ثمة دوافع عديدة لبدء عمل تجاري جديد، بقدر عدد الأفراد القادرين على إنشائه، فيمكن النظر إلى اكتشاف الفرصة أو المعاناة من الإرهاق الوظيفي أو البطالة أو العمالة الناقصة، باعتبارها دوافع، فضلا عن أن ظروف الوباء وأوقات الفراغ واستخدام التقنيات الحديثة والمكوث بالمنزل، خلقت بيئة محفزة أيضا لبدء عمل تجاري.
وشهدت الولايات المتحدة إنشاء أكثر من 4.4 مليون شركة جديدة منذ مارس الماضي، وهو رقم يتجاوز بكثير الزيادة المتوقعة التي تحدث أثناء الركود، عندما تغلق الشركات القديمة ويصبح كثير من الناس عاطلين عن العمل، بحسب مكتب الإحصاء الأمريكي.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة ميريلاند، جون هالتيوانجر: “هناك شيء واحد نميل إلى رؤيته وهو نمط العمل الحر المعاكس للدورات الاقتصادية خلال فترات الركود العميق، فالناس لا يمكنهم الحصول على وظيفة لذا يوظفون أنفسهم.. وما هو غير عادي في هذا الوباء هو الحجم وليس الاتجاه”.
واستمرت الزيادة المفاجئة التي بدأت أثناء اضطرابات الوباء المبكرة منذ بداية عام 2021، إذ وصل عدد المشاريع الجديدة في الولايات المتحدة إلى نحو نصف مليون مشروع في يناير فقط، بحسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة برينستون، سواتي بهات: “أعتقد أن المجتمع الاقتصادي، قد حد من قدرة أفراد الطبقة العاملة على الصمود”.
وتضاعف عدد الشركات التي يتم إنشاؤها لبيع السلع والخدمات عبر الإنترنت، منذ بدء تفشي الوباء، وهو تغيير أكبر من أي صناعة أخرى، إذ تمتلئ شبكات الإنترنت بالموارد اللازمة والمناسبة لأولئك الذين يرغبون في بدء عمل تجاري.
ويصنف مكتب الإحصاء الأمريكي 35% من الشركات الجديدة التي تم إنشاؤها منذ مارس الماضي على أنها “أرباب عمل محتملين”، مما يعني أن زيادة النشاط تبدو ملاحظة متفائلة لما لايزال سوق عمل قاتم.
وأظهرت إحصائيات البطالة، الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد الأمريكي لايزال يفتقر إلى ما يقرب من 9.5 مليون وظيفة عن المستويات السابقة لتفشي الوباء.
وقال هالتيوانجر، من جامعة ميريلاند: “ليس الأمر كما لو أن هذه الشركات الجديدة ستخرجنا من الحفرة على الفور وبسرعة، بل إنها محفوفة بالمخاطر أيضا، ففي الأوقات الجيدة يفشل معظمهم والكثير منهم لا يكبر على الإطلاق”.
ومع ذلك، نادرا ما يتم سماع أو إدراك أن الاقتصاديين متفائلين بشأن هذا الأمر، وقال كل من بهات وهالتيوانجر: “شعرنا بالمفاجأة وتفاءلنا تجاه أرقام الأعمال التجارية المشيدة حديثا”.
ويعتقد هالتيوانجر، أن الوباء يؤدي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي، فالشركات اكتشفت كيفية إتمام أعمالها عن بعد، ويمكن أن تصبح بعض الأعمال الجديدة أكثر كفاءة، وبالتالي تغير الاقتصاد الأمريكي بشكل أساسي.
وقال أستاذ الاقتصاد بهات، إن الشركات الجديدة خلقت لتبقى، فبمجرد حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على موطئ قدم لها، فإنها ستتوسع وستصبح أكثر كفاءة.








