“حتى لو كان التعتيم سمة من سمات الأسواق الخاصة؛ لكن لا ينبغي لها أن تتحول إلى خلل يصيب النظام المالي الأوسع.”
إن دفع رسوم عالية لحفظ أموالك عدة سنوات، في صناديق أصولها ذات قيمة غير مؤكدة، يبدو وكأنه نقيض لأي خطة مدروسة للاستثمار.
لكن بالنسبة لمديري صناديق رأس المال الخاص – الذين يضعون أموال المستثمرين في الأسهم، والائتمان، والعقارات، وغيرها من الأصول البديلة التي لا يتم تداولها علناً – كان نموذج أعمال مربحاً.
ومع وصول أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية، توافد المستثمرون المؤسسيون على العائدات الأعلى التي تقدمها الأصول الخاصة.
ولكن مع تلويح البنوك المركزية الآن، إلى أن أسعار الفائدة ستظل أعلى لفترة أطول، فإن الهيئات التنظيمية تشعر بالقلق بشكل يمكن استيعابه بشأن المخاطر الخفية في القطاع الغامض.
نمت الأصول الخاضعة للإدارة في الصناديق الخاصة على مستوى العالم بأكثر من خمسة أضعاف منذ عام 2008 لتصل إلى نحو 13 تريليون دولار الآن.
وتاريخيا تحقق الأسواق الخاصة عوائد أكبر في المتوسط. لكن البيئة الاقتصادية أصبحت غير مواتية بنسبة كبيرة، ولم تعد التقييمات العالية والتمويل مدعومة بفوائد منخفضة.
وقد تواجه الشركات فى محافظ الصناديق الخاصة الآن ، مزيدا من الصعوبات في الحصول على القروض وتحقيق الأرباح، وسط التباطؤ الاقتصادي.
كما أن التخلف عن سداد القروض، وحرق الأسعار لجمع الأموال، وانخفاض التقييمات، كلها عوامل تشكل مخاطر متزايدة.
ومع ترابط التمويل الخاص مع النظام المالي الأوسع، فإن أي تداعيات قد تكون لها أيضاً آثار واسعة النطاق. وفي الواقع، أعلنت هيئة مراقبة الاستقرار المالي العالمية يوم الجمعة التحقيق في مستوى الرافعة المالية لصناديق التحوط، التي غالباً ما تمتلك أصولاً خاصة.
وتتطلب التقييمات تدقيقًا خاصًا، وعادة ما يتم تقييم الأصول الخاصة على أساس ربع سنوي، ما يعني أن التصحيحات الحادة في السوق تتم متأخرة.
ويتمتع مديرو الصناديق ببعض السلطة التقديرية بشأن تسعير أصولهم لأن ممتلكاتهم لا تخضع للتقلبات اليومية لمعنويات السوق العامة، كما هو الحال مع الأصول المدرجة.
“نمت الأصول الخاضعة للإدارة في الصناديق الخاصة على مستوى العالم بأكثر من خمسة أضعاف منذ عام 2008”
وفي نهاية المطاف، فإن تقييم الشركات الناشئة غير التقليدية يستلزم وجود أحكام تقديرية.
لكن هذا الحيز يمكن أن يحفز مديري الصناديق على تقديم نتائج وردية بشكل مفرط، بما في ذلك من خلال المبالغة في تقدير القيم والتقليل من المخاطر.
وفي حين أنه من غير الواضح مدى انتشار ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن التقييمات الخاصة كانت مرتفعة بشكل غير واقعي مقارنة بالأصول المدرجة في البورصة.
الصناعة لديها بالفعل قواعد ومعايير معمول بها للتقييمات، إذ تحدد المبادئ التوجيهية الدولية لتقييم الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري أفضل الممارسات.
وتتطلب اللوائح الأوروبية أيضًا إجراء عمليات تدقيق سنوية لمنهجيات التقييم، إلى جانب التقييمات ربع السنوية.
واستجابت هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية مؤخراً للمخاوف من خلال إصدار أوامر إلى الصناديق بإجراء إفصاحات أكثر شمولاً لمستثمريها أيضاً.
ومع ذلك، يتعين على الهيئات التنظيمية أن تعمل على تطوير فهم أعمق للمخاطر التي تنطوي عليها أسواق رأس المال الخاص.
ولعل عدم الوضوح بشأن طبيعة ومدى تفحل ممارسات التقييم السيئة يعني أن السلطات بحاجة إلى التأكد من مدى جودة تطبيق المعايير الحالية قبل أن تقرر ما إذا كانت بحاجة إلى تشديد أم لا.
وتبدو الخطط التي وضعتها هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة لمراجعة عمليات إدارة التقييم لمديري الصناديق مرحب بها.
ويرى البعض أن المستثمرين المتمرسين في السوق الخاصة لا يحتاجون إلى الحماية.
ولكن نظرا للعواقب النظامية المحتملة، فإن الدفع نحو قدر أكبر من الشفافية سواء في أسواق رأس المال الخاص، أو عبر القطاع غير المصرفي بشكل أكثر عمومية، يشكل ضرورة أساسية.
وتدعم أسواق رأس المال الخاص النمو الاقتصادي من خلال توفير التمويل طويل الأجل.
ويجب أن تتجنب الجهود المبذولة لتشخيص وتخفيف مخاطر التقييم في القطاع، أن تكون توجيهية بشكل مفرط أو مكلفة بشكل غير ضروري.
وينطوي تسعير الأصول غير المدرجة دائمًا على اختلافات تفسيرية وبعض الاختلاف عن الأسواق العامة.
لكن هذا لا ينبغي أن يمنح مديري الصناديق الحرية في تجاهل الواقع، حتى لو كان التعتيم سمة من سمات الأسواق الخاصة؛ لكن لا ينبغي لها أن تتحول إلى خلل يصيب النظام المالي الأوسع.
أعدته للنشر: أماني رضوان
المصدر: افتتاحية فاينانشيال تايمز






