قال عبد الرحمن الحميدي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إن تطوير قطاع الاسواق والاوراق المالية يمثل محورا رئيسيا في استراتيجية الصندوق الحالية في تطوير القطاع في الدول العربية لدعم النمو الاقتصادي.
وتابع خلال جلسة نقاشية اليوم لاتحاد البورصات العربية AFE، أن الصندوق لديه مجموعة من المبادرات التي تخدم بصورة مباشرة وغير مباشرة مساعي تطوير الأسواق العربية أهمها مبادرة تطوير أسواق السندات المحلية التي يعمل عليها الصندوق بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية في تقديم المشورة الفنية للدول الأعضاء بما يساعد في تطور أدوات أسواق الدين التي لا تزال تحتاج مزيد من الجهود بالرغم من النمو في حجم الاصدارات الأولية.
كما يولي الصندوق أهمية كبيرة في دعم التحول المالي الرقمي من خلال مبادرة الشمول المالي في المنطقة العربية ومبادرة التقنيات المالية الحديثة حيث تشتملان على أنشطة تهدف دعم فرص رقمنة معاملات أسواق المال وتعزيز فرص الوصول لخدمات الوساطة المالية.
ولفت الحميدي، إلى أن الصندوق نفذ الأسبوع الماضي ورشة عمل ناقشت التحول المالي الرقمي في أسواق المال العربي، وسيعمل الصندوق على التعاون مع اتحاد البورصات العربية من أجل تحقيق تقدم في هذا الشأن.
وأضاف الحميدي أن الصندوق يقوم بنشر بيانات ومؤشرات وتقارير دورية عن أداء أسواق المال العربية إلى جانب نشاط بناء القدرات والتدريب حيث يتشارك الصندوق مع المؤسسات الدولية في توفير دورات تدريبية متخصصة في مجالات أسواق المال المختلفة.
وأوضح أن منصة “هنا” للمدفوعات الورقية توفر بنية تحتية مبتكرة للمدفوعات العابرة للحدود قادرة على تنفيذ عمليات الدمج بعملات متعددة وبسرعة تنفيذ لحظية مما يشكل قيمة مضافة للبنوك المشاركة بالمنصة.
وينعكس ذلك إيجابا على العملاء البنوك سواء أفراد أو مؤسسات من حيث انخفاض تكلفة التحويلات وسرعة الدفع وتعدد الخيارات في العملات.
وأشار إلى أن الاشتراك في المنصة لا ينحصر في العملات والدول العربية فقط بل سوف تشكل المنصة جسرا للمدفوعات بالعملات الدولية الرئيسية للربط بين الدول العربية وبقية دول العالم خاصة الدول الأكثر نشاطا في مجال تبادل المدفوعات التجارية والحوالات الشخصية مع الدول العربية.
وأردف أن المنصة تطبق أحد المعايير العالمية الخاصة بالمراسلات المالية ونظم الامتثال ومكافحة غسل الأموال والاحتيال ونظم أمن المعلومات الإلكترونية.
الحميدي: استراتيجية صندوق النقد العربي تتبنى تطوير قطاع الأسواق المالية
واضاف أن وجود هذه البنية التحتية المتطورة بمقاصة وتسوية المدفوعات عبر الحدود من شأنه أن يساهم في دعم فرص نمو الاستثمارات البينية في أسواق المال العربية وتعزيز فرص ربط الأسواق المالية.
وتوفر المنصة الفرص في محورين أساسيين على المدى القصير سوف يتمكن المستثمرون من الاستفادة من شبكة البنوك المرتبطة بمنصة “هنا” من خلال عمليات إرسال واستقبال المدفوعات مع الأسواق المالية العربية بشكل لحظي وبتكلفة أقل وفعالية عالية.
وعلى المدى المتوسط والبعيد يمكن للمنصة توفير عبر مبادرات الصندوق إطارا متكاملا لمشروع سوق مالي عربي مشترك يربط الأسواق العربية المختلفة وبنية تحتية توفر للمستثمرين نافذة للوصول للمنتجات الاستثمارية المختلفة التي تقدمها الأسواق العربية.
كما ستوفر النافذة إطارا قانونيا موحدا وقدرة للوصول ذات كفاءة عالية مما يرفع نسبة الاستثمارات البينية في العالم العربي والاستثمار الأجنبي من بقية دول العالم مما يعود بفوائد جمة على اقتصاديات العالم العربي.
واضاف أن الاقتصادات العربية واقتصادات العالم واجهت ظروفا استثنائية منذ عام 2020 بسبب التحديات المترتبة على انتشار جائحة كورونا والتدابير الاحترازية لاحتوائها.
ولفت أن الدول العربية واجهات تحديات كبيرة على صعيد المالية العامة جراء التداعيات الاقتصادية والمالية للجائحة، في ظل حزم التحفيز المالي التي تبنتها الدول العربية من أجل استمرار الأنشطة الاقتصادية المختلفة وتحفيز السيولة وتخفيف العبء على الأسر مما ترتب عليه أثار سلبية على مستوى الإيرادات العامة والنفقات الحكومية وزيادة العجز المالي والدين العام.
واضاف أن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب انخفاض الطلب في ظل انكماش النشاط الاقتصادي، مثل تحديا للدول العربية المصدرة للنفط، لاعتمادها على الإيرادات النفطية كمصدر أساسي للموارد المالية.
وأشار الحميدي، إلى تأثر الاقتصادات العربية كغيرها من دول العالم بالتداعيات السلبية التي طالت المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تمثل 45% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل بنحو ثلث العمالة الرسمية في الدول العربية.
ولفت أن هذه التطورات أدت لانكماش الاقتصادات العربية بنسبة 4.4% في عام 2020 وفقا لتقديرات صندوق النقد العربي.
كما أشارت دراسة أعدها الصندوق إلى فقدان نحو 6 مليون وظيفة في المنطقة العربية خلال العام الماضي بسبب تداعيات الجائحة.
وأشار الحميدي، إلى أن الحكومات العربية اتخذت إجراءات تحفيزية ضخمة بلغت قيمتها 246 مليار دولار حتى الآن، كما اتخذت مجموعة متنوعة من الإجراءات والتدابير التي تحد من الآثار السلبية على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح أنا العديد من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية قامت باتخاذ إجراءات تحفيزية ووقائية بما يشمل ضخ السيولة في القطاع المصرفي وتخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي بما يتناسب مع الظروف المحلية والعالمية.
كما قامت بتحفيز منظومة ضمان القروض دعما للقطاعات الإنتاجية والذي ساعد القطاع المصرفي على توجيه القروض للأفراد والشركات فضلا عن تبني المصارف المركزية برامج دعم للقطاعات الإنتاجية بهدف استدامتها.
ولفت الحميدي، أنه من المتوقع أن ينعكس التعافي المتوقع للتجارة الدولية وزيادات مستويات الطلب العالمي على النفط وسياسات دعم التعافي والنمو الذي تعتمد عليه معظم الدول العربية، في تحقيق معدل نمو بنحو 3% خلال عام 2021 ونحو 3.6% عن عام 2022 وفقا لتقديرات صندوق النقد العربي.
وأشار إلى أن أبرز الأولويات على صعيد السياسات تتمثل في استمرار السياسات النقدية والمعنية التيسيرية مع تقييم فاعلية حزم التحفيز والتركيز على التدخلات الانتقائية داخل علاقة قوية لدعم التعافي والإبقاء على الوظائف.
إلى جانب مواصلة الاصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى زيادة مستويات المرونة والحيوية الاقتصادية والاصلاحات التشريعية والمؤسسية اللازمة لتهيئة بيئة مواتية لدعم القطاع الخاص.
وأكد رئيس صندوق النقد العربي، على ضرورة العمل على تعزيز الإيرادات العامة بالتركيز على الاصلاح الضريبي والتحول الرقمي للنظم الضريبية والعمل على ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتركيز على مشروعات البنية الأساسية الداعمة للقطاع الخاص مع بيان استدامة الدين العام وتبني خطط متوسطة الأجل.
بالإضافة إلى المزيد من التركيز على التدابير الهادفة إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل على تعزيز مستويات رأس المال البشري لتجاوز خسائر التنمية البشرية الناتجة عن الجائحة.
وأكد الحميدي على أهمية الانتباه إلى ملائمة توقيتات تخفيف وسحب إجراءات الدعم التي تمثل مفتاح نجاح الإجراءات المتخذة لدعم النشاط الاقتصادي.
موضحا أن سحب حزم الدعم بشكل مبكر قد يؤدي لتراجع حجم الائتمان المطلوب لدعم قطاع الشركات في حين أن التأخير في سحبها قد يزيد من المخاطر النظامية في القطاع المالي.
وأردف أن تطوير الأسواق المالية يساعد في إدارة مخاطر الصرف الأجنبي والتضخم بشكل أكثر من خلال زيادة الوصول إلى التمويل بالعملة المحلية الأمر الذي يمكن الحكومات من تمويل العجز المالي من خلال الحصول على التمويل من خلال الأسواق المالية المحلية والذي يساعد على تمويل التنمية الاقتصادية داخليا.
كما أن الأسواق المالية المحلية التي تعمل بشكل جيد تلعب دورا هاما في دعم السياسة النقدية، مما يؤدي لتعزيز الاستقرار المالي ويحد من التعرض لصادرات أسعار الصرف وعدم تدفق رأس المال.
وتشجع الأسواق المالية المحلية على التنوع في التمويل مما يقلل من تركيز المخاطر في حين يعزز رأس المال المرونة المالية ولتحقيق ذلك يجب ضمان تحقيق القواعد والاصلاحات الصحيحة وأن يصبح الامتثال تغييرا حقيقيا.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من تأثر الأسواق العربية بتداعيات الجائحة إلا أن أداء الأسواق العربية كمجموعة خلال العام الماضي إيجابيا.
ولفت الحميدي، أن المؤشر المركب لصندوق النقد العربي الذي يقيس أداء الأسواق المالية العربية المنضمة لقاعدة البيانات وعددها 16 سوق، سجل ارتفاعا بنحو 9% كما ارتفعت القيمة السوقية للأسواق العربية بقيمة 52.9 مليار دولار لتصل إلى 3.2 تريليون دولار
وتابع أن تطور نماذج الأعمال الرقمية كان من أبرز إيجابيات أزمة كورونا حيث أدت الرقمنة بكافة أنشطة القطاع المالي عموما إلى تعزيز القدرات في مواجهة الأزمة وتداعياتها السلبية.
واضاف أن رقمنة أسواق المال توفر العديد من الفرص التي يجب اقتناصها في رفع معدلات الشمول المالي والنمو الاقتصادي وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما تعزز الرقمنة من شفافية المعاملات وسرعة أداؤها مع انخفاض تكلفتها، بالإضافة تعزيز فرص الوصول للخدمات المالية من خلال المعاملات عن بعد، إضافة إلى توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والأفراد من خلال منصات التمويل الجماعي.
بالإضافة إلى توفير التمويل بمختلف أشكاله سواء التقليدي أو المتوافق مع الشريعة، وعملت أيضا على تقليص الوقت اللازم لتسوية معاملات الأصول المالية التي تتم بشكل آلي.
كما تسهل إجراءات العناية الواجبة بالعملاء من خلال تنفيذها بشكل رقمي وهو ما يزيد من عدد المتعاملين عن طريق إلحاقهم رقميا مع تقليص مخاطر غسل الأموال، ويتم تنفيذ حقوق وإلتزامات العلاقات التعاقدية من خلال منظومة العقود الذاتية.
وأشار الحميدي، إلى أن رقمنة عمليات الاسواق المالية تعمل على تعزيز السيولة بالأسواق من خلال زيادة عدد المتعاملين والعمليات المباشرة بينهم وزيادة معدلات توليد الأصول المالية ذاتها من خلال آليات كثيرة.
وأكد أن العديد من الجوانب لا تزال تحتاج للمتابعة والاهتمام التي يجب الإسراع في تنميتها للاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في عمليات الأسواق المالية وتجنب سلبياتها كتعزيز البنية التحتية الرقمية ودعم الابتكارات المالية في إطار من القواعد والتشريعات التي تكفل حماية النظام المالي مع تنمية الابتكارات.
واضاف أن حماية مستهلكي الخدمات المالية الرقمية وزيادة الوعي لديهم من أهم مجالات الإصلاح للتمتع بمزايا التحول الرقمي وتطوير أطر الحماية الإلكترونية لتجنب الهجمات الإلكترونية والتعاون في هذا الشأن على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وأكد على ضرورة تعزيز أطر حماية البيانات وحفظ خصوصية العملاء أثناء مشاركة بياناتهم من خلال الأطر التنظيمية الفعالة كما أن هناك حاجة أن تتضمن استراتيجيات التحول الرقمي للدول جوانب رقمنة الأسواق المالية وعملياتها وأن يتم التعاون في هذا الشأن بتبادل المعرفة والخبرات بين مختلف الأطر داخل علاقة على المستوى المحلي أو على المستويين الإقليمي والدولي.







