرح الخاص للأوراق والادوات المالية واستحداث السندات الخضراء كأدوات دين لتوفير التمويل للمشروعات الصديقة للبيئة وتشجيع التوسع فى الاقتصاد الأخضر وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفى مارس 2020 أصدار رئيس الجمهورية القانون رقم 18 لسنة 2020 والخاص بتنظيم نشاط التمويل الاستهلاكى على نحو يستهدف زيادة القوة الشرائية للمواطنين وينظم نشاط يقترب حجمه من 100 مليار جنيه. وفى ضوء قوة الدفع للأنشطة المالية المصرفية، أعدت الهيئة عددا من مشروعات القوانين رفعتها الحكومة الى البرلمان وينتظر إقرارها منها تعديلات قانونى التمويل متناهى الصغر ليشمل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون التأمين الشامل الموحد، فيما كان مجلس النواب قد أقر قبل أسابيع قانون الإيداع والقيد المركزى بما يسمح بإنشاء شركات تسوية ومقاصة متخصصة فى الأوراق المالية الحكومية وأخرى للعقود الآجلة.
ويعد صدور القرار الجمهورى فى 2019 بإنشاء مركز التحكيم فى المنازعات فى الأنشطة المالية غير المصرفية أحد أهم الإنجازات فى القطاع المالى غير المصرفى بجانب وينتظر إنجازا أخر بصدور قرار جمهورى بإنشاء المركز المصرى للتمويل المستدام، فضلا عن إنشاء صندوق حماية حملة وثائق التأمين فى 2019، كما صدر أول دليل للإستدامة فى تاريخ مصر فى ذات العام.
ودوليا وفى إطار توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتوطيد العلاقات الخارجية ورفع أسم مصر فى المحافل الدولية فقد تم انتخاب مصر فى 2014 عضوا بمجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال الأيوسكو ممثلة فى هيئة الرقابة المالية ممثلا عن الأسواق النامية والناشئة، كما انتخبت مصر عضواً باللجنة التنفيذية لمنظمة مراقبى صناديق التأمين.
كما انضمت لعضوية الشبكة الدولية للمراكز المالية المعنية بالاستدامة، بالإضافة لانضمام الهيئة إلى منتدى التأمين المستدام لتصبح ثانى دولة عربية تنضم للمنتدى، وأيضا لمبادرة الاتفاق العالمى للأمم المتحدة لتصبح المؤسسة الحكومية رقم 206 ضمن الهيئات والمؤسسات الحكومية على مستوى العالم المنضمة لتلك الاتفاقية.
وعلى الصعيد الدولى أيضا وفى إطار الجهود المبذولة فى مجال الأنشطة المالية غير المصرفية فازت هيئة الرقابة المالية بجائزة الهيئة الأكثر تطورا وابتكارا فى 2018 سبقها وفاز رئيسها بجائزة الشخصية الأكثر تأثيرا فى سوق المال فى إفريقيا.
كما تقدمت مصر 15 مركزاً فى أهم تقييم لحماية المستثمرين، إلى المركز الـ57 ليصبح هذا المؤشر هو أفضل مؤشرات مصر وذلك طبقاً لتقرير ممارسة الأعمال الذى أصدره البنك الدولى لعام 2020، وتتخطى 76 مركز على مؤشر “حماية صغار حملة الأسهم” فى تقرير ممارسة الأعمال خلال أربعة أعوام يمثل عامل جذب للاستثمار فى سوق رأس المال المصرى.