بعد مرور خمس سنوات على البدء فى مشروع «ابنى بيتك» تداعت العيوب التى ظهرت فى المشروع لكى تحول حلم الشباب الذى سارع إلى الحجز للحصول على قطعة أرض يبنى عليها منزله الخاص إلى سراب، حيث تحولت مناطق المشروع المختلفة إلى عشوائيات داخل الصحراء دون مرافق أو خدمات وسيطر البدو بالقوة وفرض الإتاوات على السكان، وقاموا بسرقة مواد البناء وأبواب ونوافذ المنازل.
مشروع «ابنى بيتك» ضمن البرنامج الانتخابى للرئيس السابق لكنه يعانى حالة من الاضطراب دفعت خبراء العقارات للمطالبة بضرورة إجراء تقييم شامل للمشروع، ثم السعى الجاد لتكراره وفق آليات تنفيذ جديدة يتم معها تلافى الأخطاء السابقة.
وأكد الدكتور سيف فرج، خبير الاقتصاد العمرانى أن فكرة المشروع ممتازة، ولكن آليات التنفيذ وضعت دون دراسة أو ضوابط محددة، مما أدى إلى التخبط والعشوائية فى البناء بجانب حصول المستفيدين على مواد البناء والمياه بأسعار مرتفعة بسبب سيطرة البدو على مناطق المشروع.
وقال فرج إن نسبة الاشغال الضعيفة فى وحدات المشروع رغم الحاجة الملحة إلى السكن يجب أن تدفع وزارة الإسكان إلى إعادة تقييم التجربة والبحث عن حلول عاجلة وغير تقليدية للوضع الحالى حتى يستفيد السوق العقارى من 42 ألف منزل هى إجمالى عدد وحدات المشروع بمدينة السادس من أكتوبر.
وأضاف أن المشكلة الأساسية للمشروع هى تسليم الأرض للمستفيدين قبل الانتهاء من ترفيق القطع المخصصة لهم، مما أدى إلى تراكم مخلفات الحفر والبناء فى الشوارع غير الممهدة وأعاق عملية تنفيذ المرافق، لأن الشركات كانت مطالبة بإزالة الاشغالات قبل الترفيق.
وأشار فرج إلى أن المشروع قابل للتكرار بشرط أن تشجع وزارة الإسكان مشروع المقاول الصغير، الذى يقوم بالتنفيذ لصالح أكثر من مستفيد وتوحيد مواصفات الإنشاء مراعاة للناحية الجمالية، فضلاً عن ضرورة تزامن التنفيذ مع الترفيق، وهذا لن يتعارض مع رغبة الدولة فى بناء المواطن لمسكنه وعدم إسناد المشروع بالكامل لشركات المقاولات الكبرى.
وأوضح أنه من الضرورى وضع خطة من قبل وزارة الإسكان لربط مثلث المسكن بفرصة العمل بتوافر الخدمة، لأنه لا يمكن الإقامة فى منطقة لا تتوافر فيها فرصة العمل أو الخدمات، حيث حرصت على ضخ وحدات فى السوق العقارى عبر أكثر من محور دون ربطها بفرصة العمل أو توفير الخدمات للمستفيدين من مدارس ومستشفيات وأقسام شرطة وأسواق.
وطالب وزارة الإسكان بإعادة تجربة «ابنى بيتك» فى مناطق أخرى بشرط أن يتم ترفيق الأرض وطرح مبانى الخدمات قبل تنفيذ الوحدات أو على الأقل بالتزامن مع التنفيذ بشرط عدم التضارب بين البناء والترفيق، مؤكداً أن فكرة المشروع «ممتازة» والتنفيذ كان أقل من مستوى الفكرة.
«عشوائية البناء وتنفيذ الإنشاءات قبل إدخال المرافق وغياب الأمن» أبرز سلبيات «ابنى بيتك» التى تحدث عنها المهندس صلاح حجاب، رئيس جمعية المهندسين الاستشاريين، مؤكداً أن وزارة الإسكان كانت مطالبة بتوفير متابعة ومعاونة فنية لتنفيذ وحدات المشروع.
وأضاف أن المستفيدين حصلوا على قطع أرض فى الصحراء دون مرافق إنشائية واضطروا إلى الاستعانة بالبدو ومقاولى الباطن لتوفير مواد البناء والمياه، ودفعوا الإتاوات للمحافظة عليها من السرقة، مشيراً إلى أنه لابد من الضرورى توصيل المرافق قبل عملية البناء، بحيث يصبح المبنى قابلا للترفيق فور الانتهاء من إنشائه.
وأشار إلى أن المشروع يجب أن يتكرر لوجود مساحات شاسعة من الأراضى متاخمة لمنطقة «ابنى بيتك» بالسادس من أكتوبر بشرط إلزام مستفيدى كل حى على الأقل بالتعاون معاً وإنشاء صندوق للبناء الجماعى والاستعانة بصغار المقاولين، والبناء بصورة جماعية بعد أن يتم توصيل المرافق لقطع الأرض.
وأوضح حجاب أن الوزارة مطالبة بمتابعة هذه العملية من خلال لجان فنية للإشراف والمتابعة وتقديم نماذج ورسومات هندسية موحدة للتنفيذ حتى لا يتحول المشروع إلى عشوائيات، بالإضافة إلى تكرار هذا النموذج من المشروعات، لأنها لا تتحمل تكلفة كبيرة فى عملية البناء، ويقتصر دورها على توفير الأرض وترفيقها، ويمكن أن يتم تحميل ثمن الترفيق على سعر الأرض بالتقسيط، ولكن بشرط المتابعة والإشراف الفنى على التنفيذ.
وفى السياق نفسه، وصف المهندس أحمد كريم، المنسق العام لائتلاف شباب «ابنى بيتك» المشروع بأنه فكرة جيدة تم تنفيذها بطريقة خاطئة، لافتاً إلى أن أجهزة المدن وضعت مواسير المياه على أطراف المشروع وطلبت من المستفيدين البناء لحين توصيل المرافق، وهذا ما أهدر بدوره نحو 10 مليارات جنيه من المال العام بحسب تصريحات مسئول المرافق بوزارة الإسكان.
وأشار إلى أنه كان يجب إدخال المرافق قبل قيام المستفيدين بالبناء، لأن ما حدث رفع تكلفة الإنشاء من 60 ألف جنيه للدور الأرضى إلى 90 ألف جنيه بجانب الإتاوات التى فرضها العرب على المستفيدين بسبب الغياب الأمنى وقيامهم بسرقة الأبواب والنوافذ ومواد البناء.
واقترح كريم فى حال تكرار المشروع أن يتم توصيل المرافق إلى المستفيدين بجانب عدادى مياه وكهرباء إنشائيين على حساب المستفيد لحين الانتهاء من البناء، فضلاً عن أهمية إلزام المستفيدين بتصميمات موحدة للمنازل حتى يتحقق التناسق فى البناء بدلاً من العشوائية الحالية بجانب توفير مكان مخصص لإلقاء مخلفات البناء، بحيث يدفع المستفيد تأمين حفر ليلتزم بمكان المخلفات وفى حال مخالفته لا يسترد التأمين.
وأشار المنسق العام لائتلاف شباب «ابنى بيتك» إلى أن إتاحة الحجز فى جميع المدن الجديدة على مستوى الجمهورية دفع مستفيدين من أسوان للحجز فى أكتوبر ثم التنازل عن الأرض مرة أخرى، مما يستوجب ضرورة ربط تخصيص الأرض بمحل إقامة المتقدم لحجز قطعة أرض حتى لا يسمح لأبناء أو ساكنى المنيا مثلاً بالحجز فى برج العرب، لأن ذلك سوف يتبع فى الغالب بتنازل عن الأرض، وهذا ما يعنى إتجاراً فيها.
وقال المهندس صلاح حسن، المشرف على المشروع القومى للإسكان الاجتماعى سابقاً إن مشروع «ابنى بيتك» غلطة ولن تتكرر، وأن الميزة الوحيدة فى هذا المشروع كانت أن أى مواطن كان بإمكانه الحصول على قطعة أرض فى المدن الجديدة بسعر زهيد، وأنه من الصعب تكرار هذه التجربة لأنها فرصة وانتهت.
ورفض تكرار المشروع حتى فى حال تلافى الأخطاء السابقة، لأنها من وجهة نظره لن تحل أزمة الإسكان، وأن المشروع تحول إلى عشوائيات كبيرة فى المدن، التى من المفترض أن تتميز بالتخطيط العمرانى الجيد والتنسيق الحضارى.
ولفت إلى أنه عندما تسير داخل مشروع «ابنى بيتك» تجد منزلاً ارتفاعه دورا يجاور آخر ارتفاعه دورين وثالث بثلاثة أدوار وتجد منزلاً آخر بلا أبواب أو نوافذ بجانب غياب التناسق فى الألوان، رافضاً تحميل وزارة الإسكان أى مسئولية عن فشل المشروع، لأن الأحداث التى أعقبت الثورة والانفلات الأمنى فى مصر هما السبب فى فرض البدو الإتاوات على السكان وسرقة مواد البناء والأبواب والنوافذ.
كتب – محمد درويش








