بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
هل من حق المصريين والعرب أو حتى غالبيتهم أن تفرح لفوز باراك أوباما بفترة رئاسية ثانية؟!.
هناك اتجاهان: الأول يقول إن فوز أوباما هو أفضل لنا وبالتالى يحق لنا الشعور بالراحة على الأقل، والاتجاه الثانى يقول إنه لا فرق بين الاثنين وأن «الحاج أوباما زى الحاجة رومنى».
شخصيا أميل إلى رأى الطرف الأول السعيد بفوز أوباما مع إبداء الكثير من التحفظ على الخطوات التى تتبع هذه السعادة.
نحن العرب والمسلمين أدمنا الرهان على الآخرين وكنا نعتقد لسنوات أن فوز رئيس معين فى الولايات المتحدة، أو حتى صعود حزب معين فى إسرائيل كفيل بحل القضية الفلسطينية وإعادة حقوقنا السليبة وجعل الاخرين ينظرون بعين الاحترام لنا.
تفكيرنا العربى يعتقد أن سلطات الرئيس الأمريكى بلا حدود مثل حكامنا، وانه قادر على ان يقول ــ استغفر الله ــ للشىء كن فيكون، وننسى دائما أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات حقا وليس شعارا، وأن الكونجرس بمجلسيه وهيئات ولوبيات وتوازنات ورأى عام وصحافة ومؤسسات متنوعة تعرقل وتحد كثيرا من سلطات الرئيس.
بالطبع هناك فروق بين الأشخاص ولا يمكن مقارنة أوباما المنفتح برومنى المتطرف، مثلما لا يمكن مقارنة بيل كلينتون الديمقراطى بجورج بوش الابن الجمهورى.
هذه الفروق مهمة وتلعب أحيانا دورا مهما لكنه ليس الدور الرئيسى أو الحاسم.
إذا أردنا أن نجرب ذلك على أنفسنا على سبيل المثال نقول إننا سنفترض أن أوباما يريد من كل قلبه أن يحل القضية الفلسطينية، وأنه لا يكن الكثير من الود لنتنياهو أو للسياسات التوسعية الإسرائيلية، لكن فى المقابل فإن العرب متفرقون والفلسطينيين منقسمون واللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة وأوروبا قوى.. إذا كان المشهد كذلك فإن أوباما رغم كل نواياه الحسنة لن يفعل شيئا.
الذى سيدفع أوباما أو أى رئيس غيره، أو حتى نتنياهو لكى يتحرك لإعادة الحقوق العربية هى شعورهم أن ثمن احتلالهم للأرض العربية أعلى كثيرا من ثمن احتفاظهم بهما.
فى عام 1992 ضغط جورج بوش الأب الجمهورى على الحكومة الإسرائيلية وجمد لها قروضا بعشرة مليارات دولار، لأن المصالح الأمريكية العليا فى ذلك الوقت كانت تتطلب الضغط على تل أبيب.
إذن المسألة ببساطة أننا نحن وليس أى طرف آخر ــ وعندما نكون أمة ديمقراطية ومتقدمة حقا ــ الذى سيجبر حكام أمريكا وإسرائيل وغيرهما على إعادة حقوقنا. ولنسأل أنفسنا لماذا تحترم أمريكا الصين رغم كل الخلافات التجارية والاقتصادية والأيديولوجية بينهما؟! ببساطة لأن الصين قوية.
مفتاح حل القضية الفلسطينية، ومفتاح وجود علاقات عربية مع الولايات المتحدة تقوم على الندية موجود عندنا هنا فى المنطقة.
وعندما يكون هناك توافق سياسى فعلا، وعندما ننبذ المتطرفين جانبا، وعندما نحترم حقوق الإنسان، وعندما نؤمن فعلا بالتعددية وعدم الادعاء باحتكار الحقيقة، وعندما، وعندما… إذا حدث ذلك فسوف يحترمنا الآخرون حتى لو كانوا الصهاينة أنفسهم. عندما يهنى المرشح العربى الخاسر فى الانتخابات زميله الفائز، وعندما يعلن الفائز أنه سيجلس مع المرشح الخاسر للاستفادة من أفكاره، وعندما يؤمن الجميع بقواعد اللعبة الديمقراطية فعلا، وقتها ربما سيكون هناك أمل.
مبروك لأوباما، ولا نأسف على خسارة رومنى.








