كان كاساهارا يوشيهيسا، مدير «هيجو بنك» المقرض فى جنوب اليابان، يشعر بالفخر بينما يشرح خطط رفع الأجور؛ حيث ستشهد أجور العاملين بالمؤسسة ارتفاعاً قدره 3%، إضافة للزيادات المعتادة بناءً على الأقدمية.
لكن عندما تم سؤاله عن المرة الأخيرة التى شهد فيها الموظفون زيادة كهذه، علت نظرة خجولة وجهه وهو يعترف «28 عاماً».
«هيجو بنك» ليس استثناءً؛ حيث ارتفعت الأجور السنوية الاسمية فى اليابان بنحو 4% فقط من 1990 إلى 2019، مقارنة بزيادة 145% فى الولايات المتحدة، طبقاً لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وتؤكد النقابات، أن الاستقرار الوظيفى أهم من زيادات الأجور، فيما يتردد الرؤساء فى رفع الأجور على أثر نمو الإنتاجية المنخفض، وهذا أعاق الجهود المبذولة للهروب من الانكماش أو انخفاض التضخم.
وهكذا حافظ بنك اليابان على موقفه المتشائم رغم ارتفاع التضخم الرئيسى بنسبة 4% خلال العام الجارى، حسبما ذكرت مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية.
لكن البيانات الأخيرة تشير إلى احتمالية حدوث تغيير، إذ تشير مفاوضات الأجور للعام الجارى إلى أسرع نمو فى الأجور منذ 30 عاماً.
هذا ما يصفه دانيال بليك، من بنك «مورجان ستانلى»، أحد البنوك الاستثمارية، بأنه «أكبر نمو على المستوى الشامل فى اليابان منذ عقد».
وبالنسبة ليودو كازو، الذى تولى منصب محافظ بنك اليابان فى 8 أبريل، فإنَّ البيانات ستكون عاملاً حاسماً فى قرار تشديد السياسة من عدمه.
ويتطلب تحليل أرقام الأجور اليابانية فهم التعقيدات المحلية؛ حيث تُحدد الأجور عندما تجتمع الشركات والنقابات لإجراء مفاوضات سنوية.
وتتكون الأرقام الرئيسية من جزأين؛ وهما الزيادة المجدولة على أساس الأقدمية، و«الأجر الأساسى»، وللأخير تأثير أكبر على النفقات المعيشية للأسر، بالتالى احتمالية التأثير على التضخم.
وطبقاً للأرقام التى نشرها اتحاد النقابات العمالية اليابانى فى 5 أبريل، سترتفع الأجور الأساسية بمعدل 2.2%، وإجمالى الأجور الرئيسية بمعدل 3.7% هذا العام، مقارنة بـ0.5% و2.1% العام الماضى.
وكانت الشركات الكبرى سخية بشكل خاص؛ حيث منح عملاق الملابس «فاست ريتيلينج»، الذى يمتلك علامات تجارية خاصة بما فيها «يونيكلو»، موظفيه المنتظمين زيادات تصل إلى 40%.
وستستمر البيانات فى التدفق حتى يوليو المقبل حينما تعلن الشركات الصغيرة والمتوسطة عن نتائجها.
ويعتقد بنك «جولدمان ساكس» أن الرقم النهائى للأجر الأساسى سيستقر عند نمو نسبته 2%، وهو أعلى مستوى منذ 1992.
وارتفعت أسعار المستهلك بوتيرة غير مسبوقة منذ أربعة عقود، وبالرغم من أن معظم الارتفاع يأتى من عوامل زيادة التكلفة، مثل الغذاء والطاقة المستوردة، فإن الأرقام الرئيسية المرتفعة عززت التوقعات وفرضت ضغوطاً على الرؤساء فى العمل.
كما يقول كاساهارا، مدير «هيجو بنك»، إن «الشركات تتحمل مسئولية توفير أجور تتناسب مع التضخم، وليس فقط الشركات الكبرى فى طوكيو».
كما لعبت أسواق العمل المتشددة دوراً، حيث عوضت اليابان تقلص عدد سكانها بجلب المزيد من النساء وكبار السن إلى القوى العاملة فى الأعوام الأخيرة، لكن هذه الفرص تقترب من الحد الأقصى.
وبالنسبة لكل من الموظفين وبنك اليابان، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كانت الزيادات عرضاً طارئاً أو تغييراً مرحلياً، خاصة أن المكاسب الكبيرة المحققة خلال العام الجارى قد لا تكون كافية لتهدئة صُناع السياسة.
وقال كورودا هاروهيكو، المحافظ السابق لبنك اليابان، إن هناك حاجة إلى نمو أكبر فى الأجور لتحقيق هذف التضخم البالغ 2%.
وفى مؤتمره الصحفى الأخير كمحافظ لبنك اليابان، قال كورودا إنه بالرغم من أن مفاوضات الأجور كانت مشجعة، فإن التيسير النقدى لا بد أن يستمر.







