قبالة شارع التسوق الرئيسى فى العاصمة النرويجية «أوسلو» تكمن تجربة تأتى بدورها فى قلب محاولات شركة «إيكيا» لاتباع نهج الابتكار المُزعزع، وهو ابتكار يؤدى لتعطيل الشبكة السوقية والقيمة الحالية للشركة وخلق شبكة وقيمة جديدة.
حتى وقت قريب، كانت الطريقة الوحيدة لتجربة منتجات «إيكيا» هى السفر إلى ضواحى المدن الكبرى وزيارة مستودع ضخم ونقل أثاث المنزل بنفسك وقضاء ساعات فى تجميعه، لكن هذه الأمور آخذة فى التغير الآن، إذ يعتبر استوديو التخطيط فى أوسلو مجرد تجربة واحدة ضمن عدد مذهل من التجارب التى تشمل كل شيء، بداية من تأجير الأثاث للطلاب إلى بيع الأرائك المستعملة.
فى مرحلة مبكرة، ستوفر التحركات دراسة حالة لشركة كبيرة تحاول إعادة اكتشاف روح المبادرة التى حققت لها النجاح، لكن إذا توسع نطاق التجارب، فمن المحتمل أن تقتلع تلك التجربة نموذج الأعمال الذى اتبعته «إيكيا» بدقة لسبعة عقود زمنية.
وذكر الكاتب ريتشارد ميلن، فى مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الاستراتيجية الجديدة لإجراء المزيد من التجارب تأتى فى وقت تواجه فيه «إيكيا»، المملوكة للقطاع الخاص، منافسة متزايدة من تجار التجزئة على الإنترنت، مثل «أمازون» و»على بابا»، كما أن تفشى الوباء- الذى أغلق حوالى 3 أرباع متاجر «إيكيا» فى الذروة- له تأثير أيضاً، حيث انخفضت مبيعات المجموعة بنسبة %4 فى العام المالى الحالى حتى نهاية أغسطس.
وثمة مخاطر كامنة خلف تغييرات «إيكيا»، مثل كيفية إجراء مجموعة من الاختبارات، التى لا تعتبر لافتة للنظر فقط بل إنها مربحة أيضاً.
ويوفر متجر أوسلو، الذى يقع بين البرلمان النرويجى والمبانى الحكومية، للعملاء فرصة تخطيط مطبخهم أو غرفة نومهم الجديدة، مع معرفة النطاق الإجمالى تقريباً للمواد المستخدمة فى أبواب الخزائن أو أسطح الطاولات أو الخزائن.
ومن جهته، يقول جيسبر برودين، الرئيس التنفيذى لمجموعة «إنجكا جروب»، بائع التجزئة الرئيسى لدى «إيكيا»: «لقد واجهنا صعوبات فى الاختبارات المبكرة التى أجريناها، لكننا نصل الآن إلى الحشود».
وأضاف برودين، أن الأمر ليس مجرد تخطيط للاستوديوهات، فقد افتتحت «إيكيا» متجراً أصغر حجماً فى منطقة لامادلين المركزية فى باريس، ويجذب هذا المتجر الآن 10 آلاف متسوق يومياً، مشيراً إلى أن «إيكيا» تحاول تحسين نطاق السلع والخدمات اللوجستية للمتجر.
ومن المقرر أن تقوم «إيكيا» بفتح رقم قياسى من المتاجر خلال العام الجارى، بالإضافة إلى ذلك، تلعب «إيكيا» دوراً متزايداً كمستثمر عقارى، حيث تستحوذ على أجزاء من شارع دى ريفولى فى فرنسا وكذلك مركز «هامرسميث» للتسوق فى لندن وأجزاء من سان فرانسيسكو.
ولا تستهدف «إيكيا» أن تكون مجرد صاحب ملكية، بل إنها تسعى لإيجاد طرق جديدة لإنشاء نقاط لقاء مع العملاء أيضاً، وذلك من خلال نماذج المتاجر ذات الأشكال الجديدة والتعاون مع الشركات الأخرى.
هناك الكثير من الاختبارات بعيدا عن نموذج المتجر، حيث تتجه «إيكيا» بشكل أكثر نحو خدمات، مثل التجميع والتسليم، بالإضافة إلى تعزيز إعادة استخدام أثاثها من خلال المبيعات المستعملة أو شرائها من العملاء أو تأجيرها للشركات الصغيرة أو الطلاب، كما أنها تدرس تقديم قطع غيار لإطالة عمر الأثاث فى ظل الانتقادات التى تواجهها بأن موديلاتها تشجع الناس على شراء سلع رخيصة ثم التخلص منها.
وأوضح الكاتب ميلن، أن الاختبار يعتبر الجزء السهل فى عملية التحول، لكن اكتشاف الأمور التى تصلح للعمل وتحديد الأعمال منطقية هو الجزء الأصعب بشكل عام.
وفى هذا الصدد، قال برودين، من «إنجكا جروب»: «أهم شيء بالنسبة لى فيما يخص الأثاث كخدمة هو جعله مربحا، لذا نحتاج إلى توسيع نطاق المشروع بوتيرة سريعة، ونحتاج إلى جعله جزءا من نموذج الأعمال». ومع ذلك، يظهر تساؤل مهم حول ما إذا كانت «إيكيا» ستكون قادرة على التعامل مع جميع الاختبارات وتحويلها إلى شيء متماسك بشكل كلى، لكن النقاد جادلوا بأن «إيكيا» أصبحت بيروقراطية بشكل متزايد فى الأعوام الأخيرة بعد أن كانت تستمتع باتباع أسلوب محفوف بالمخاطر فى فترة السبعينيات والثمانينيات.