لن تستطيع خطة الرئيس الأمريكى جو بايدن لإصلاح ضرائب الشركات العالمية تقديم الكثير لمساعدة الدول التى هى فى أمس الحاجة إلى المزيد من عائدات الضرائب، كما تقول الاقتصادات النامية التى تضغط من أجل سلطة أكبر على الشركات متعددة الجنسيات.
ومن شأن اقتراح واشنطن الطموح بفرض ضرائب على أرباح 100 من أكبر الشركات فى العالم المحققة فى الدول التى يكون لها وجود مادى ضئيل أو معدوم، لكنها تدر عائدات كبيرة وستقدم معدل ضرائب أدنى عالميا.
ويأتى هذا الاقتراح فى محاولة لإنهاء ما أطلق عليه «السباق إلى القاع»، حيث توجه الشركات الأرباح من خلال الولايات القضائية منخفضة الضرائب، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ومن المقرر أن تدفع الشركات معظم ضرائبها فى الدولة التى يتواجد بها مقرها الرئيسى، حتى لو كانت أرباحها- وفى كثير من الحالات العمالة والمواد الخام المستخدمة- مصدرها الأساسى قادم من الدول النامية، وفقا لكبار الدبلوماسيين ومجموعات الضغط.
كما أنهم قلقون من عدم مشاركة العديد من الدول النامية فى المفاوضات حول الاقتراح فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ويخشون من أن الاتفاق النهائى لن يعكس على الأرجح مصالحهم.
ويقول ماثيو جبونجوبولا، سفير نيجيريا لدى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية: «ما أفهمه، فى ظل القواعد التى يجرى تطويرها حاليا، فإن الدول النامية قد لا تصل إلى أى شيء».
كما أنه أيد جهود الولايات المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية لحث أكبر الشركات فى العالم على دفع المزيد من الضرائب على مستوى العالم.
وقال: «كلما قلت الحوافز الضريبية التى تقدمها الدول النامية، زادت قدرتها على الاحتفاظ بالعوائد المطلوبة لتنميتها، وقل اعتمادها على الاقتراض أو المساعدة»، لكنه حذر من أنه من المنطقى والأخلاقى أن يكون لبلدان المصدر، سواء المتقدمة أو النامية، حق الرفض قبل انتقال عائدات الضرائب إلى الدول التى يتواجد بهاالمقر الرئيسى للشركات.
وأضاف جبونجوبولا، أن الولايات المتحدة «لم تقدم تحليلا اقتصاديا» لاستهداف 100 شركة فقط، ويمثل هذا التركيز خفضا لمقترحات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، التى كان من الممكن أن تغطى آلاف الشركات.
وقال سيبل جالفان، سفير المكسيك لدى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية: «أهم نقطة اختلاف بين الاقتصادات المتقدمة والنامية هى الحد الأدنى التى تحدد عدد الشركات المدرجة».
ويقول النقاد، إن المبلغ الذى سيتم فرض ضرائب عليه بموجب خطة الولايات المتحدة صغير جدا، فهو من المحتمل أن يكون أقل من خُمس أرباح الشركة.
ودعا منتدى إدارة الضرائب الأفريقية، الذى يقدم المشورة للحكومات فى القارة السمراء، إلى اتباع نهج متدرج يتم فيه تحديد حافة الضرائب عند مستويات أدنى للاقتصادات الأصغر، مشيرا إلى أن وضع حد أدنى واحد لجميع الشركات أمرا غير عادل.
كما يشعر منتدى إدارة الضرائب الأفريقية بالقلق من أن الدول الفقيرة قد لا تناضل من أجل حقوقها فى مفاوضات مطولة ومعقدة. وقال: «فى ظل تمتعهم بمقعد على الطاولة، من الصعب عليهم مواكبة ذلك، وقد لا يكون هناك مستوى عالٍ من الوعى السياسى فى أفريقيا بهذه القضية ومدى أهمية مثل هذا المقترح».
وتشارك العديد من الاقتصادات النامية الكبيرة فى جهد منافس فى الأمم المتحدة لتطوير نظام ضريبى دولى من شأنه أن يستهدف على وجه التحديد شركات الخدمات الرقمية.
وتعتبر هذه الخطوة مدفوعة بالخلاف حول المبالغ الضريبية الصغيرة التى يدفعها عمالقة التكنولوجيا الأمريكيون فى العديد من الدول التى يحققون فيها أرباحا كبيرة.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن هذه الخطة ستمنح الدول الحق فى فرض ضرائب على عائدات الشركات الرقمية بناء على مكان تحقيق الإيرادات، بدلا من المكان الذى يتواجد فيه المقر الرئيسى للشركة فقط.
وجدير بالذكر أن الأرجنتين والهند وكينيا ونيجيريا طبقت ضرائب رقمية مؤخرا ويفكر عدد من الدول الأفريقية الأخرى فى ذلك، وفقا لمنتدى إدارة الضرائب الأفريقية.
وقد لاقى اقتراح الأمم المتحدة، الذى أيدته الهند والأرجنتين، موافقة بفارق ضئيل من قبل لجنة الضرائب التابعة للأمم المتحدة الشهر الماضى، كما أن هناك دول نامية أخرى، مثل الإكوادور وغانا وليبيريا ونيجيريا وفيتنام وزامبيا، قد أيدته أيضا.
وأوضحت الصحيفة، أن النموذج غير ملزم ولا يمكن تفعيله إلا فى الاتفاقات الثنائية إذا وقعت عليه الدول المشاركة، لكن التوقيت يعتبر غير مناسب بالنسبة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
ومن جانبها، قالت توف ماريا رايدينج، مديرة السياسة والمناصرة فى الشبكة الأوروبية للديون والتنمية، إن هناك منافسة غريبة تظهر بصفة مستمرة بين الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، حيث تبحث الأمم المتحدة فى تطوير ضرائب الخدمات الرقمية بينما تحاول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية التخلص منها لصالح نظام يمكن تطبيقه على جميع الصناعات.
أما كريستيان هالوم، كبير المتخصصين فى الضرائب فى «أوكسفام أيبيس» فى كوبنهاغن، قال إن شعور بعض الدول النامية بالتهميش فى محادثات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية قد يجعلها مترددة فى التخلى عن خططها لاستهداف شركات التكنولوجيا، ما قد يتسبب فى حدوث مواجهة شرسة.